الطب > مقالات طبية

التهاب النخاع الشوكي والعصب البصري، وأمل جديد للتخفيف من المعاناة والعجز

هنالك العديد من الأمراض المناعية التي تهاجم الجهاز العصبي بأقسامه المختلفة؛ نذكر منها التصلب اللويحي المتعدد (MS)، ومتلازمة جيلان باريه والتهاب النخاع والعصب البصري -أو ما يعرف بداء ديفك- وغيرها. سنتناول في هذا المقال الحديث عن التهاب النخاع والعصب البصري neuromyelitis-optica فتابع معنا..

ما التهاب النخاع والعصب البصري (داء ديفك)؟

يصيب التهاب النخاع والعصب البصري الجهازَ العصبي المركزي (النخاع الشوكي في أغلب الأحيان وأحيانًا الدماغ) والعصب البصري؛ إذ تبدأ الخلايا المناعية بتصنيع أجسام مضادة تهاجم خلايا الدماغ والحبل الشوكي والعصب البصري؛ ما يؤدي إلى التهابها وأذيتها.

الانتشار:

تشير الدراسات إلى أن نسبة انتشار هذا المرض تتراوح ما بين 1/100000 إلى 4.4/100000 في أوروبا وأمريكا الشمالية، ولكن ربما العدد الحقيقي يفوق هذه الأرقام لأن هناك كثير من الحالات التي تُشخص على أنها تصلب لويحي متعدد ولكنها في الواقع هي داء ديفك.

كما هو الحال في الأمراض المناعية الأخرى؛ يصيب داء ديفك النساء أكثر من الرجال (بنسبة 10:1)، ويمكن أن يصيب هذا المرضُ الأشخاصَ في أي عمر؛ أطفالًا كانوا أو كبارًا، ولكن في أغلب الأحيان تبدأ الأعراض في الظهور في عمر 35-45.

سَير المرض:

قد يأتي المرض على شكل هجمات حادة عديدة relapsing وهذا يحدث في 90% من الحالات، ولكن قد تأتي هجمة واحدة ويشفى المريض بعدها شفاءً تامًّا، ويشكل هذا النمط 10% من الحالات monophasic، ونادرًا ما يأتي بشكل متفاقم إلى الأسوأ.

ما الأعراض والعلامات؟

1- أذية العصب البصري:

يظهر على شكل تدنٍّ حاد في حدة البصر في عين واحدة أو كلتيهما، مع فقدان القدرة على رؤية الألوان، ويصاحب هذه التغيرات ألم في العين يزداد عند تحريكها.

قد يظهر التهاب العصب البصري على شكل ظاهرة بلفريك Pulfrich phenomenon ؛ إذ يرى المريض الجسم المتحرك بمسار مستقيم كما لو أنه يتحرك بمسار ملتوٍ؛ وذلك بسبب عدم وجود تناظر بالنقل العصبي بين العصبين البصريين نتيجة الالتهاب. 

2- أذية النخاع الشوكي:

يظهر على شكل ضعف أو شلل في الأطراف أو نخز أو فقدان الإحساس في مناطق الجسم المختلفة أو اضطرابات بالتبول والتبرز.

3- أذية الدماغ:

عادة ما يصيب الأطفال، ويظهر على شكل تشنجات ونوبات صرع وصداع أو غيبوبة.

4- أعراض أخرى:

كالتعب العام والغثيان والإقياء.

عادةً ما تكون الهجمات حادة وشديدة وإذا لم تعالج في الوقت المناسب؛ فإنها قد تؤدي إلى أضرار دائمة.

ومن هنا جاءت أهمية التشخيص المبكر لهذه الحالة لتلافي مخاطر تأخر التشخيص والعلاج.[2]

التشخيص:

يلجأ الأطباء عادة إلى بعض الفحوص المخبرية ووسائل التصوير الشعاعي -وذلك بعد الاستجواب والفحص السريري- لتشخيص المرض ونفي التشخيصات التفريقية الأخرى، منها:

1- فحص نسبة الأجسام المضادة للقنوات المائية من النمط 4 (AQP4).

2- فحص الأجسام المضادة للنواة ANA؛ لنفي الأمراض الرثوية والتهابات الأوعية الدموية.

3- فحص وظائف الغدة الدرقية.

4- سرعة التثفل (ESR).

5-اختبار الراجنة البلازمية السريع (rapid plasma reagent) لنفي مرض الزهري.

6- التصوير المقطعي البصري Optical Coherence Tomography.

7- الرنين المغناطيسي MRI الذي يؤدي دورًا مهمًّا في تشخيص التهاب العصب البصري وتفريق داء ديفك عن التصلب اللويحي المتعدد.

8- الجهد البصري المُحرّض (visual evoked potentials) الذي نستطيع أن نكشف عن طريقه التهاب العصب البصري قبل ظهوره على صور الرنين المغناطيسي.

معايير تشخيص داء ديفك:

إضافة الى وجود أعراض التهاب النخاع والعصب البصري وعلاماته؛ يتطلب تشخيص داء ديفك وجود اثنين من المعايير الثلاثة الآتية:

1- وجود آفة في النخاع الشوكي ممتدة لتشمل ثلاث شدف متتالية أوأكثر ظاهرة على تصوير الرنين المغناطيسي.

2- أن لا يتوافق تصوير الرنين المغناطيسي للدماغ مع معايير تشخيص التصلب المتعدد.

3- أن يثبت تحليل الدم وجود الأجسام المضادة IgG للقنوات المائية 4.

العلاج:

للأسف لا يوجد علاج شافٍ إلى الآن لهذا المرض، وتبقى الستيروئيدات ومثبطات المناعة هي العلاج الرئيس الذي نملكه في الوقت الراهن.

في حالة الهجمة الحادة -وبعد الفحص العصبي ونفي أي إنتان- تُعطى جرعة من الستيروئيدات عن طريق الوريد مدة خمس أيام، مضافًا إليها مثبطات مضخة البروتون وأدوية مميعة للدم للوقاية من التجلط. في حالة عدم استجابة المريض يُطبَّق علاج تبديل البلازما الذي يمكن تكراره عدة مرات.

أما العلاج على المدى الطويل؛ فلا بد منه عند تأكيد التشخيص؛ وذلك للتقليل من عدد هذه الهجمات وحدتها وما يليها من تبعات؛ فتستخدم المثبطات المناعية كالآزاثيوبرين AZA  والروتكسماب rituximab.

هل هناك أمل جديد لمرضى داء ديفك؟

في السابع والعشرين من شهر حزيران لعام 2019؛ وافقت هيئة الغذاء والدواء FDA على Eculizumab بوصفه أول دواء علاجي لمرض التهاب النخاع الشوكي والعصب البصري؛ إذ أثبت الدراسات أنه يُخفف من هجمات المرض.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء كان قد استخدم من قبل في علاج أمراض أخرى كبيلة الخضاب الليلية الإنتيابية (PNH) ومتلازمة انحلال الدم اليوريميائية (HUS) والوهن العضلي الوبيل.

مصادر المقال:

1-هنا

2- هنا/Symptoms-and-Diagnosis

3 -هنا

4-هنا

5-هنا

6-هنا

7- هنا