العمارة والتشييد > التصميم المعماري

هل اكتُشف سر بناء الأهرامات؟!

نشرَ ثمانيةُ علماء فيزياء بتاريخ التاسع والعشرين من شهر نيسان عام 2014 من جامعة أمستردام في هولندا University of Amsterdam ومؤسسةِ فوم للأبحاث FOM في موقع أبحاثِ الفيزياء الشهيرPhysical Review Letters ورقةً بحثيَّةً يُعتَقدُ أنها كشفت سرَّ بناء الأهرامات، وقد اطلع الباحثون السوريون على النسخة الكاملة من هذا البحث (الرابط في المصادر).

عنوانُ ورقة البحث هو "الاحتكاك الانزلاقي على الرمل الرطب والجاف" Sliding Friction on Wet and Dry Sand درسَ فيها العلماء سلوكَ المواد الحبيبية كالرمال المعرَّضة لنسبٍ مختلفةٍ من الرطوبة وتأثيرها على صلابةِ الرمل ومعامل الاحتكاك، فأظهرت أنَّ معاملَ الاحتكاك يتعلَّق مباشرةً بطبيعةِ معامل القص للمواد وكذلك معامل التشتت المتعدِّد Polydispersity.

صُنِعت في التجارب المخبرية مزلاجاتٌ مشابهةٌ لتلك التي يُعتقد أنَّ المصريين القدماء قد استخدموها، وبتحريكِ هذهِ المزلاجات المحمَّلة بأوزانٍ مختلفةٍ على طبقةٍ من الرَّمل المشابه لرمالِ الصحراء المصرية، اكتشف العلماء أنَّه بإضافةِ كميَّةٍ صغيرةٍ من الماء لترطيب الرمل بما لا يزيد عن 5%، يقلُّ معاملُ الاحتكاك بين الرَّمل والمزلاج بوضوح، فيحتاج سحبُ المزلاجات إلى استخدامِ قرابة نصف قوَّةِ السحب المتوجِّب استخدامُها لسحب الوزن نفسه على طبقةٍ من الرمل الجاف، ولكن إذا زادت رطوبةُ الرمل عن 5% يزيدُ معامل الاحتكاك مرَّةً أخرى، وتصبحُ عمليَّةُ سحب المزلاج أصعبَ مجددًّا.

والسببُ المباشرُ في ذلك بنيةُ الجسورِ الشعريَّةِ المائية المتشكِّلة Capillary Water Bridges التي تربطُ بين حبَّات الرمل وتجعلُ الرَّمل أصلب وقادرًا على تحمُّل الوزنِ الثَّقيل للمزلاج والأحجار، وتتحطَّم هذه القنوات الشعريَّة عندَ إضافةِ نسبٍ أكبر من الماء وتُفقِدُ الرملَ تماسُكه، ونستطيعُ ملاحظة هذه الظاهرة عند بناءِ قلاعِ الرِّمال على شاطئ البحر، فهي تحتاجُ نسبةً محدَّدةً من الماء للحفاظ على تماسُكها وشكلِها.

يعتقدُ الباحثون إمكانية استخدام المصريين القدماء هذه الحيلة الذكيَّة في نقل الأحجار الثقيلة التي استُخدِمت في بناء الأهرامات، إذ تُظهِرُ إحدى اللوحات الجدارية القديمة 1880 ق.م في قبرِ دجيهوتيهوتيب Djehutihotep بوضوح رجلًا يصبُّ الماء على الرمل أمامَ المزلاج الخشبي الذي يحملُ تمثالًا ضخمًا ويجرُّه عددٌ كبيرٌ من العبيد؛ 172 شخصًا، وعلى الرغم من اعتقاد علماء الآثار أنَّ صبَّ الماء بهذه الطريقة نوعٌ من الطقوس المتبَّعة آنذاك، لكنَّ علماء الفيزياء يربطون بين اللوحة واكتشافهم الجديد، الذي قد يشكِّل باعتقادهم مفتاحًا لمعرفةِ الأسلوب الذي استخدمه الفراعنة في بناء هذه الأهرامات الضخمة.


وتبقى مجموعةٌ من الأسئلة عالقةً، فهل استخدم الفراعنةُ النسبَ الصحيحة من الماء؟ ويشكِّلُ سحبُ الحجارةِ إلى موقع البناء جزءًا من العمل، ولكن ماذا عن رفعها إلى الأعلى؟

بعيدًا عن الأهرامات تبقى لنتائج البحث الأساسية أهميةٌ كبيرةٌ لكشفها بعض سلوكِ المواد الحبيبية كالرمال عندَ إضافةِ سوائل مختلفة إليها، ولها تطبيقاتٌ كثيرةٌ في تحسينِ طرقِ النقل والمواصلات التي تستنزف قرابة 10% من الطاقة في العالم.

المصادر:

هنا

هنا