منوعات علمية > منوعات

تأثير مانديلا.. ذكريات كاذبة أم واقع بديل

اجتاحَ الإنترنت في الآونة الأخيرة ظاهرة معروفة باسم "تأثير مانديلا"، وسُمِّيت هذه الظاهرة نسبة إلى اسم نيلسون مانديلا Nelson Mandela (زعيم جنوب أفريقيا)؛ إذ يتذكر كثير من الناس بأنَّ مانديلا مات في الثمانينيات عندما كان مسجونًا، على الرغم من أنَّه توفي عام 2013، وما زالوا يتذكرون التغطية الإعلامية لموته ومشاهدة الخطاب العاطفي لأرملته آنذاك.

ينسب كثيرون من الأشخاص أنَّ سوءَ الفهم هذا أتى من واقع بديل أو أنَّها ذكريات من أكوان متوازية، وهذا يعني أنَّ الأحداث أو الذكريات التي يدعون بها أنها حقيقية هي صحيحة ولكنها انزلقت بطريقة ما إلى واقع آخر، إذ لم تحدث تلك الأحداث. ولكن معظم البحوث تُثبت بأنَّ الذاكرة لا حدود لها ومن الممكن كثيرًا أن تكون غير صحيحة.

ليس هناك كثير من الأدلة التي يمكن إيجادها لدعم هذا الاعتقاد، ولكن أنصار هذا الاعتقاد يقولون أنَّ الذاكرة الكاذبة وحدها لا يمكن أن تفسر إيمان هذا العدد الهائل من الاشخاص غير المرتبطين ببعضهم بهذه المفاهيم الخاطئة. والأدلة ضد هذه الحجة يَصعب إيجادها أيضًا، على سبيل المثال لا نملك أدلة على وجود أكوان موازية، وحتى لو كان لدينا؛ فَلا يمكننا قياس هذه الانجرافات من كون إلى آخر. 

يفترض العديد من الباحثين أنَّ تأثير مانديلا يُرجع إلى تأثير المعلومات المضللة؛ إذ تقول الخبيرة النفسية الأمريكية (كندرا شيري Kindra cherry): "تأثير المعلومات المضللة يشير إلى تداخل معلومات ما بعد الحدث في ذاكرة الحدث الأصلي، وأظهر الباحثون أنَّ إدخال معلومات دقيقة نسبيًا بعد حدث ما يمكن أن يكون له تأثير كبير في كيفية تذكر الناس للحدث". وشهود العيان غير الدقيقين مثال رئيسي على هذا الأثر. ويمكن أن تكون التفسيرات الأخرى لِتأثير مانديلا هي التهيئة المسبقة للمعلومة أو التنويم المغناطيسي أو سوء التفسير عند تحفيز المعلومات لأول مرة.

يمكن للدماغ البشري تزييف الذكريات على نحوٍ جيد جدًا، وجعل الناس يعتقدون أنَّ هذه الذكريات حقيقية، وعلى الرغم من أنَّه لا يوجد كثير من البحوث التي تدعم ذلك؛ فَلا يزال هذا الاعتقاد يحظى بشعبية كبيرة. ويرجع السبب إلى حقيقة أنَّ الإنترنت هو أداة قوية لنشر المعلومات، سواء كانت المعلومات خاطئة، أم صحيحة، أم مثبتة، أم مبهمة.. لا يَهم، لأنَّ شخصًا آخر سوف يقرأ هذه المشاركات في الأحوال كلها.

نذكر لكم أمثلة على الذكريات الخاطئة والنسخة الأصلية منها:

1) الشعار المفضل لدى كثير من الأطفال والشبان في أنحاء العالم Looney Tunes أو Looney Toons، يتذكر أغلبهم اسمه خطأً؛ فبدلاً من اسمه الأصلي Looney Tunes  يتذكرون Looney Toons.

2) شعار KITKAt، يتذكر كثيرون في أنحاء العالم اسم الشوكولا المفضلة لهم لكنهم كانوا مخطئين في تذكر التفاصيل الصغيرة؛ إذ لا يحوي شعار كيت كات الفاصلة"-" في شعارها الأصلي.

3) عدسة Monopoly، صورة المقارنة بين رجل المونوبولي الحقيقي دون عدسة وما يتذكره البعض وهو يرتدي عدسة واحدة.

في الختام، حقيقة أنَّ مجموعة من الناس تستحضر الذكريات الكاذبة نفسها حقًا لا ينبغي أن يسبب الارتباك؛

فَنحن نعيش في عالم مترابط، فَشخصين لا تربطهم علاقة قد يشتركان في التجربة نفسها بالضبط، وعلى الرغم من أنَّهما لا يعرفان بعضهما، وبعض هذه التجارب سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى ذكريات كاذبة، ونظرًا لأنَّ الذكريات لا تكون حدثًا فرديًا واحدًا ويمكن أن تحدث على مدار أيام وشهور وسنوات، فمن الصعب للغاية تتبع أصل الذاكرة أو إمكانية اختراقها، والتلاعب بالذكريات وتغييرها بطريقة تتناسب مع أفكار المتلاعب. لأنَّ ذاكرة الإنسان هو تطور خطي من الأحداث المتسلسلة التي تشكل الواقع الحالي.

لذلك؛ فإنَّ معرفة متى ولماذا وماذا أثرت في ذاكرتك يبدو من المستحيل تحديده، وإن كنت تعتقد أنَّ الذاكرة البشرية خالية من الأخطاء فعليك مراجعة نفسك.

المصادر:

هنا

هنا

هنا