الطب > مقالات طبية

الكاتاتونيا

الكاتاتونيا (أو الجامود): هي حالة من عدم الاستجابة الظاهرة للمنبهات الخارجية، وعدم القدرة على الحركة على نحو طبيعي عند إنسان يبدو مستيقظًا، وهي متلازمة حركية نفسية ارتبطت تاريخيًّا بالفصام*. وأيضًا ظنَّ العديد من المختصين أن انتشار هذه الحالة تناقصَ في العقود الأخيرة، ولكن تُبيِّن الدراسات أن الكاتاتونيا ليست ظاهرة مرافقة للفصام فحسب، وأنها ما تزال شائعة في الممارسة السريرية.

ترتبط العديد من الحالات المشاهدة بوجود اضطراب معين؛ إذ ترافق العديد من الحالات العصبية والنفسية والاستقلابية والسمية، أو قد تكون من طبيعة مجهولة.

وللكاتاتونيا ثلاثة أنواع:

1) الكاتاتونيا المرتبطة بمرض عقلي آخر.

2) الكاتاتونيا بسبب حالة مَرَضية أخرى.

3) الكتاتونيا غير المعروفة السبب.

الأعراض والعلامات:

قد تظهر الكاتاتونيا على نحو حادٍّ عند مرضى الأمراض العقلية الشديدة الوطأة أو عند المرضى الذين يعانون اضطرابات صحية أخرى. ويتضمن السلوك الكاتاتوني العديدَ من التظاهرات:

- خَرَس (غياب الكلام).

- سلبية في أثناء الفحص (أداء حركات معاكسة لأوامر الفاحص).

- إعادة حركات الغير. 

- إعادة أصوات الغير.

- المرونة الشمعية. (عندما يُحرِّك الفاحصُ جسدَ المريض؛ يُحافظ المريض على الوضعية الفيزيائية التي وضعه بها الفاحص).

- الانسحاب من المحيط (غياب الاستجابة للبيئة المحيطة).

وقد تتظاهر الكاتاتونيا بحالة أخرى تتجلى باندفاعٍ زائدٍ عند المريض وحماسٍ وإقدامٍ على الشجار وعدم استقرارٍ ذاتي.

وتعدُّ المراجعةُ الشاملةُ للحالات السابقة ضروريةً من أجل الكشف عن الأسباب المحتملة للسلوك الكاتاتوني، ثم إنه يجب أن يسأل الطبيب عند أخذ القصة المرضية عن كلٍّ من:

1) أحداث سريعة محتملة كالإنتان أو الصدمة أو التعرض للسموم وغيرها من المواد.

2) حوادث كاتاتونية سابقة مشابهة.

3) تناول مضادات الذهان أو مواد أخرى مرتبطة بالكاتاتونيا.

4) وجود اضطرابات مَرَضية كالفصام واضطرابات المزاج والحالات المَرَضية الأخرى وظروف ولادة مضطربة.

ويجب أن يشمل الفحص السريري للمريض تقييمَ حالة المريض (جمود/هياج)، وملاحظة إذا كان المريض يُكرِّر حركات معينة (تحريك الفك المستمر، حركة العين المتكررة، النقر المستمر بالأصابع)، وملاحظة وجود ظاهرة السلبية: وهي إمّا مقاومة المريض التحريك الفاعل لأطرافه والذي يؤديه الفاحص، وإما تحريك المريض طرفَه بشدة استجابةً لتحريكٍ خفيف يُؤديه الفاحص على الرغم من طلبه من المريض بأن يبقى ساكنًا.

التشخيص:

يمكن أن تساعد الفحوص المخبرية (كتعداد دم كامل، والتحليل الكيميائي للدم) اختبارات وظائف الكبد، ويُعدُّ التصويرُ الطبي (كالتصوير الطبقي المحوري، الرنين المغناطيسي، التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني) أساسيًّا  لكشف الاضطرابات المرضية القابلة للعلاج ومتابعتها، وكذلك يعدُّ تخطيط الدماغ الكهربائي الإجراءَ الرئيس لنفي حالة صرعية أو آفة شاغلة لحيز.

التدبير:

حاليَّا وعمومًا؛ لا يوجد معايير معتمدة ومتفق عليها لعلاج الكاتاتونيا، وتتنوع طرائق العلاج ونتائجه وفقًا للدراسات، لكن عمومًا تتشابه نتائج هذه الدراسات نوعًا ما؛ مما يثبت الفعالية السريرية لهذه العلاجات ويعطي أملًا بدراسات مستقبلية.

يُعدُّ تشخيص الاضطرابات الكامنة للكاتاتونيا وعلاجها حجرًا أساسيًّا في علاج هذه المتلازمة، وأيضًا تعدُّ المعالجة السريعة أساسية للمراحل الباكرة من الكاتاتونيا من أجل الحصول على هجوع مستمر للأعراض، ولذلك يجب كشف الحالات المرضية القابلة للعلاج بالسرعة القصوى.

تتضمن المعالجة الدوائية زمرًا عديدةً من الأدوية، وأظهرت نتائج الدراسات أنّ المعالجة التي يوجد دليل على نجاحها السريري هي كلٌّ من العلاج بالبينزوديازيبينات والعلاج بالتخليج الكهربائي**.

يجب أن نجري التخليج الكهربائي في حال عدم نجاح العلاج بجرعة عالية من البينزوديازيبينات، وكذلك فإنَّ الإصابة بالكاتاتونيا الخبيثة يستدعي التدخل الإسعافي والبَدء بالتخليج الكهربائي. 

تعدُّ الكاتاتونيا الخبيثة -أو ما كان يُدعى بالكاتاتونيا المميتة- أكثر أشكال الكاتاتونيا شدةً، وتُعدُّ ظاهرةً مهددةً للحياة يمكن أن تتطور في سياق المتلازمات النفسية الحركية أو الأمراض الجهازية الأخرى، وتتظاهر -كما الأنماط الأخرى- بالجمود والصمل والخرس واللدونة الشمعية والإصابات العضلية والذهول والتحديق المستمر وتقليد أصوات الآخرين وحركاتهم.

 ويعدُّ الفصامُ أكثرَ الأمراض المحرضة للكاتاتونيا الخبيثة، إلى جانب ترافقها مع الاكتئاب والأمراض الاستقلابية والتعرض للسموم. وعلى الرغم من خطورة إحداثها الموت؛ ولكن تشخيصها صعب ويتأخر في أغلب الأحيان. تُجرى المعالجة بالبنزوديازبينات والتحريض الكهربائي، وقبل هذه المقاربة العلاجية تجاوزت نسبة الوفيات 50% من مجمل الحالات، ولكن حديثًا مع تطبيق المعالجة الثنائية انخفضت نسبة الوفيات، ويحصل ما يقارب 80% من المرضى على هجوع تام.

*الفصام: هو اضطراب نفسي خطير، يمكن أن يصاب المريض بإهلاسات وتوهمات، واضطرابات في التفكير والسلوك، قد يعيق أو يعطل المريضَ عن أداء وظائفه اليومية.

 لمعرفة المزيد عن الفصام يمكنكم العودة إلى مقالنا:

هنا

**التخليج الكهربائي Electroconvulsive Therapy: هو إجراء يُجرى تحت التخدير العام؛ إذ تمرَّر تيارات كهربائية بسيطة في الدماغ تُحرِّض نوبة دماغية بسيطة. يوصف بأنه علاج فعال وآمن للعديد من الاضطرابات النفسية، إضافة إلى كونه من أسرع الطرائق التي تخفف الأعراض الشديدة.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

مصادر الحاشية:

6- هنا

7- هنا