الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف تعمل الآلة الحاسبة؟

هل شعرت يومًا ما بالاستفزاز لأن الآلة الحاسبة لا تخطأ مهما عقدت العمليات الحسابية المعطاة لها؟ وكيف لها أن تعطيك الإجابة الدقيقة في وقت قصير للغاية؟! 

يجد العقل البشري صعوبة في إجراء العمليات الحسابية المعقدة وذلك لأن العقل البشري عاجز عن تخزين عدد كبير من الأرقام، وبذلك نجد صعوبة في إجراء العمليات الحسابية المعقدة ونتيجة حاجة الإنسان إلى العمليات الحسابية في معظم مجالات الحياة فكان لا بد من اختراع آلة تساعده على ذلك. 

تعد الآلة الحاسبة من الاختراعات المرافقة للإنسان على مر السنين، فهي صديق يتعرف الإنسان إليه في بداية حياته الدراسية ويرافقه إلى نهاية رحلته الدراسية، وغالبًا لا يتركه حتى في مراحله المهنية؛ فلا نرى اليوم أي متجر أو مكتب أو مكان عمل لا توجد فيه آلة حاسبة. 

قبل الخوض في تفاصيل عمل هذا الصديق الرائع دعونا نلقِ نظرة خاطفة على تاريخ الآلة الحاسبة:

يمكننا تتبع أول اختراع يعمل على العد قبل قرابة 5000 عام  أو أكثر، ويدعى باسم الأباكوس The Abacus؛ إذ يستخدم فيه مجموعة خرزات تتحرك على قضبان ثابتة لإجراء العمليات الرياضية الأساسية كالجمع والطرح والضرب والقسمة.

وهنا لدينا صورة لآلة الأباكوس:

بعد مرور عدة سنوات من استخدام الآلات الميكانيكية الضخمة لإجراء العمليات الحسابية؛ اخترع العالم كورت هيرزستارك  Curt Herzstark أول آلة حاسبة ميكانيكية يمكن حملها في الجيب؛ وأطلق عليها اسم كورتا Curta إذ ساعد شكلها الاسطواني وصغر حجمها على انتشارها، إذ كان الشخص يدخلُ الأرقام بواسطة منزلقات مرقمة ثم يُدوّرُ الذراع المتصلة بالآلة لإظهار الإجابة على واجهة صغيرة. 

وهذه صورة توضيحية لآلة كورتا :

ونتيجة الإثارة الكبيرة التي أحدثتها آلة الحاسبة كورتا، اتخذ رئيس شركة تكساس للآلات بات هاجيرتي Pat Hagger خطوة كبيرة في تطوير آلات الحاسبة وذلك عن طريق عمله على تطوير آلة حاسبة إلكترونية محمولة دون أيَّ منزلقات أو ساعد ميكانيكي كما في آلة كورتا.

وبعد الكثير من النقاشات والتخطيطات؛ نجح فريق من المهندسين في إنتاج أول آلة حاسبة إلكترونية تعمل باسم CAL-TECH في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1966 .

يستمر تطوير الآلة الحاسبة حتى يومنا هذا عن طريق إنتاج حاسبات إلكترونية أكثر دقة وأصغر حجمًا مثل آلة حاسبة الرسم البياني؛ التي تحمل واجهة إلكترونية كبيرة مع العديد من الخيارات مثل النسخ واللصق وإظهار الخطوط البيانية ورسمها بدقة عالية، إضافةً إلى إجراء العمليات الحسابية المعقدة وإظهار النتائج في غضون ثوان.[1]

أما بالحديث عن أجزاء الآلة الحاسبة فإن الأمر يختلف بين الآلة التي كانت تنتشر في القرن التاسع عشر والآلة الموجودة اليوم بين أيدينا؛ فلو فككت آلة حاسبة من القرن التاسع عشر ستجد الكثير من الأشياء مثل التروس الدقيقة والقضبان والأذرع وغيرها من الأجزاء الميكانيكية التي تتحرك وتغير وضعيتها عند إدخال أي رقم، في حين أنك إذا أجريت العملية نفسها على الآلة الحاسبة الموجودة لديك اليوم فإنك ستصاب بخيبة أمل كبيرة لأنك لن تجد إلا القليل من الأجزاء التي تعمل بصمت دون أي عملية ميكانيكية تُذكر.

هنا لدينا صورة تفصيلية لأجزاء الآلة الحاسبة الإلكترونية:

ترجمة الصورة :

on/off switch: مفتاح تشغيل / إيقاف

processor chip: رقاقة المعالج 

display : جهاز العرض 

keyboard membrane : غشاء لوحة المفاتيح 

keyboard sensors: حساسات لوحة المفاتيح (مجسات)

lithium battery: بطارية ليثيوم 

battery cover: غطاء البطارية

screws: مسامير (براغي)

back of keys : خلفية مفاتيح الإدخال 

plastic keys: المفاتيح البلاستيكية 

وتُصنف هذه الأجزاء على الشكل الآتي:

وحدات الإدخال: لوحة مفاتيح تحتوي 40 مفتاحًا تقريبًا؛ يوجد أسفل هذه المفاتيح غشاء مطاطي ويوضع أسفله دارة إلكترونية حساسة للمس.

