علم النفس > القاعدة المعرفية

نظرية التعلق The Attachment theory

يميل الإنسان بطبيعته إلى تكوين علاقات عاطفية مع المحيطين به منذ اللحظات الأولى في حياته، وغالبًا ما يرافق هذه العلاقات تعلق الشخص بالآخرين وفقًا لطبيعة علاقته بهم، وعلى هذا الأساس جاءت نظرية التعلق لتشرح هذا الأسلوب منذ ولادة الشخص حتى البلوغ وكيف يتغير أسلوب التعلق في كل مرحلة.

كانت بدايات نظرية التعلق على يد جون بولبي ( john Bowlby ) الذي استمد ملاحظاته عن طريق تجاربه مع الأطفال وعمله في مجال الإثنولوجيا (1)؛ إذْ وجد بدايةً أن التعلق متجذر في بيولوجية الكائن البشري وليس ناتجًا عن وظائف أخرى مثل توفير الطعام من مقدم الرعاية إلى الرضيع. 

وأشارت أيضًا نظرية التعلق إلى أن تجارب التعلق المبكر بين الطفل ومقدم الرعاية تحتوي على أنموذج عمل داخلي يحاول عن طريقها الطفل تحقيق الشعور بالأمان بينه وبين الآخرين وهو ناتج عن تطور النتائج العصبية والعاطفية للطفل.

وُجد عن طريق الأبحاث التي أجريت على نظرية (بولبي) للتعلق: أنه في حال وُضع الطفل في مواقف غير مألوفة مثل الانفصال عن والديه فإنه سيتفاعل بإحدى الأنماط الأربعة الآتية:

 1- نمط التعلق الآمن الذي يكون فيه الطفل في حالة من القلق عند ابتعاده عن والديه ويشعر بالراحة عند عودتهم.

 2- نمط التعلق المقاوم للقلق يكون فيه الطفل في حالة قلق وضيق ويحاول معاقبة والديه على الابتعاد عنه.

 3- نمط التعلق المتجنب للقلق الذي يبتعد فيه الطفل عن إظهار أي حالة قلق أو ضيق ويتجاهل والديه أو يبتعد عنهم عند عودتهم.

 4-  أُضيف هذا النمط لاحقًا وهو التعلق غير المنظم الذي يتميز بعدم القدرة على تنبؤ سلوكيات الطفل المتعلّق.

لاحقًا أجريت العديد من التجارب التي ساهمت في تطوير نظرية التعلق منها تجارب هارلو ( Harry Harlow ) التي أجراها على القرود بيّنت أن حب الأم لأطفالها ذو أساس عاطفي وليس فيسيولوجيًّا، وأن القدرة على التعلق تعتمد على نحو كبير على التجارب في مرحلة الطفولة المبكرة ومن غير المرجح أن تتغير هذه القدرة في حال محاولة ضبطها، إضافة إلى تجارب (إريك إريكسون) التي حدد عن طريقها المراحل الثمانية للنمو النفسي والاجتماعي، على الرغم من أن هذه التجارب لم تتحدث على نحو مباشر عن التعلق لكنّها مرتبطة على نحو واضح بأساليب التعلق وسلوكياته.

ومن التجارب المهمة أيضًا التي دعمت نظرية التعلق تجرِبة (ماري أينسورث Mary Ainsworth) التي درست عن طريقها أنماط السلوك التي يتبعها الطفل عند فصله عن أهله على نحو منهجي، ونتيجة لذلك اقترحت تطوير الاعتياد الآمن للطفل قبل تعرضه لمواقف غير مألوفة مثل ابتعاده عن والديه. 

وفقًا لنظرية التعلق فإن تجارب علاقات الطفولة لها دور أساسي في تشكيل أسلوب التعلق عند البالغين، فالأشخاص الذين أظهروا سلوك تعلق آمن في صغرهم يميلون إلى إظهار سلوك تعلق آمن أيضًا عند البلوغ، على عكس الأطفال الذين ينتمون إلى بيئات غير مستقرة وغير آمنة؛ فهم أكثر عرضة لإظهار سلوك غير آمن عند البلوغ.

ربما لا تشرح نظرية التعلق سمات كل شخصية على حدة، ولكنّها تمكننا من فهم إستراتيجية تفاعل كل شخص مع من حوله وخصوصًا الأشخاص الذين يحتلون مكانة مهمة في حياة الفرد، إضافة إلى أنها كغيرها من النظريات تعطي أهمية كبيرة لمرحلة الطفولة في تكوين شخصية الفرد. 

الهوامش:

1- الإثنولوجيا: دراسة المجتمعات والثقافات المختلفة. هنا

المصادر:

1- Porter, Jake. “Addiction and Attachment Theory.” Academia. هنا

2- Ackerman, Courtrey. “What is Attachment Theory? Bowlby’s 4 Stages Explained.” Positive Psychology. 27 April 2018. هنا

3- Fraley, Chris. “Adults Attachment Theory and Research.” University of Illinois. 2018. هنا