الطب > زراعة الأعضاء

زرع الكبد

عمليةُ زرع الكبد عملية جراحية يُزالُ فيها  الكبد الذي لم يعد يعمل بطريقة صحيحة، واستبدال الكبد السليم به من متبرع حي أو متوفٍ.

ويعدُّ الكبد أكبر عضو داخلي، ويؤدي وظائفَ مهمة عديدة؛ متضمنة:

إزالة السموم من الدم، ومحاربة العدوى، وتنظيم الاستجابة المناعية، واستقلاب المواد الغذائية والأدوية والهرمونات، وإنتاج الصفراء، وصنع البروتينات التي تنظم تخثرَ الدم.

والكبد هو ثاني أكثر عضو يُزرَعُ بعد الكِلى، وقد بدأ البحث في إمكانية زرع الكبد قبل ستينيات القرن العشرين، ولكن لم تتحقق عملية ناجحة حتى عام 1967م.

وقد أدى التحسن في كل من معدلات الرفض والتقنيات الجراحية إلى تطور هائل في هذا المجال في الثمانينيات مع التوسع من 3 مراكز في عام 1982 إلى أكثر من 120 مركزًا اليوم.

متى نحتاج زرع الكبد؟

عندما لا يعمل الكبد جيدًا (فشل الكبد)، ويمكن أن يحدث فشل الكبد فجأة (فشل الكبد الحاد) نتيجة التهاب الكبد الفيروسي، أو الإصابة الناجمة عن المخدرات أو العدوى، ويمكن أن يكون فشل الكبد أيضًا النتيجة النهائية لمشكلة طويلة الأمد، والحالات الآتية  قد تؤدي إلى فشل مزمن في الكبد:

- التهاب الكبد المزمن مع تَليف الكبد (تشمع الكبد).

- التهاب الأقنية الصفراوية البدئي (الذي كان يسمى التشمع الصفراوي البدئي؛ وهي حالة نادرة يهاجم بها الجهاز المناعي الأقنيةَ الصفراوية ويدمرها).

- التهاب الأقنية الصفراوية المصلب البدئي (تندب وتضيق القنوات الصفراوية داخل الكبد وخارجه).

- رتق القناة الصفراوية Biliary atresia (مرض نادر ويُصيب الأطفال الحديثي الولادة).

- إدمان الكحول.

- داء ويلسون (مرض وراثي نادر يسبب تراكم النحاس في أنحاء الجسم جميعها متضمنة الكبد).

- داء ترسب الأصبغة الدموية Hemochromatosis  (مرض وراثي يسبب تراكم الحديد في الجسم).

- عوز  ألفا -1 أنتيتريبسين Alpha-1 antitrypsin deficiency .

مضادات استطباب زراعة الكبد:

تعد الحالات الآتية موانع مطلقة لزرع الكبد (LT):

١- التهاب البريتوان الجرثومي العفوي  Untreated spontaneous bacterial peritonitis.

٢- الداء القلبي الوعائي المتقدم. 

٣- ورم خبيث خارج الكبد لا يفي بمعايير العلاج.

٤- تعاطي الكحول.

٥- عدم القدرة على الامتثال لبروتوكولات تثبيط المناعة؛ بسبب الحالات النفسية.

أما الموانع النسبية فهي متعددة، ولا يوجد مانع نسبي وحيد يمكنه أن يمنع مريضًا من إجراء عملية زرع الكبد،  ولكنّ هذه العوامل تُعد إشارات حمراء إذا كانت متعددة، أو إذا ظهرت عند مريض شديد الخطورة، وتشمل هذه الموانع:

الفشل الكلوي المزمن، والدنف المتقدم والوهن، وتشمع الكبد الفيروسي المقاوم للأدوية، وتَخثر الوريد البابي والمَساريقي، وإِصابة سابقة بسرطان لا يفي بمعايير العلاج، وسرَطانة خلية كبدية كبيرة، وعدوى فعالة، وفشل الأعضاء المتعدد. 

تقييم ما قبل الجراحة:

 تُجرى بعض -أو كل- الدراسات الآتية عمومًا في  أثناء التقييم:

١- التصوير المقطعي المحوسب، الذي يستخدم الأشعة السينية والكمبيوتر لإنشاء صور للكبد، ويمكن أيضًا إجراء تصوير مقطعي وأشعة سينية للصدر من أجل تقييم القلب والرئتين.

٢- إيكو دوبلر؛ لتحديد ما إذا كانت الأوعية الدموية سالكة من الكبد وإليه.

٣- إيكو القلب؛ للمساعدة في التحقق من وظائف القلب.

٤- دراسة وظائف؛ لتحديد قدرة الرئتين على تبادل الأكسجين، وثاني أكسيد الكربون.

٥- اختبارات الدم متضمنة زمرة الدم، والدراسة الخثارية، والاختبارات الكيميائية الحيوية للدم، ووظائف الكبد. 

٦- تحري فيروس نقص المناعة المكتسبة، وغيره من الاختبارات الفيروسية، كفيروسات التهاب الكبد.

ويستخدم الأطباء اختبارات وظائف الكبد والعوامل الأخرى لتحديد موقعك على قائمة الانتظار لزراعة الكبد.

ويُعتمد على مجموع نقاط مقياسَي (حرزين) لتعيين المرضى المرشحين لإجراء زراعة الكبد، وتحديد الأولوية بين المرشحين، وهذان الأنموذجان هما: المرحلة النهائية لمرض الكبد (MELD)، أو إنموذج المرحلة النهائية لمرض الكبد للأطفال (PELD)، وهو للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عامًا، ويعتمدان على معايير سريرية ومخبرية عدّة؛ إذ  يُعطى كل منهما عددًا محددًا من النقاط.

