الطب > مقالات طبية

الحُصيَّات البولية عند الأطفال

نسأل بدايةً؛ ما الحصيات البولية؟

يحتوي البول عادةً على عناصر مُنحلَّة مختلفة، لكن -في بعض الأحيان- قد تتجمع هذه العناصر وتتركز لتشكل بلورات قاسية، وتتكون معظم هذه البلورات من الكالسيوم، وتجتمع بدورها لتشكلَ بِنىً أكبر هي الحُصيَّات.

تُعدُّ الحُصيَّات البولية مرضًا منتشرًا وشائعًا عند البالغين، وكان يُعتقدُ بأنَّها مرضٌ لا يصيب إلَّا البالغين في حين أنّه نادرٌ جدًّا لدى الأطفال. لكنَّ الحقيقةَ أنَّ حدوثَ الحصيات الكلوية عند الأطفال في ازدياد مستمر منذ عدة عقود.

أشارت بعض الدراسات إلى كون الحصيات أكثر شيوعا عند الصبيان، في حين أشارت دراساتٌ أخرى إلى عدم أهمية جنسِ الطفل في زيادة خطورة الإصابة بالحصيات. وأكدت جميع الدراسات التي أُجريَت على الدور المهم لكلٍّ من العرق والموقع الجغرافي في انتشار تشكل الحصيات والتسبُّب بها عند الأطفال. فهي أكثر شيوعًا في مناطق جنوب آسيا، والشرق الأوسط، والهند وباكستان.

شكلت الالتهابات سابقًا الأسبابَ الرئيسة لتشكل الحصيات في الطرق البولية في إنكلترا، ولكن مع مرور الوقت تحوَّلت الأسباب الأساسية من الالتهابات إلى الأسباب الاستقلابية.

وتُعدُّ الشذوذات الاستقلابية من الأسباب أيضًا، إذ يتطلب نمو الحصيات إشباعَ البول بعناصر معينة كفرط الكالسيوم في البول وفرط الأوكزالات، في حين أنَّ نقص السيترات -من جهة مقابلة- قد يكون من الأسباب الاستقلابية المهمة لتشكل الحصيات.

وتُرَى تشوُّهات الجهاز البولي التناسلي كتضخم الكلية وازدواجية الحالب و*الصمامات الخلفية للإحليل لدى 30% من الأطفال المشخصين بالحصيات.

أعراض الحصيات البولية لدى الأطفال؟

غالبًا ما تحتاج الحصيات البولية إلى الوقت لتنمو ضمن الجهاز البولي، وفي هذه الأثناء قد تتحرك ضمن الكلية أو قد تخرج منها لتصبح محصورة في الحالب (أحد أجزاء مجرى البول). وعادةً ما تبدأ الأعراض عندما تصبح الحصاة سادَّة وتمنع تدفق البول إلى المثانة. وتتنوع هذه الأعراض ومن أكثرها شيوعًا الألمُ في الخاصرة أو في أثناء التبوُّل، وقد يترافق هذا الألم بالغثيان والإقياء، كما يمكن مشاهدة دمٍ في البول، وقد ينتقل الألم إلى البطن والفخذ لكنه لا يُعدُّ عرضًا شائعًا لدى الأطفال.

كيف تُشخَّص الحصيات؟

يُجرى الفحص السريري للطفل وتؤخذ القصة المرضية، ويسأل الطبيب أيضًا عن وجود سوابق عائلية للحصيات البولية، وتُستخدَم للتشخيص مجموعةٌ من الصور، إضافة إلى التحاليل الطبية البولية والدموية التي قد تساعد على تحديد السبب الذي أدى إلى تشكل الحصيات .

تفيد الصور في تحديد حجم الحصيات، وموقِعها، إضافة إلى عددها، ومن وسائل التصوير التي تُستخدم لتحديد موقع الحصيات: الأيكو، والصورة الشعاعية البسيطة، وقد يُستعانُ بالتصوير المقطعي المحوسب في بعض الحالات. 

وتفيد التحاليل البولية في كشف الالتهابات، وفي كشف زيادة تراكيز المواد التي تشكل الحصيات، ويمكن أن تفيد التحاليل الدموية في تشخيص وجود المشكلات الكيميائية الحيوية، التي قد تؤدي بدورها إلى تشكل الحصيات البولية. 

العلاج:

يُقسَم العلاج إلى علاج الحالات الإسعافية، والعلاج الجراحي.

