الطب > مقالات طبية

اجلس منتصبًا ليس فقط لصورة جميلة

ما هي "الوضعية Posture" التي نتحدّث عنها؟

هي الوضعة التي نحافظ فيها على أجسادنا في أثناء الوقوف، أو الجلوس، أو الاستلقاء؛ ووضعيّة الجسم "الجيّدة" هي الارتصاف الصحيح لأجزاء الجسم مدعومةً بالقدر الملائم من التوتّر العضلي ضدّ الجاذبيّة. ولتحقيق الوضعيّة الجيّدة، يجب تدريب الجسم على الوقوف، والجلوس، والاستلقاء؛ إذ تتضمّن تطبيق أقلّ جهد ممكن على العضلات والأربطة في الحركة أو أيّ نشاط مرتبط بحمل الأثقال، وهنا تأتي أهميتها.

لا نستطيع عادةّ الحفاظ على وضعية الجسم الجيدة بوعينا الكامل؛ إذ يكون ذلك من تخصص عضلات الوضعة Postural muscles ( مجموعات عدَّة من العضلات، مثل عضلات الفخذ الخلفية، وعضلات الظهر الكبيرة)؛ حينما تعمل هذه العضلات بأسلوب ملائم فإنّها تمنع الجاذبية من دفع الجسم باتجاه الأمام. وتقود وضعية الجسم السيئة إلى الإجهاد الزائد على عضلات الوضعة؛ ما يقودها لأن تسترخي، خاصةً عند المحافظة على الوضعية تلك لفترة طويلة من الزمن، ما يدفع الجسم بالانحناء إلى الأمام ويصبح أكثر عرضة للأذية، وتسببّ ألماً في الظهر. 

 تسبب وضعيّة الجسم السيّئة: 

ألمًا الرأس: إذ تتسبب بإجهاد عضلات مؤخّرة الرأس، والعنق، والقسم العلوي من الظهر، والفكّ وهذا ما ينتهي بالضغط على الأعصاب المجاورة لتطلق ألم الرأس.

ألمَ الرقبة والظهر: تعدّ الوضعيّة السيّئة من المسبّبات الشائعة لآلام الرقبة والظهر، وعلى الرغم من أنها لا تهدد حياة المريض، ولكنها قد تكون مزمنة، وتخفض الصحة العامة، وتتسبب بالتهاب المفاصل وغيره من الأمراض المزمنة.

ألم الركبة، والورك، والقدم: تمنع الوضعيّة السيّئة الرّضفة من الانزلاق بسهولة على الفخذ مما يسبب تهيّجًا وألمًأ أمام الركبة، ولزاويةِ القدم والكعب السيئة عند الجلوس آثارًا سلبية في التهاب الصفاق الأخمصي (هو نسيج يربط الكعبَ بالقدم)أيضًا، ما يؤدّي إلى ألم عند الكعب.

ألم الكتفين: تسبب الوضعيّة السيّئة في التهاب أوتار العضلات التي تربط الذراع بالكتف، ما ينتج عنها ألمًا وصعوبةً في إنجاز الأعمال اليوميّة.

 ألم الفكّ: تساهم وضعيّة تتضمّن انحناء الرأس إلى الأمام في إجهاد العضلات تحت الذقن وإجهاد المفصل الفكّي الصدغي مؤدّيةً إلى صعوبة في فتح الفم، وألم الرقبة، والرأس.

 تعب عام وصعوبة في التنفّس: تساهم الوضعيّة السّيئة في تقييّد حركة الأضلاع، والحجاب الحاجز مؤدّيًا لتنفسٍ سطحيٍّ وتعبٍ عام.

كيف يمكن تقييّم الوضعية بأنّها سيّئة؟

يوجد طرائق عدة لتقييّم الوضعية؛ منها: ابدأ بالوقوف وظهرك مستند إلى الحائط؛ إذ  يبعد كعب القدم قرابة3 إنش (أو 7 سم) عن الحائط.

ضع يدًا على رقبتك؛ إذ تكون راحة اليد على الرقبة والأخرى على القسم السفلي من الظهر؛ إذ تكون راحة اليد مجابهة للحائط، فإذا كان بإمكانك تحريك يديك بحرّية مسافة 1 أو 2 إنش (2 إلى 5 سم) فعليك التفكير بتعديل وضعيتك لاستعادة الانحناءات الطبيعية للعمود الفقري؛ وهي ثلاثة: انحناء خفيف إلى الأمام عند الرقبة (الانحناء الرقبيّ)، وانحناء خفيف إلى الخلف عند القسم العلوي من الظهر (الانحناء الصدري) وانحناء خفيف إلى الأمام عند القسم السفلي من الظهر (الانحناء القطني). 

لانحناءات العمود الفقري السليم ارتصاف بشكل حرف (S) متطاولة ).

    يبيّن الشكل كيفية إجراء التقييّم:

وضعيّة الوقوف الجيّدة:

إنّ الوقوف بانحناء الرأس إلى الأمام، وتحدّب القسم العلوي من الظهر يعرقل انحناءات العمود الفقري والوقوف، مثل: الجنود المبالغة في شدّ الكتفين إلى الخلف؛ ولكلّ الوضعيتين آثارها السلبيّة في الإجهاد العضلي والتعب.

