التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

ليدا والبجعة.. حبٌ من طرفٍ واحد!

نسب ليدا:

ليدا ملكة إسبارطة، هي ابنة الملك ثيستس Thestius ملك بلوران في أتوليا  Aetolia(مقاطعة في اليونان الحديثة، مدنها الرئيسة بلوران وكاليدون) وزوجة تينداريس Tyndareus ملك إسبارطة، أنجبا عدة أطفال بما في ذلك هيلين Helen (التي وقعت في حب باريس Paris مسببةً الحرب الطروادية)  وتوءما ديوسكوري وكلاتيمينسترا Clytemnestra ( زوجة الملك أجاممنون Agamemnon ملك ميسيني وقائد الجيش الإغريقي في الحرب الطروادية) وتيماندرا Timandra وفيلوني Phylonoe. 

ليدا والبجعة:

يُعتقد أنَّ كلاتيمينسترا وكاستور (أحد التوءمين) هما أبناء ليدا من تنديروس، ويُعتقد أنَّ بولوكس (التوءم الآخر) والجميلة هيلين هما أبناء ليدا من زيوس كبير آلهة الإغريق، وأنَّ الأخوة الأربعة قد خرجوا من بيضتين وذلك بعد أن أحب زيوس رب الآلهة الإغريق ليدا وحاول إغواءها وخداعها بأخذه شكل بجعة، وكانت نتيجة هذا الاتحاد الذي حدث على ضفاف نهر يوروتاس  Eurotas بيضةً وُلِدَت منها الجميلة هيلين وبولوكس أحد التوءمين، ووُلِدَ التوءمين كاستور وكلاتيمينسترا من البيضة الأخرى لزوج ليدا تيندورس في الليلة نفسها التي فقست فيها البيضة الأولى، وقد عُدَّ أحد التوءمين فانيًا والآخر خالدًا؛ إذ إنَّ بولوكس هو ابن الإله زيوس وبذلك فهو خالد، ولكن كاستور هو ابن تنديروس البشري الفاني مما يجعله فانيًا، وحسب هوميروس وبندار فإنَّ ذروة القصة تكون حين يشترط بولوكس على أبيه زيوس أن يتشارك نعمة الخلود مع أخيه كاستور، وقد لبَّى زيوس طلبه فيتبادل الأخوان عوالمهما كل يوم (يوم يعيش كاستور ويموت بولوكس، واليوم التالي يعيش بولوكس ويموت كاستور). 

وقد عُرِفَ التوءمان بمودتهما لبعضهما، وأيضًا بإنجازاتهما في الرياضات الجسدية؛ إذ كان كاستور راكب العربات الأول في زمانه، وكان بولكس أفضل الملاكمين، ظهرت أسماؤهم بين عدد من الملاحم البطولية مثل صيد الخنزير الكالديودني*؛ تلقى الأخوان الإجلال والاحترام في جميع أنحاء اليونان وعبدهما الناس بإجلالٍ خاص في إسبارطة.

القصة حسب روايةٍ أخرى (نيمسس*):

في روايةٍ أخرى للأسطورة، كانت الإلهة نيمسس هي من طاردها زيوس وقد حولت نفسها إلى سمكةٍ من أجل أن تسبح بعيدًا وتهرب من اهتمام زيوس المغرم بها، وقد حوَّل نفسه إلى قندس لكي يطارد فريسته، وهكذا تتحول نيمسس إلى مخلوقاتٍ مختلفةٍ بما في ذلك أرنب بِرّي ونحلة وفأر، ولكن زيوس يحوُّل نفسه إلى مخلوقات أسرع وأشدَّ افتراسًا في كل مرة، ولم يمسك بها حتى تحوَّل أخيرًا إلى شكل بجعة في حين كانت في شكل إوزة، في رواياتٍ أخرى يُضاف مشهدُ خِداع زيوس لنيمسس عندما يثير شفقتها متظاهرًا أنَّه مطاردٌ من نسرٍ، ثم يغتصبها بعد أن يستلين قلبها، وتهرب نمسيس بعدها إلى إسبارطة؛ فَتضع بيضةً في مستنقعات خارج المدينة، وتجد ليدا البيضة يومًا ما ( أو يجدها أحد الرعاة ويعطيها إلى ليدا بوصفها ملكة لإسبارطة) فتخفي ليدا البيضة في خزانة، وتفقس البيضة لاحقًا مخرجةً هيلين التي تربيها ليدا وكأنَّها ابنتها. 