ففي الحالات الإسعافية؛ تكون خيارات العلاج بعد التحكم بالألم هي إعطاء الأدوية الطارحة للحصيات **MET، وقد زادت مشاركة هذه الأدوية مع حاصرات ألفا وحاصرات قنوات الكالسيوم، وذلك لزيادة استرخاء العضلات الملساء في الحالب، ومن ثمَّ زيادة استرخائه لتسهيل مرور الحُصيَّة.

ووجدت الدراسات المجراة على معدل المرور العفوي للحصيات دون إعطاء الأدوية أنَّ معدلات المرور تكون أعلى عند الأطفال الأكبر سنًّا منه عند الأطفال الأصغر، وكذلك يكون معدل المرور العفوي للحصية في الحصيات الموجودة في القسم السفلي للحالب أعلى منه في الحصيات الموجودة في القسم العلوي أو الكلية.

ويُتوَقَّع أن يخضع 25-50% من الأطفال لتداخل جراحي، ووفقًا لقواعد إرشاد جمعية الجهاز البولي الأمريكية لعام 2007: تُعدُّ الآن طريقة الجراحة داخل الكلية بالطريق الراجع RIRS بواسطة التنظير عبر الحالبِ الخطَّ الجراحيَّ الأول، إلى جانب التفتيت بموجات صادمة من خارج الجسم SWL، وذلك عند وجود الحصيات في الحالب أو الكلية، لتبقى طريقة استخراج حصاة الكلية عبر الجلد PCNL محفوظة لحالات الحصيات الكبيرة الملتهبة أو عند وجود تشوه تشريحي في الجهاز البولي؛ خصوصًا عند المرضى بكلية حدوة الحصان.

وعادةً يشفى الأطفال بسرعة بعد العلاج، ويُنصَحُ بشرب كميات كبيرة من السوائل لزيادة حجم البول، والتقليل من تشكل البلورات، وحرصًا على تجنب تكرار تشكل الحصيات؛ سيتابع الأطباء بالاستقصاءات لفهمِ أسباب تشكلها عند المريض، ليأتي السؤال الآتي طارحا نفسه: ما احتمالُ عودة تشكل الحصيات عند الأطفال؟ وما الذي يجب فعله للوقاية من تشكلها مرة أخرى؟

يؤسفنا القول أنَّ خطورةَ عودةِ تشكل الحصيات عند الأطفال عالٍ جدا والبيانات المبدئية تشير إلى أنه في خلال خمس سنوات من العلاج الأولي للحصيات تعود هذه الحصيات لدى 50% من الأطفال. 

هل هناك ما يمكن فعله لتقليل احتمالية عودة الحصيات؟

كما ذكرنا سابقا؛ فالمقدار المأخوذ من السوائل ضروريٌّ جدَّا بوصفه عاملَ وقاية، والكمية المحددة غير معروفة، ولكن يجب ألَّا تقلَّ عن كميات الماء المخصصة لكل طفل حسب عمره، مثلًا يُفضَّل على الأقل لترين أو لترين ونصف من الماء لدى المراهقين، وتشير التقارير إلى أنَّ السوائل التي تزيد قلوية البول وتزيد إفراز السيترات كالعصائر (عصير البرتقال وعصير الليمون) والسوائل التي تزيد حجم البول كالشاي؛ تقلل من خطر تشكل الحصيات الكلسية، لكن بالمقابل يزيد عصير الكريب فروت من خطر التشكل. وإلى حدِّ الآن؛ من غير المعروف فيما إذا كان للمشروبات الغازية تأثير في تشكل الحصيات.

وهناك أيضًا دليلٌ يشيرُ إلى دور البروتينات الحيوانية في تشكيل الحصية أوكزالات الكالسيوم، لذلك يُنصح للأطفال الذين سبقَ وشُخِّصَ لهم حصيات بولية بتجنب تناول كميات زائدة من البروتينات، ولكن يجب أن يتناولوا الكمية المحددة المسموحة يوميًّا حسب عمرهم، التي تحقق المقدار الكافي للنمو والتغذية.

*الصمامات الخلفية للإحليل: هي أغشية سادَّة تتطور في الإحليل قرب المثانة، وقد يعيق هذا الصمام تدفق وجريان البول في الإحليل، وعندما يحدث هذا الانسداد يتوسَّع كلٌّ من المثانة والحالب والكلية بشدة، ما قد يؤدي إلى أذية هذه الأعضاء.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا