الطب > مقالات طبية

نجاح الأدوية المضادة للقلق في علاج التوحد!

التوحّد كلنا منسمع فيه، وكتير منسمع عنه أفكار وتصرفات مختلفة. قلال اللي بيعرفوا عنه.. بس كتار اللي عم يعيشوه ويعانوا منه. لحد هلق ما كان في علاج شافي ووافي ليوقف المرض بشكل نهائي، وكل الدراسات اللي صارت واللي عم تصير هي بس لتلطيف أعراضه وتخفيفا على الأهل والمصاب نفسه.

هي وحدة من الدراسات الحديثة، يلي عم تعتمد على أساس ملفت للنظر جداً وفكرته بسيطة كتير، ويبدو إنو النتائج رح تكون مبشّرة.

إنّ أكبر مشكلة واجهت أهالي المصابين بالتوحد سابقاً هي أنّ الأدوية المتاحة لمعالجة الأعراض الرئيسية للمرض إنما هي أدوية محدودة جداً.

أما الآن، وفي دراسة جديدة تمّت على الفئران، فقد وُجد أنّ جرعات منخفضة من الأدوية المضادة للقلق والمتاحة في الأسواق بشكل طبيعي، كالبنزوديازيبينات، قد تصبح أول الأدوية التي سيطلب الأهل من الطبيب أن يصفها، حتى لو لم تكن تلك الأدوية العلاج التقليدي المطلوب للتوحد.

هذا التوجه نحو الأدوية المضادة للقلق قد يشكل منحنىً مذهلاً في طريقة معالجة الأطباء لاضطرابات التوحد. فحالياً لا تُصنّف علاجات التوحد ضمن خانة محددة، وهي عموماً تركّز على المساعدة في معالجة العنف والنشاط الزائد لدى المرضى فقط، باستخدام أدوية متل الريتالين والأدوية المضادة للذّهان antipsychotics (نوع من الأدوية النفسية)، وليس على معالجة أعراض السلوك الاجتماعي. إلا أنّ الدراسات الجديدة على الفئران أثارت نقاشات بين الأطباء حول كيفية استخدام الأدوية المطروحة لعلاج مرضى التوحد.

تمت تربية فئران التجربة بحيث تمتلك أعراضاً شبيهة بالتوحد، ثم حُقِنت بجرعات منخفضة من الأدوية المضادة للقلق، وأظهرت هذه الفئران بعد الحقن عدة تغيرات

سلوكية ملحوظة: تحسّن في التفاعل الاجتماعي، انخفاض في الحركات المكرّرة، توجّه أفضل للمكان "معرفة الأماكن بشكل أفضل"، وعلاوة على ذلك فلا يبدو أنّ الجرعات المنخفضة من الأدوية المستخدمة تسبّب الكسل والخمول، وهو أحد التأثيرات الجانبية السيئة لمضادّات القلق.

ماذا عن آلية تأثير الأدوية؟

تؤثّر البنزوديازيبينات على مستقبلات معينة للناقل العصبي المدعو غابا GABA (وهو ناقل عصبي مثبّط لنشاط الموجات الدماغية)، مسبّبةً بقاء هذه المستقبلات

مفتوحة لفترة أطول مما يتيح للمزيد من الأيونات السلبية بالدخول إلى داخل الخلية ومنع التواصل بين الخلايا. من هنا، سيكون تأثير الناقل غابا أكبر، مما يعزّز

التثبيط ويجعل العصبونات الاستثارية للجملة العصبية أقل نشاطاً (بكلمات أخرى: يقل تنشيط أو استثارة مناطق معينة من الجملة العصبية عند التأثير على مستقبلات

GABA ذات السمة التثبيطية، وتختلف النواحي المتأثرة منها باختلاف نوع المستقبلات غابا التي يؤثر عليها الدواء أو المادة محلّ البحث).

يُعتقد، في التوحد، أنّ تثبيط الجملة العصبية يكون أقل مما هو عليه في الحالة الطبيعية، وبالتالي ستغدو العصبونات الاستثارية أكثر نشاطاً، مسبّبة السلوكيات الظاهرة في التوحد.

مدى ضيق جداً من الجرعات العلاجية!

الدواء المستخدم في الدراسة من عائلة البنزوديازبينات هو دواء كلونازيبام clonazepam، وقد وجد أنّ جرعات صغيرة جداً من الدواء هي التي تعطي التأثير

العلاجي المطلوب عند مرضى التوحد (أي أقل بكثير من الجرعات المستخدمة لعلاج القلق أو الصرع، وهي الحالات التي تعالجها البنزوديازبينات بالأصل). فكميات

كبيرة من الكلونازيبام لم تخفّف أعراض التوحد، كما تسبّبت بالسُّبات أو الخمول لعدد من المرضى. الباحثون ليسوا واثقين لمَ كان هذا المجال الضيق جداً للجرعات الفعالة، لكنهم يأملون في المستقبل بأنّ الأدوية ستتطور لتساعد المرضى دون أن تشعرهم بالبلادة.

ولكنّ لدى العلماء مخاوف من ألّا تكون هذه الأدوية ملائمة للجميع. فالأطباء يعتقدون أنّ إعطاء جرعات صغيرة من الكلونازيبام لمرضى التوحد في المستقبل سيحتّم

علينا أن نفكر مليّاً كيف لهذه الأدوية أن تؤثّر بشكل مختلف على الأطفال والبالغين؛ فالبنزوديازيبينات التي تجعل البالغين أهدأ وأقل استثارة قد يكون لها تأثيرٌ معاكسٌ على الأطفال الصغار، ومع ذلك فبعض الأطباء متحمّسون لإطلاق هذه الأدوية.

يعتزم الفريق متابعةَ البحث عن أدوية جديدة تكون جزءاً من تجارب سريرية مستقبلية، لكنهم ليسوا الوحيدين في اكتشاف خيارات كهذه.

وبانتظار الوصول للعلاج النهائي والدقيق... لا بد لنا أن نبقى على اطلاع على جديد الدراسات يوماً بعد يوم.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: 123rf