لذلك: يجب على رأسك أن يكون فوق كتفيك تمامًا بارتصاف جيّد؛ إذ يكون غير منحنٍ إلى الأمام أو الجانبين، والأكتاف مشدودة إلى الخلف، مع الحفاظ على الركبتين والوركين بوضعية حيادية، إضافة إلى أن البعد بين القدمين يجب أن يكون مساويًا عرض الكتفين، ويجب في أثناء الوقوف توزيع ثقل الجسم بالتساوي، والبطن مسحوب إلى الداخل، والنظر دائمًا إلى الأمام وليس الأسفل.

وإذا اضطررت للوقوف مدة طويلة، يمكنك توزيع ثقل الجسم بين القدم والاخرى أو بين كعب وأصابع القدمين.  

يبيّن الشكل هنا وضعيات الوقوف المختلفة والجيّدة، منها:

وضعيّة الجلوس الجيّدة: 

اجلس وظهرك مستقيمًا والأكتاف إلى الخلف؛ ويجب على أردافك أن تلامس مؤخرة الكرسي.

يجب أن تظهر انحناءات الظهر الثلاثة في أثناء الجلوس؛ واحرص على توزيع ثقلك بتساوٍ بين الوركين.

يجب أن يكون انثناء الركبتين بزاوية قائمة؛ وابقِ ركبتيك بمستوى وركيك، أو أعلى بقليل (استخدم مقعد أو منصّة صغيرة إذا أمكن)، ولا تضع رجلًا على رجل، وضع قدماك بمستوٍ مسطح على الأرض، أو المنصّة التي تجلس عليها إذا أمكنك.

تجنّب الجلوس بالوضعيّة نفسها أكثر من 30 دقيقة.

عدّل ارتفاع كرسيك ليصبح باستطاعتك الجلوس بالقرب من مكان العمل؛ وضع مرفقيك وذراعيك على الطاولة بجانب جسمك مُرخيًا بذلك أكتافك؛ وإذا كنت تجلس في كرسيّ ذي عجلات لا تُدر جسمك عند الخصر، بل در بجسمك كلّه.

وعند الوقوف من وضعيّة الجلوس هذه قف من القسم الأمامي للكرسيّ بيحث يكون كامل الاعتماد على استقامة رجليك، لا بالانحناء عند الخصر إلى الأمام.

يبيّن الشكل هنا وضعيّة الجلوس الجيّدة:

وضعيّة الاستلقاء الجيّدة:

قد تختلف راحتك بحسب نوع الفراش؛ لذلك اختر النوع المناسب لك. 

يجب أن يكون رأسك على الوسادة التي تستخدمها فقط؛ وليس رأسك مع أكتافك، ويجب أن تكون سماكة الوسادة مناسبة؛ إذ تبقي رأسك بالوضعية الطبيعية. 

حاول الاستلقاء أو النوم بالحفاظ على انحناءات العمود الفقري؛ ويمكن ذلك باستخدام وسادة أو منشفة تحت ركبتيك، وتجنّب النوم على جانبك وركبتيك منحنيتين باتجاه صدرك، وتجنّب النوم على بطنك؛ إذ تسببّ إجهاد الظهر وألمًا في الرقبة. 

وعند القيام من وضعيّة الاستلقاء؛ در إلى جانبك، واسحب ركبتيك وقدميك إلى جانب السرير، وحاول الجلوس بدفع جسمك باستخدام يديك، وعند القيام بعد الجلوس؛ فالأمر ذاته عند الجلوس على الكرسي. 

يبيّن الشكل وضعيّة الاستلقاء الجيّدة:

لوضعيّة الجسم الجيّدة لدينا فوائد عديدة:

إجهاد أقل على المفاصل والعظام. 

تستطيع التنفّس بأريحيّة. 

ترفع من طاقتك ومزاجك؛ إذ وجدت دراسات عديدة رابطًا بين تحسّن المزاج، والوضعيّة الجيّدة.

تساهم في تخفيف تآكل السطوح المفصلية، فبذلك تمنع حدوث التهاب المفاصل. 

تخفيف الإجهاد على أربطة العمود الفقري، ويمنع تثبّته في الوضعيّات غير الطبيعيّة؛ وتساهم في منع آلام الظهر. 

تمنع التعب؛ بسبب استخدام العضلات بكفاءة أكبر؛ ما يساهم في استهلاك الجسم لمقدار أقل من الطاقة؛ وتساهم في منع ألم العضلات.  

ومثلما رأينا؛ لوضعيّة الجسم الجيّدة في أيّ نشاط لها آثارها الإيجابية على الصّحة؛ فإن كنتم تقرأون هذا المقال بوضعية جيّدة أو صححّتموهافي  أثناء القراءة فهنيئًا لكم، أما إذا بقيتم بتلك الوضعية المنحني، فماذا تنتظرون؟! ابتعدوا عن أجهزتكم وابدأوا بالتغيير.

مصادر المقال:

(1):هنا

(2):هنا

(3):هنا

(4):هنا

(5):هنا