في مصادر أخرى يُذكر أنَّ ليدا هي نمسيس نفسها إذ حوَّلها زيوس ومنحها الخلود. 

ليدا والفن:

صُوِّر مشهد ليدا والبجعة مرارًا، ولعل أهم التمثيلات الآتية هي الأهم للأسطورة:

1- ليدا محتضنةً بجعة أو ممسكةً بيضة هو مشهد أُعِيدَ تقديمه مرارًا في الفن الإغريقي. يُعْرَض الآن  تمثالٌ من الرخام لليدا وهي تمسك بجعةً في متاحف الكابيتولين في روما Capitoline Museums إذ يعود تاريخ هذا التمثال إلى الفترة الرومانية، ويُعْتَقَد أنَّه نسخة عن أصلٍ يونانيٍّ نُحت سنة 400 قبل الميلاد، وبذلك هو أقدم تمثيل معروف لأسطورة ليدا والبجعة. 

2- يظهر زيوس مع ليدا إضافةً إلى بيضة وهما يجلسان على العرش (من غير بجعة) أعلى آنية فخارية حمراء تعود إلى الفترة ما بين منتصف وأواخر القرن الخامس قبل الميلاد.

3- تظهر هيلين وهي تخرج من البيضة على آنيةٍ فخاريةٍ حمراء تعود  إلى القرن الرابع قبل الميلاد.

4- مشهد البجعة تطارد ليدا مرسومةً في لوحة مركزية من الفسيفساء تعود إلى الفترة الرومانية من معبد أفروديت في باليافوس Palaipafos في قبرص، وتعود إلى أواخر القرن الثاني أو أوائل القرن الثالث الميلادي.

5- تظهر ليدا والبجعة على سراج روماني من التراكوتا يعود إلى الفترة الإمبراطورية.

6- لوحة ليدا والبجعة للفنان الإيطالي Francesco d'Ubertino Verdi، ألوان زيتية على خشب، 1494–1557.

7- لوحة ليدا والبجعة وهي لوحة منسوخة عن لوحة ضائعة للفنان الإيطالي ميكيلانجيلو  MICHELANGELO Buonarroti محفوظة في المتحف الوطني في لندن. 

الهوامش:

*زيوس Zeus:

في الدين الإغريقي القديم، زيوس كبير الآلهة وإله الطقس والسماء وهو الإله نفسه عند الرومان ولكن بتسميةٍ أخرى جوبيتر.

هنا

*باريس Paris:

ابن الملك بريام ملك طروادة. فُسِّرَ حلمٌ متعلقٌ بولادته كنذير شؤمٍ، ونتيجةً لذلك تخلَّت عنه أسرته وهو طفل.

هنا

*هوميروس Homer: 

شاعرٌ يوناني يُفْتَرَض أنّه مؤلف ملحمتي الإلياذة والأوديسة.

هنا

*الأوديسة Odyssey: 

هي ملحمة في 24 كتاب وتعود إلى الشاعر اليوناني هوميروس.

هنا

*توءما ديوسكوري the Dioscuri: 

هما كاستور وبولوكس Castor and Pollux أنصاف آلهة عُبدا في الديانتين الرومانية والإغريقية، نُسِب إليها فضل إنقاذ الأشخاص العالقين في البحر أو في الحرب أو في أي خطر، وارتبطا مع الخيول وألعاب الرياضة عامة، وارتبطا أيضا بمدينة إسبارطة، إضافةً إلى بناء معابد لهما في أثينا وفي جزيرة ديلوس Delos اليونانية. كان توءما ديوسكوري أيضًا حماة الفرسان الرومان، وأدَّيا دورًا مهمًا في المراسم العسكرية في الفترة الإمبراطورية.

هنا

* حملة مطاردة الخنزير الكاليدوني Calydonic boar-hunt: 

تَروي الإلياذة كيف أنَّ والد ميليجر Meleager الملك أوينوس من كاليدون قد نسي تقديم الأضحية إلى ربة القصاص الإلهي الآلهة أرتميس فأرسلت خنزيرًا برِّيًّا لتدمير البلاد، جمع Meleager مجموعة من الأبطال من أجل مطاردة الخنزير، ثم قتله بنفسه في النهاية.  

هنا

*نيمسيس Nemesis:

ربَّة القصاص الإلهي والانتقام الإغريقية، كانت تلحق العقاب بكل من يتغطرس على الآلهة أو غيرها.

هنا;

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- E. M. Bernes، The Myth & Legends of Ancient Greece and Rome، 2009. Page 24

4- هنا

5- هنا