الهندسة والآليات > الطاقة

إضافة عنصر سحري إلى بطاريات الليثيوم-أيون يضاعف أداءها.

مضى ذلك الوقت الذي كنا ندرس فيه بطارية (دانيال) لفهم الدارة الكهربائية وكيفية انتقال الكاثودات والأنودات لتشغيل المصباح. 

أما اليوم فالعلماء بصدد تطوير بطارية أيونات الليثيوم؛ وهذا النوع هو ما يجعل هاتفك وحاسوبك المحمول مشحونَين وقادرَين على العمل دون ربط أسلاك، ولكن نشهد اليوم أعدادًا متزايدة من السيارات تعمل على هذا النوع من البطاريات، بل هناك أماكن تحولت إلى بطاريات عملاقة من أيونات الليثيوم لتخزين الطاقة من الصفائح الشمسية لاستغلالها عندما تُظلِم. 

وتكتسح العالم بطاريات من هذا النوع يومًا بعد يوم، لكنَّ التطور لن يتوقف هنا هذا العام؛ فهناك عنصر غريب على الإلكترونيات؛ ولكنه واعد سيساهم في تحسين أداء البطارية.

إن السبب يكمن في بعض أساسيات الكهروكيمياء؛ فتعمل خلايا الليثيوم أيون عن طريق إرسال أيونات الليثيوم من القطب الموجب (في البطارية ويطلق عليه الكاثود) إلى القطب السالب (الأنود) في أثناء الشحن وفي أثناء التصريف؛ فتتحرك أيونات الليثيوم في الاتجاه المعاكس؛ أي من الأنود إلى الكاثود، ولذلك فإن شحن هذه البطارية يساوي تخزين الليثيوم في الأنود، وإذا كان بإمكان البطارية تخزين مزيد من الليثيوم فإنه يخزن مزيدًا من الطاقة.

ويحاول مطورو البطارية منذ سنوات معرفة كيفية استخدام السيليكون بدلًا من الكربون في الأنود، لأن أيونات الليثيوم تتحد مع السيليكون لتشكيل عنصر قادر على تخزين كثير من الليثيوم؛ أي إنه إذا توافرت الأنودات السليكونية فسنرى قدرة أكبر بكثير.

المشكلة في هذا كله أن السيليكون يتفاعل مع الليثيوم في أثناء الشحن وفي أثناء التفريغ على نحو يجعل البطارية ذات الأنودات السليكونية لا تصمد طويلًا. 

ومن حسن الحظ أن مشكلة السيليكون ليست مستعصية على الحل حتى الآن، وتحتوي بعض بطاريات الليثيوم أيون على أنودات تشتمل على جسيمات تحتوي على السيليكون مع ثنائي أكسيد السيليكون (مادة الرمل) ومغلفة بالكربون، وكشف (Elon Musk) في عام 2016 عن خلايا سيارة (Tesla) الكهربائية المصنوعة بهذه الطريقة، ولكن  كانت كمية السيليكون في الأنود حتى الآن ضئيلة.

ويُتوقَّع في هذا العام التغيير مع سطوع نجم شركة ناشئة في كاليفورنيا كشركة (Sila (Nanotechnologies التي تعتزم توزيع أنود غني بالسليكون؛ إذ طورت شركة (Sila) "حلًّا سهلًا" لمصنِّعي البطاريات الحاليين؛ الذي من المقرر أن يدخل الإنتاج التجاري في عام 2019.

سيؤدي استخدام مادة الأنود -اعتمادًا على التطبيق- إلى زيادة سعة البطارية بنسبة 20% مبدئيًّا، وفي النهاية بنسبة تصل إلى 40%، وأكثر من ذلك أنه يسمح بتخفيض الأنود بالسماكة بنسبة تصل إلى 67%، وهذا بدوره قد يسمح بزيادة سرعة شحن البطارية إلى تسعة أضعاف السرعة الحالية، وإضافة لذلك فإنه يجلب فوائد السلامة، لأنه يثبط تشكيل التشعبات المعدنية الشبيهة بالخيوط؛ التي يمكن أن تسبب اختفاء الخلايا داخليًّا واشتعالها.

وتتكون مادة الأنود الجديدة من جسيمات متشابهة في حجم الجرافيت المستخدم في الأنودات الآن، ولكنها تحتوي على السيليكون داخل سقالات مسامية؛ التي توفر مساحة للسيليكون للتوسع والتقلص دون ملامسة الإلكتروليت، وهذا يسمح للبطاريات المصنوعة من مادة الأنود الغنية بالسيليكون بأداء جيد لما يتراوح بين 400 إلى 1000 دورة تفريغ شحن كامل، وهو أكثر مما يكفي لمعظم الاستخدامات. 

وهذا ما يفسر اهتمام شركة (BMW) التي تعمل مع شركة (Sila) لاستكشاف إذا كان من الممكن استخدام بطاريات الليثيوم المبنية بمواد الأنود الجديدة في سياراتها الكهربائية؛ التي لا تعد تكلفة البطارية بالنسبة لها عاملًا حرجًا، وإضافة إلى ذلك فإن كمية مادة الأنود المطلوبة أكثر تواضعًا، مما يعني أن الشركة يمكنها تلبية الطلب بسهولة أكبر، وتتوقع الشركة أن تكون بطاريات الليثيوم مع أنود السيلا في ملايين الأجهزة في عام 2019.

ربما لن تكون شركة (Sila) الشركة الوحيدة التي ستكشف النقاب عن تقنية بطارية السيليكون هذا العام، ومن المتوقع أن تُدخِل شركة أخرى في كاليفورنيا -هي شركة (Enovix)- أنودًا مصنوعًا بالكامل من السيليكون وأكاسيد السيليكون.

ويتوقع زيادة أداء البطاريات الجديدة بنسبة 30 إلى 70% (حسب طبيعة الاستخدام) ما يعني ثورة في صناعة البطاريات. 

ويمكننا القول -أخيرًا- أن الثورة التقنية لن تتوقف في المستقبل القريب، خاصة مع وجود مقاطعة كاليفورنيا التي ما تزال تتحفنا بمفاجآت صناعية وعلمية جديدة، فكيف ترون مستقبل الطاقة في ظل هذه الأحداث؟ 

المصدر:

1- هنا