الهندسة والآليات > التكنولوجيا

تكنولوجيا النانو إلى أين؟!

في العقد الأخير؛ تمكَّن الباحثون من تكوين الأجسام على اختلاف أشكالها ووظائفها عن طريق الطابعة الثلاثية الأبعاد؛ الأمر الذي جعل بعض المهام الصعبة والمملة أمرًا ممكنًا وممتعًا في آنٍ واحد.  

قد طوَّر باحثون من معهد MIT الشهير تقنية تسمح بتشكيل أجسام ثلاثية الأبعاد ذات حجم نانوي التي من الممكن استخدامها في مجالات عديدة ابتداء من المجال الطبي وانتهاء بالروبوتات.

- إذًا؛ ما المواد التي من الممكن استخدامها ضمن أبعاد النانو؟

تُعدُّ المواد المستخدمة في التصنيع محدودة نوعًا ما بحسب ما نشرته مجلة  "The journal Science"؛ إذ تمكَّن الباحثون من استخدام مواد تتضمن المعادن الحمض النووي (DNA)؛ إضافة إلى النقاط الكمومية. 

استخدام النقاط الكمومية أو ما يعرف بـ(Quantum Dots) في التصنيع يتيح إمكانية استخدام الأشكال الثلاثية الأبعاد ضمن الخلايا أو الكائنات الحية؛ إذ تتمتع بخصائص نصف ناقلة بصرية؛ إضافة لكونها بأبعاد نانومترية.؟

- لكن ما الآلية المتبعة لتشكيل جسم بحجم النانو؟

في البداية؛ كان تكوين الشكل الثلاثي الأبعاد ذي البعد النانوي يحدث عن طريق إضافة طبقات متتالية بعضها فوق بعضه تدريجيًّا؛ لكن الطريقة عُدتْ بطيئة ومعرضة للفشل. 

 استُخدِم البلاستيك والبوليمرات في التصنيع؛ لكن خصائص المادتين تُعدُّ محدودة ولا تدعم تكوين جميع الأشكال.

تُعدُّ الآلية المتبعة في معهد ماساتشوستس الأكثر فعالية، إذ درسَ الباحثون طريقةً لإدوارد بويدن لتصوير عالي الدقة لأنسجة الدماغ تُعرَف بالتصوير المجهري بالتمدد Expansion Microscopy، تتضمن مليء الانسجة بهلام وتوسيعها؛ إذ يمكن دراستها بمجهر ضوئي يوضع على الطاولة.

ثم عُكِست هذه الطريقة إلى ما أسموه التصنيع بالانهيار أو الانكماش Implosion Fabrication. استخدموا مادة عالية الامتصاص وهي البولي أكريلات التي توجد عادة في الحفاضات، وذلك لصنع قالب سقالة مكبر من البنية التي يريدون تصنيعها بعدها يُربِط هيكل السقالة بجزيئات الفلوريساين fluorescein المضيئة عبر تقنية تُسمَّى التصوير المجهري الثنائي الفوتونات Two-Photon microscopy عبر استهداف مواقع على سطح القالب وداخله بموجات معينة من الليزر ثم ربط جزيئات الفلوريساين بهذه المواقع تعمل هذه الجزيئات عمل المرساة التي ترتبط بها بقية الجزيئات؛ إذ كما صرح به إدوارد بويدن أستاذ مشارك في الهندسة البيولوجية والدماغ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ فإن الخطوة الأولى تبدأ برمي مرساة أو قالب سقالة كما في البناء في المكان المطلوب باستخدام الليزر ومن ثم نستطيع إرفاق ما نريد بالمرساة من حمض نووي أو نقاط كمومية أو حتى جزيئات من الذهب.

صرح دانيال أوران أحد المشاركين الرئيسيين في البحث:

"يُشبِه الأسلوب إلى حد بعيد تحميض الأفلام؛ إذ تُعرَّض مادة شديدة الحساسية موضوعة ضمن مادة هلامية إلى الضوء لإنشاء صورة أو شكل مبدئي، ومن ثم نستطيع التعديل على الشكل الابتدائي عن طريق إضافة مواد اخرى كالفضة مثلًا مع هذه التقنية سنكون قادرين على على صنع أي شكل بما في ذلك الأشكال المنحنية والهياكل المستقلة والأنماط المتعددة التركيب" 

وبمجرد الانتهاء من صنع الشكل المطلوب يُغمَس الجسم داخل محلول حمضي؛ مما يكسب حبيبات الهلام شحنة سالبة يمنعها من التنافر. 

الجميل في الأمر أن الهلام المستخدم لديه قدرة على الانكماش بدرجة عالية قد تصل إلى 1000 ضعف محوِّلًا إياه إلى جسم صلب. 

صرح صموئيل رودريك أحد القائمين على مشروع البحث قائلًا:

"لطالما حاول العلماء على مر السنين صنع آلة قادرة على تصغير الأجسام إلى حجم النانو؛ لكننا أدركنا أن استخدام النظام المتبع حاليًّا وتضمين المواد ضمن الهلام؛ كفيل بتقليص الشكل إلى أبعاد النانو دون الحاجة إلى تشويه النمط ".

الاكتشاف من شأنه جعل الأمور المستحيلة قابلة للتنفيذ؛ فالتطور المذهل الذي كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي ونعده ضربًا من ضروب المستقبل البعيد قد أصبح واقعًا معاصرًا؛ الأمر الذي سيتيح حدودًا لا يمكننا تخيلها بعد…

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا