الطبيعة والعلوم البيئية > ورقو الأخضر شهر أيلول

المبيدات الحشرية

تُعرَف المبيدات الحشرية بأنها كل مادة تستخدم لقتل أشكال معينة من الحياة النباتية أو الحيوانية (التي يمكن أن تكون ضارة "آفة") أو تثبيطها أو السيطرة عليها. إذًا فقد صُمِّمَت هذه القاتلات البيولوجية أصلًا لتكون سامة بهدف قتل الحشرات أو الحشائش أو القوارض أو الفطريات أو المستعمرات الحية الأخرى التي يمكن أن تُهدِّد الصحة العامة والاقتصاد، أو تقليلها على أقل تقدير.

فتعمل على استهداف الأنظمة أو الأنزيمات الموجودة في هذه الآفات التي قد تكون متطابقة للأنظمة أو الأنزيمات لدى البشر أو مشابهة جدًّا لها؛ ما يعني أنها تُشكِّل مخاطرَ على صحة الإنسان من جهة وعلى النظام البيئي من جهة أخرى.

 ولكن بالمقابل فلها الكثير من الآثار المفيدة، واستخدمت في مجالات عديدة شملت الزراعة والطب البيطري وعمل المؤسسات، بل وشملت الاستخدام المنزلي أيضًا، إضافة إلى أنها استخدمت للوقاية من الملاريا التي تقتل ما يصل إلى مليون طفل سنويًّا، ومن بعض الأمراض المنقولة الأخرى مثل حمى الضنك وداء الليشمانيات.

وتختلف أشكالُ وجود المبيدات الحشرية؛ فقد نجدها بشكل سائل أو هلام أو معجون أو مسحوق أو حبيبات أو طُعوم، إضافة إلى العديد من الأشكال الأخرى، وتختلف تراكيز المواد الفعَّالة ضمن هذه الصياغات المختلفة فتتراوح من 2٪ إلى 80٪، وكذلك تختلف طريقة حفظها واستخدامها أيضًا، فقد توضع ضمن قوارير زجاجية أو بلاستيكية أو معدنية، أو أكياس بلاستيكية أو ورقية وغيرها.

وهكذا نرى أن هناك تنوعًا كبيرًا في أصناف المبيدات الحشرية، وسنتعرف إلى الأكثر استخدامًا منها مصنفة حسب الآفات التي تقتلها (أي حسب الاستخدام) إلى:

·     المبيدات الحشرية (Insecticides): المستخدمة لقتل الحشرات، مثل الكلور العضوي والفوسفات العضوي والكاربامات، وتشمل هذه الفئة أيضًا المواد الطاردة للحشرات مثل ثنائي إيثيل تولو أميد (DEET) وزيت السترونيلا ذي المنشأ الطبيعي.

·        مبيدات الأعشاب الضارة (Herbicides or weedkillers): مثل الباراكوات، والبروبانيل.

·        مبيدات الفطريات (Fungicides): لقتل العفن أو الفطريات.

·        مبيدات القوارض (Rodenticides): لقتل الفئران والجرذان والقوارض الأخرى.

·        المبخرات (Fumigants): وهي مبيدات حشرية توجد غازًا أو بخارًا في درجة حرارة الغرفة، وتستخدم في أماكن التخزين المغلقة على نحو خاص كونها تقتل كلَّ المستعمرات الحية الممكنة الوجود، وتعدُّ شديدةَ السمية نظرًا إلى خواصها الفيزيائية وانتشارها السريع في البيئة وقابلية امتصاص الإنسان والحيوان لها، ومن أبرز أمثلتها السيانيد، فوسفات الألمنيوم، وبروميد الميثيل.

·        مبيدات أخرى: كالمواد التي تقتل الطحالب (algaecides)، والمبيدات التي تقتل العثّ (miticides) والتي تقتل القُراد (acaricides).

تختلف أنماط توزُّع المبيدات وديمومتها في البيئة، ومع ذلك نجدها كلها تنتشر عبر الهواء والتربة والماء بطريقة أو بأخرى، وتعدُّ معرفة هذا التوزع أمرًا مهمًّا في سبيل معرفة مدى التعرُّض الواقع - -تعرّض حاد أو تعرّض مزمن- بأخذ فكرة أن الهواء والماء والتربة هي وسائل هذا التعرض بعين النظر. وتنتقل للكائنات الحيّة عبر الهواء مثلًا بعدّة طرائق مثل الغازات القابلة للاستنشاق الملوثة بالمبيدات، الضباب الجوي المتشكّل في أثناء الرش، والبخار الناتج من المخلفات الطيارة للمبيدات. أمّا عبر التربة فهي تنتقل عن طريق اليد الملوثة إلى الفم، أو الزحف على الأرض أو حتى التماس الجلدي مع التربة.

يوضح المخطط الطرائق التي تتبعها المبيدات المستخدمة زراعيًّا (رشًّا أو بشكل حبيبات أو بحال استُخدِمت في مرحلة معالجة البذور) والمواقع التي تعمل عليها في المستعمرات المستهدفة.

وتختلف هذه الطرائق بين الانبعاث، والانجراف، والترسيب، والرشح، والتطاير وغيرها.

عندما يُطبَّق المبيدُ على الآفة المستهدفة مباشرة يتأثر الموقع بأكمله متضمنًا نباتات المحاصيل والكائنات الحية، وربما الإنسان والحياة البرية في المنطقة المجاورة، وقد تتسبب الانبعاثات أو الانجراف بتخلل جزء منه إلى الهواء أو إلى المياه السطحية أيضًا. 

فعند دخول الموقع المستهدف؛ يمكن للمبيد أن يبقى في المياه السطحية فيصل منها إلى الكائنات المائية ويمكن له أن يتطاير في الهواء، وبهذا يصل من الهواء إلى الإنسان أو الحياة البرية أو النباتات أو إلى التربة، أوقد يتسرَّب من الحيوانات أو النباتات (الآفة المستهدفة) -حيث طُبِّق المبيد- إلى المياه الجوفية.

يعتمد ثبات المبيد على خواصه الفيزيائية والكيميائية (معاملات التوزع والتحلل والترسب)، إضافة إلى خصائص البيئة والمناخ أيضًا؛ إذ تأخذ خصائص المناخ دورًا في الثبات، فقد أظهرت الدراسات في القطب الشمالي أن المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب تكون أكثر ثباتًا بقرابة 3 مرات إلى 8 مرات في المناخات الباردة مقارنة بالمناخات المعتدلة. 

وللخصائص البيئية دور مهم في السمِّية أيضًا، فعلى سبيل المثال هناك بعض العوامل تسبب تفاقم آثار السمية المائية للمبيدات الحشرية مثل انخفاض نسبة الأكسجين الذائب في الماء أو ارتفاع درجات الحرارة. 

وتتميز بعض المبيدات بكونها شديدة الثبات في البيئة؛ ما يجعلها تُمثِّل أخطارًا طويلة الأمد لأنها تتضخم في السلسلة الغذائية، ومبيدات الآفات الثابتة هذه (وغالبًا ما تعرف باسم الملوثات العضوية الثابتة persistent organic pollutants (POPs)؛ وهي عادة مركبات كارهة للماء منخفضة القابلية للذوبان فيه، تقاوم التدرك البيئي وتتراكم في الأنسجة الدهنية، وقد عثر على أعلى مستويات منها في الثدييات البحرية.

منها الألدرين aldrin، الإندرين endrin، الكلوردان clordane، الدي دي تي DDT، سباعي الكلور heptachlor، الميركس mirex، التوكسافين toxaphene، وسداسي كلورو البنزن hexachlorobenzene.

وعلى الرغم من حظر استخدامها في المجال الزراعي والمنزلي في مناطق عدة، لكن بعضها -كمبيدات الآفات الكلورية العضوية- لا تزال مستخدمة؛ فعلى سبيل المثال يستخدم DDT للسيطرة على الملاريا في بعض البلدان النامية.

وفي المسح الذي أجرته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) لمراقبة المياه الجوفية والسطحية لـ 76 مبيدًا حشريًّا ولـ 7 أنواع من فضلات اصطناع هذه المبيدات، كان 90٪ من الجداول و50٪ من الآبار التي اختبرت حاوية على مبيد آفات واحد من المبيدات المُختبرة على الأقل.

وهكذا نجد أنه على الرغم من الأثر الإيجابي الواضح الذي تتركه المبيدات الحشرية في المجالَين الزراعي والاقتصادي وغيرهما؛ فلا بدَّ لنا من التأنّي والتفكُّر ووضع الخطط الناظمة والصارمة لترشيد استخدامها والتعامل معها نتيجة  لتأثيراتها السلبية السابقة الذكر.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا