التعليم واللغات > اللغويات

قوة اللغة وقدرة الكلمات على بلورة الشخصيات والثقافات

يُعدُّ كل من الكتابة والتحدث والقراءة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فاللغة هي الأداة الأساسية للتعبير والتواصل، ودراسة كيفية استخدام الناس للُّغة (الكلمات والعبارات التي يختارونها ويصيغونها في اللاوعي) بإمكانها أن تساعدنا على فهمِ أنفسنا فهمًا أفضل ومعرفةِ الأسباب التي تجعلنا نفعل ما نفعله.

يسعى علماء اللغويات إلى تحديد كلِّ ما يميز اللغة التي نستخدمها ويجعلها ذات طابع عالمي، وتحديد كيفية اكتسابها، والسبل التي تجعلها تتغير مع مرور الوقت، فالعلماء يَعدُّون اللغة ظاهرةً ثقافية واجتماعية ونفسية.

ويقول (دان جورافسكي)، أستاذ العلوم الإنسانية في جامعة (جاكسون إيلي رينولدز) ورئيس قسم اللغويات في كلية العلوم الإنسانية في جامعة (ستانفورد): "إنَّ فهمَنا لسبب اختلاف اللغات ولشكل هذا الاختلاف يكشف لنا عن نطاق ما هو إنساني. ويُمكن أن يساعدنا اكتشافُنا للجانب العالمي من اللغات على إدراك جوهر إنسانيتنا."

سنورد أدناه بعض الطرائق التي أجرى بها اللغويون الأبحاث على عديد من جوانب اللغة، بما في ذلك علم دلالات الألفاظ، والنحو، وعلم إنتاج الأصوات وعلم الصوتيات، والجوانب الاجتماعية والنفسية والمتعلقة بعلوم الحاسوب.

فهم الصور النمطية

يدرس اللغويون وعلماء النفس في جامعة (ستانفورد) الطريقة التي يفسِّر بها الناس اللغة ويترجمونها بها، ووفقًا للأبحاث يمكن أن نُرجِع حتى أصغر الاختلافات في استخدام اللغة إلى معتقدات المتحدثين المتحيزة.

أظهرت إحدى الدراسات أنه حتى الجملة التي قد تبدو للوهلة الأولى خاليةً من أية إيحاءات خطرة، كالجملة الآتية: "الفتيات جيدات مثل الصبيان في الرياضيات"، يمكن أن تُرسِّخ على نحو غير ملحوظ القوالبَ النمطية التي تنطوي على تحيزٍ جنسي، وأردف الباحثون قائلين إن تركيبةَ الجملة النحويةَ تشير إلى أن التميزَ في الرياضيات أكثرُ شيوعًا أو صفةٌ أكثر طبيعية لدى الصبيان منها إلى البنات؛ وبذلك يمكن أن تؤدي اللغة دورًا كبيرًا في تشكيل نظرتنا ونظرة الآخرين إلى العالم، ويعمل اللغويون لاكتشاف الكلمات والعبارات التي يمكن -دون علمنا- أن تؤثر فينا وتلهمَنا.

كيف يُغني تعلم اللغات الأخرى لغتَنا؟

يتحدث الناس نحو 7000 لغة حول العالم، وعلى الرغم من وجود الكثير من القواسم المشتركة بين اللغات فإن كل لغة فريدةٌ من نوعها سواء أكان ذلك في تركيبها أم في الطريقة التي تعكس بها ثقافةَ متحدثيها.

يقول (جورافسكي) إنه من المهم دراسة لغات أخرى غير لغتنا ومعرفة طريقة تطورها بمرور الوقت؛ لأن ذلك يمكن أن يساعد العلماء على فهم الأُسس التي تكمن وراء طرائق البشر الفريدة في التواصل بعضهم مع بعض، ويُضيف (جورافسكي) قائلًا: "يمكن أن تساعدنا هذه الدراسة على اكتشاف ما يعنيه أن تكون إنسانًا".

اللغة مرآة عاكسة لسلوكنا

يحلِّل اللغويون كيفيةَ توافق أنماطٍ معينة من الكلام مع سلوكياتٍ معينة، بما في ذلك طريقة تأثير اللغة في قرارات الأشخاص أو حتى في استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وفي أحد الأبحاث، على سبيل المثال، وفي محاولة للتوصل إلى فهمٍ أفضل لكيفية جذب الأفكار والمعتقدات واستقطابها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ درس باحثون في جامعة (ستانفورد) الاختلافات الظاهرة في كيفية تعبير كل من الجمهوريين والديمقراطيين عن أنفسهم عبر الإنترنت.

يقول (جورافسكي): "نحن نعيش في عصر الاستقطاب؛ لذا فإنَّ فهمَنا لما تقوله مجموعات مختلفة من الناس ولماذا تقوله هو الخطوة الأولى التي تمكِّننا من تحديد الطريقة التي تجعلنا قادرين على جمع الناس بعضهم مع بعض".

المصدر:

هنا