الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

اكتشاف الشعاب المرجانية في المياه الساحلية العراقية

توجد حتى الآن حقيقة راسخة بأن الخليج العربي لا يحتوي الشعاب المرجانية في سواحل العراق رغم وجودها في المناطق الساحلية للبحرين وإيران والكويت وعـُـمان وقطر والسعودية والإمارات ومع ذلك اتضح وجود 28 كم مربع من الشعاب في هذا البلد.

تحملت هذه الشعاب واحدة من أكثر البيئات تطرفاً على الأرض حيث تتراوح حرارة المياه بين 14° و34° م، هذا الاكتشاف سيحفز المنظمات الحكومية والبيئية وكذلك المجتمع العلمي لفهم أعمق للنظم البيئية المرجانية في ظل المناخ العالمي اليوم.

إذاً فهو شريط ضيق بعرض 58 كم في شمال الخليج العربي (الفارسي) التابع للعراق حيث تسيطر مستنقعات دلتا نهري دجلة والفرات واندماجهما في نهر قارون. المياه القادمة ليست محملة بالرواسب وحسب بل ملوثة بالنفط. تتطاير الرواسب بفعل الرياح القوية أيضاً عبر الخليج. يتفاوت مقدار التعكر قرب الدلتا وعلى طول الساحل الإيراني وهو السبب الذي يرجح عدم وجود شعاب مرجانية في المنطقة، زد على ذلك أن التيار الذي يصب ينحرف باتجاه الكويت ويقمع نمو الشعاب هناك أيضاً. تم العثور على الشعاب على طول الشاطئ الجنوبي للكويت (رأس الزور) وعلى الجزر الجنوبية، وقد كان آخر ما اكتشف في الكويت من شعاب في الشمال عند "رأس الأرض" راضخاً تحت تهديد التنمية الحضرية والصناعية واسعة النطاق.

يسبب مصدر المياه العذبة الوحيد في شط العرب تقليل الملوحة في أقصى شمال الشط إلى نحو 36% ويمكن فقط الرؤية على عمق لا يزيد عن 1 متر بسبب العكارة لذلك فإن عكارة المياه ربما حالت دون اكتشاف الشعاب في الأراضي الساحلية العراقية بواسطة الأقمار الصناعية. كشفت الحملات المشتركة لغطاسين من البصرة وفرايبرغ (ألمانيا) خلال 2012 و2013 عن وجود شعاب مرجانية حقيقية وحية في المياه الساحلية العراقية للمرة الأولى.

يعتقد أن هذه الشعاب نشأت في الكويت حديثاً بشكل هالة حول الجزر أو قرب اليابسة على عمق 0 - 10 م. هذه الشعاب تتوضع على القيعان الرملية عادةً في المياه الشفافة نسبياً، لكن تلك المكتشفة في العراق تتوضع على أعماق أكبر وفي منطقة ذات رؤية منخفضة كما تعاني من تغيرات سريعة في الظروف (الحرارة، والملوحة) بسبب التيارات القوية. سبب هذه التيارات هو المد والجزر بالإضافة إلى الكمية الهائلة من الرواسب المحملة من شط العرب.

تبلغ مساحة الشعاب 28 كم مربع متوضعة على الإحداثيات 29 درجة و37 دقيقة شمالاً و 48 درجة و48 دقيقة شرقاً (ابحث في خرائط غوغل عن 29°37′00n048°48′00e إن أحببت). وجدت الشعاب بحالة صحية جيدة على عمق 7 - 20 م علماً أن العمق يتباين حتى 3 م بفعل المد والجزر بالإضافة إلى وجود التيارات القوية بسرعة 3 - 4.5 م/ثانية، ومع أن الرواسب تؤدي إلى عكارة شديدة إلا أنها مليئة بالمغذيات.

من الأنواع المكتشفة هناك الشعاب الحجرية من قبيل شوفالييه Chevalier، الفلقات المرجانية (Porites lobata)، والمرجان الشمسي (Tubastrea) وغيرها، بالإضافة إلى النجم الهش والنجم الثعباني ونجوم السلة التي سجلت بشكل ضعيف جداً في الخليج العربي. بصرف النظر عن البعثة الدنماركية للمكان في 1940 توجد فقط قلة قليلة من التقارير التي تصف النجم الهش (Ophiuroids) التابع لشوكيات الجلد في المنطقة وهي تتحدث فقط عنها في السواحل الإيرانية وهذا ما يزيد من أهمية هذا الاكتشاف.

وجد أيضاً حيوان الإسفنج وذوات الصدفتين التي قد تنافس الشعاب المرجانية على المكان أو قد تؤدي لتأكلها حيوياً وبالتالي تدميرها. دراسة الاسفنج أصلاً ضعيفة في المنطقة ووجوده في هذه البيئة البحرية كان مفاجئاً لكون الإسفنج مصنف على أنه حساس للمواقع عالية الرواسب والمعلقات. اكتشاف العديد من الإسفنجيات (Porifera) بما في ذلك الإسفنج ذو الياقة الخضراء يعد ذو أهمية كبيرة للبيئة والتنوع الحيوي في نظام الشعاب المرجانية الغير عادي هذا.

المواطن الطبيعية المكتشفة بحاجة ماسة للحماية وللمزيد من الأبحاث رغم التحدي المتمثل بكون المنطقة موقع للتنقيب واسع النطاق عن النفط والغاز. باتت الدول التي تشهد النزاعات تتشارك بعض المواطن الطبيعية الهامة مما قد يفتح الباب أمام بعض التفاهم السياسي إلى جانب العلمي. لا يزال رصد هذه الشعاب النادرة يتطلب المزيد من الاتصالات المكثفة بين الخبراء من العديد من الدول لما سيكون لذلك من آثار عالمية.

 

المصدر:

هنا