تتراوح درجات مقياس المرحلة النهائية لمرض الكبد من 6 إلى 40، وتُقدِّر هذه الدرجات خطر الموت في غضون 90 يومًا دون زرع، وكلما ازدادت درجة الـ (MELD)؛ كان وضع المريض حَرجًا أكثر.

تُخصص الأعضاء وفقًا لدرجات الـ (MELD)، وتُقسم تبعًا لفصيلة الدم، فالأشخاص الذين لديهم درجة أعلى سيُمنحون الأكباد المُتبرَّع بها أولًا. 

وتستند درجة الـ (MELD) إلى المتغيرات الكيميائية الحيوية الآتية:

- كرياتينين المصل.

- بيلروبين المصل.

- النسبة المعيارية الدولية INR. 

أما درجة الـ (PELD) تستند إلى المتغيرات الكيميائية الحيوية والسريرية الآتية:

(العمر، الوزن، الطول، الألبومين، البيلروبين الكلي والنسبة المعيارية الدولية INR).

تتضمن المخاطر المرتبطة بالإجراء ما يأتي:

- الاختلاطات الصفراوية؛ متضمنة حدوث تسريب أو تضيق الأقنية الصفراوية.

- النزيف، وتخثر الدم.

- فشل الكبد المتبرع به، أو رفضه.

- العدوى، والتخليط الذهني أو النوبات الاختلاجية.

- قد تشمل المضاعفات الطويلة الأمد أيضًا نكس المرض الأصلي على الكبد المزروع.

ما الأدوية المضادة للرفض؟

بعد زراعة الكبد سيتلقى المريض أدوية تسمى مثبطات المناعة، تعمل هذه الأدوية على إبطاء الجهاز المناعي أو كبحه لمنعه من رفض الكبد الجديد.

تستخدم معظم مراكز الزرع اثنين من ثلاثة عوامل، يتضمن هذا عادةً مزيجًا من مثبطات الكالسينورين (CNI)، مثل السيكلوسبورين، وهرمون قشراني سكري مثل بريدنيزون، أو عامل ثالث مثل الآزويثوبرين. 

يمكن أن تسبب هذه الأدوية مجموعة متنوعة من الآثار الجانبية، متضمنة ترقق العظام، والداء السكري، وإسهال، وصداعًا وضغط دم مرتفع، وارتفاع الكوليسترول، ونظرًا إلى أن هذه الأدوية تعمل بواسطة  كبح الجهاز المناعي، فإنها تزيد أيضًا من خطر الإصابة بالعدوى.

النتائج:

تعتمد فرص نجاح عملية زراعة الكبد والبقيا الطويلة الأمد المدى على وضع المريض، وعمومًا يعيش قرابة 70٪ من الأشخاص الذين يخضعون لعملية زرع الكبد مدة خمس سنوات على الأقل، وهذا يعني أنه مقابل كل 100 شخص يتلقون عملية زرع كبد، سيعيش قرابة 70 منهم مدة خمس سنوات، ويموت 30 في غضون خمس سنوات.

والأشخاص الذين يتلقون كبدًا من متبرع حي، غالبًا ما يكون لديهم معدلات بقاء على المدى القصير أفضل من أولئك الذين يتلقون كبد متبرع متوفّ. 

بعد زرع الكبد؛ من المتوقع:

البقاء في وحدة العناية المركزة بضعة أيام؛ إذ سيتابع الأطباء والممرضات الحالةَ لمراقبة حدوث المضاعفات، واختبار وظيفة الكبد على نحوٍ متكرر للتأكد من أن الكبد الجديد يعمل.

وإجراء  فحوصات متكررة إلى حين أن يتعافى في المنزل، مع الخضوع لفحوصات الدم مرات عدة  كل أسبوع في البداية، ثم يقل ذلك مع مرور الوقت.

أما تناول الأدوية لبقية الحياة: فسيأخذ المريض عددًا من الأدوية بعد العملية، وأدوية عدة ستستمر لبقية حياته؛ إذ  -كما ذكرنا- تساعد مثبطات المناعة على منع الجهاز المناعي من مهاجمة الكبد الجديد، حينما تساعد الأدوية الأخرى على تقليل خطر حدوث مضاعفات أخرى بعد عملية الزرع.

النظام الغذائي:

يعد تناول نظام غذائي متوازن أمرًا مهمًّا بعد زرع الكبد للمساعدة على الشفاء والحفاظ على الصحة، وعمومًا يجب أن يكون النظام الغذائي بعد زراعة الكبد منخفض الملح، والكوليسترول، والدهون، والسكر، ولمنع إتلاف الكبد الجديد من المهم تجنب الكحول.

أمّا مشكلة عدم توافر الطعوم التي تواجه المرضى على قائمة الزرع حاليًّا؛ فإنّ الكبد البشري يتجدد ويعود إلى حجمه الطبيعي بعد فترة وجيزة من الاستئصال الجراحي لجزء منه، وهذا يجعل زراعة الكبد من متبرع حي بديلًا من انتظار توفر كبد من متبرع متوفٍّ أمرًا ممكنًا.

أخيراً نذكركم بأول عملية زراعة كبد أجريت في سورية، وإليكم رابط المقال هنا

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا