الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا

الأحكام التحليلية والأحكام التركيبية في المنطق

الأحكام التحليلية هي التي يكون فيها المحمول مُستخلَصًا من ماهيّة الموضوع، والتركيبية هي التي يكون فيها المحمول معبّرًا عن صفة لا تدخل في مفهوم الموضوع؛ أي إنّ كل الأحكام الصحيحة هي أحكام تحليلية، أما إذا فسّرنا الموضوع تفسيرًا ذاتيًا؛ بمعنى أنه مجموع الصفات التي أعرفها عن شيء، فإن القضايا يصح أن تكون تحليلية أو تركيبية تبعًا لمدى علمي بالشيء، فمثلًا عندما نقرأ كتابًا ولم نكن ملاحظين تاريخ طبعته؛ وحين نلاحظ أنها الطبعة الأولى يكون الحكم تركيبيًّا لأن هذه الصفة تعدُّ جديدة.

لكن إيمانويل كانط Immanuel Kant لم يقصد هذا حين فرّق بين الأحكام التحليلية والأحكام التركيبية وإنما فرّق بينهما على أساس التعريف أو الحد، فإذا كانت الصفة المحمولة على الموضوع داخلة في حد الموضوع؛ كانت القضية تحليلية، وإذا لم تكن داخلة في حد الموضوع؛ كانت تركيبية. فإذا قلت إنّ الجسم ممتد؛ فإنَّ الامتداد صفة داخلة في تعريف الجسم، وبذلك تعدُّ هذه القضية تحليلية، أمّا إذا قلت إنه ذو ثقل فإنك تضيف إلى تعريفه صفة لا يتضمنها وهي انجذابه إلى أجسام أخرى، ومن ثمَّ تكون هذه القضية تركيبية.

ولكن نواجه بعد هذا مشكلة تحديد المفهوم، نحن نعلم بأن التعريف ليس ثابتًا؛ أي نستطيع أن نعرّف الشيء الواحد تعريفات مختلفة، وبوجهة نظر برادلي إن مفهوم الشيء يتوقف على معرفتنا به، فهو يرى أن التمييز بين القضايا التركيبية والتحليلية لا معنى له، أي من الممكن أن يكون تحليليا بالنسبة لي وتركيبيا بالنسبة لغيري. لكن يمكن الرد على هذا النقد بأن نقول إننا في التعريف نميل إلى الاقتصار على ما  يفصل الشيء عن غيره ويجمع كل صفاته الأساسية، أي إننا نميل إلى التعريف بالماهيّة، ولا ندخل الإعراض في المفهوم.

في الواقع إن القضايا التركيبية هي القضايا الحقة لأنها تأتي بعلم جديد، فإذا كان العلم يقوم على اكتشاف صفات أو خواص جديدة، فإن القضايا العلمية هي القضايا التركيبية، أما القضايا التحليلية فهي تحصيل حاصل أو تعريفات لفظية، و أمثال هذه القضية تفيد بالإيضاح ولا تفيد في الكشف. ونحصل على القضايا التركيبية بالتجربة أو بالاستدلال الرياضي أو بالقياس.

*الصورة: تمثال إيمانويل كانط في مدينة كالينينغراد الروسية

المصدر:  البدوي، عبد الرحمن. موسوعة الفلسفة الجزء الأول، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1984. الصفحة 93.