الكيمياء والصيدلة > علاجات صيدلانية جديدة

هل من الممكن تخفيف آلام الظهر باستعمال دواء غفل (Placebo)؟

مع ازدياد نسبة المرضى الذين يعانون الألم، وسعي العلماء المتواصل لإيجاد علاجات بديلة للمواد الأفيونية؛ يقدِّم العلاج بغياب المواد الدوائية (Placebo) نفسه بوصفه أحد أفضل الخيارات المتاحة.

أشارت نتائج بحث جديد في الولايات المتحدة الأمريكية؛ أنَّ العديد من مرضى آلام الظهر؛ قد تُخفف آلامهم بتناول حبوب سكر خالية من أي مواد دوائية (دواء غفل Placebo) مما يلغي حاجتهم إلى دواء قوي.

أظهرت هذه الدراسة أنَّ نصف مرضى آلام الظهر المزمنة قد انخفضت نسبة شدة الألم لديهم بنسبة 30٪ تقريبًا عقب تناولهم للـPlacebo، وهي نسبة مقاربة نوعًا ما لتلك التي يحصلون عليها عقب تناول مسكنات الألم المعروفة. ويقول الباحثون: إنَّه من الممكن التنبؤ باستجابة المريض للـ Placebo عن طريق دراسة البنية التشريحية لدماغه وحالته الفيزيولوجية.

تبدد هذه الدراسة بقوة الفكرةَ الكلاسيكية السائدة عن  الاستجابة للدواء الغفل Placebo، التي تقول إنَّ الاستجابة الحاصلة غير قابلة للتنبؤ، وقد تظهر مع التناول الأول وتغيب مع التكرار.

أثار تأثير الـ Placebo  استغراب العلماء، واستحوذ على اهتمامهم على مر العصور، وتقدم هذه الدراسة دليلًا إضافيًا على أن  الـ Placebo قد يؤدي دورًا مهمًا في مساعدة بعض المرضى على تقليل الشعور بالألم، وتحسين وضعهم العام، وقد لا تكون علاجات الـPlacebo  مناسبة لجميع المرضى، إلا أنَّ بعضهم قد يستجيب استجابةً جيدةً لهذا النوع من العلاج خصوصًا أن تخفيض ألم شخصٍ ما بنسبة 30% هو تخفيض مفيد وملحوظ؛ قد يجعل المرضى أكثر نشاطًا، ويقلل من تناولهم أدويةً أخرى لهذا الغرض مثل المسكنات الأفيونية التي يسبب إدمانها حاليًا مشكلةً حقيقيةً.

أُجريت هذه الدراسة على مجموعة تجريبية مؤلفة من قرابة 60 مريضًا يعانون آلامًا في الظهر توصف بأنها مزمنة؛ إذ قسموا عشوائيًا إلى مجموعتين تجريبيتين. إحداهما تلقت إما Placebo وإما مسكِّن ألم غير أفيوني (نابروكسين)؛ والمجموعة الأخرى لم تتلقَ أي علاج، وعرضت المجموعتان على الطبيب للمعاينة، وأظهرت تقييمات الألم اليومية على مدى ثمانية أسابيع من الدراسة أنَّ المرضى الذين يتلقون الـ Placebo كان لديهم انخفاضٌ أكبر في الألم، ومعدل استجابة أعلى مقارنة مع أولئك الذين لم يتلقوا أي علاج. ولم تقارن الدراسة بين النتائج المحققة بالـ Placebo وتلك المحققة بالمسكن غير الأفيوني. 

إلا أنَّ فحوص الدماغ كشفت أنَ متقبلي الـ placebo كان لديهم تشريح دماغ متماثل بين بعضهم، ويملكون مناطق عاطفية غير متناظرة في المنطقة الحوضية تحت القشرية في الدماغ؛ إذ كان الجانب الأيمن للمنطقة أكبر من الأيسر. وأظهرت نتائج المسح الضوئي أيضًا أنَّ المستجيبين للـPlacebo لديهم منطقة حسية قشرية أكبر حجمًا.

أظهر الاختبار النفسي أن تأثير الـ  Placebo كان أكثر انتشارًا بين المرضى الذين هم أكثر وعيًا بجسدهم وعواطفهم، وتتبع قدرتهم على التركيز أو تشتيت انتباههم عن هذه الأحاسيس. 

وتظهِر النتائجُ أنَّ بعض مرضى آلام الظهر يبدون استجابةً اضطراريةً على الـ Placebo في ظل غياب أي تدخل طبي حقيقي، ما يعني أنهم سيحققون الفائدة من الـ Placebo دون المعاناة من أي آثار جانبية، كتلك المرافقة لتناول الأدوية حتى لو علموا بأنهم لا يتلقون سوى Placebo.

من غير المعروف ما إذا كانت هذه الدراسة فعالة على أنواع أخرى من الألم، ولكن من المتوقع أنَّ  يحتاج الـ Placebo إلى تعديلٍ نوعي ليلائم أنواع الآلام المزمنة السريرية الأخرى.

ويجب التنبيه إلى أنَّ على المرضى المهتمين بالعلاج بالـ Placebo أن يسألوا طبيبهم عما إذا كان هذا العلاج مناسبًا لحالتهم الصحية أم لا.

المصادر:

هنا