وحدة الإخراج: شاشة الكريستال السائل (LCD) لتظهر لك الأرقام التي تكتبها ونتائج الحسابات الخاصة بك.

المعالج: يحوي رقاقة إلكترونية تنجز كل العمل الذي كانت تنجزه الأجزاء الميكانيكية الموجودة في الآلة الحاسبة الميكانيكية.

مصدر الطاقة: بطارية ذات عمر تشغيل طويل؛ وتحوي بعض الآلات الحاسبة خلية شمسية لتوفير الطاقة المجانية في خلال وقت النهار ،إضافةً إلى البطارية الفعلية.

بعد أن تعرفنا إلى أجزاء الآلة الحاسبة لم يبقَ أمامنا إلا شرح طريقة عملها.

إذاً؛ ماذا يحدث عندما نضغط على أحد المفاتيح الموجودة في لوحة المفاتيح؟ 

عند الضغط على أحد المفاتيح ستُجرى العديد من العمليات على نحوٍ متتالٍ وبسرعة هائلة، وهنا سنوضح ما يحدث بالتفصيل:

في البداية عندما نضغط على أحد المفاتيح سيكون ضغطنا على الغشاء المطاطي الموجود تحت المفتاح البلاستيكي وبدوره ينقل الضغط إلى الحساس الموجود أسفل منه مباشرةً، حيث يُجرى اتصال إلكتروني بين طبقتين في مستشعر لوحة المفاتيح؛ ومن ثم يحدد المعالج المفتاح الذي ضغطت عليه ويرسل إشارة إلى شاشة العرض لتحفيز الشرائح المناسبة الموجودة في شاشة العرض والتي تدل على الرقم الذي ضغطنا عليه. 

وإذا ضغطنا على مفتاح آخر فإن العملية نفسها ستتكرر وسيظهر الرقم الجديد إلى جانب الرقم السابق على شاشة العرض وهكذا دواليك حتى نضغط على أحد المفاتيح التي تدل على عملية حسابية مثلاً (+ ، - ، × ، ÷) عندها ستُجرى عملية مختلفة.

مثلاً عند الضغط على مفتاح (+) سيحفظ المعالج الرقم السابق الذي ظهر على الشاشة في ذاكرة صغيرة تسمى المسجل وهنا تكون الآلة الحاسبة في حالة استعداد لاستقبال رقم آخر من وحدة الإدخال (لوحة المفاتيح)؛ وعند الضغط على مفتاح آخر (يجب أن يدل المفتاح على رقم وليس على عملية حسابية) ستتكرر العملية الأولى لإظهار الرقم الجديد على شاشة العرض، وعند الضغط على مفتاح (=) سيخزن المعالج الرقم الجديد في المسجل كما فعل مع الرقم السابق، ومن ثم يضيف الرقمين إلى بعضهما ويرسل الناتج إلى شاشة العرض (هنا أجرى المعالج عملية الجمع وسنذكر التفاصيل الاخرى لاحقًا)

ولكن قبل ذلك؛ لنلقِ نظرة على طريقة عمل شاشة العرض:

إن موضوع الشاشة هو موضوع معقد للغاية، إذ يوجد الكثير من أنماط الشاشات حول العالم وذلك حسب الزمن الذي وُجدت به الشاشة أو حسب الغرض الذي استعملت من أجله، وإن صناعة الشاشات خاضعة إلى عملية تطوير مستمرة.

لكن في مقالنا سنسلط الضوء على الشاشة المستخدمة في الآلة الحاسبة التي تُعد من الشاشات البسيطة:

كل رقم تظهره الشاشة لك يتكون من نمط معين ويحتوي كل نمط على سبعة مقاطع أو شرائح قادرة على إظهار أي رقم من 0 وحتى 9 (وذلك بتنشيط الشرائح المناسبة لكل رقم) وفي هذا الشكل لدينا توضيح لطريقة عمل الشرائح في الرقم 8 :

في الشاشة السابقة لا يمكن تمثيل الأحرف، فالأمر مقتصر على تمثيل الأرقام، ولكن الآلات الحاسبة الحديثة أصبحت قادرة على تمثيل الحروف.

هكذا انتهينا من الحديث عن أجزاء الآلة الحاسبة فإذا شعرت ببعض الملل هاهي الرياضيات الممتعة تفسر لنا ما يجريه المعالج لجمع الأرقام مع بعضها وإيجاد الناتج الأخير :

كل ما في الأمر أن المعالج لا يستخدم الأرقام العشرية التي نستخدمها في حياتنا اليومية فهو لا يفهم الرقم 5 بالطريقة التي نفهمها نحن؛ المعالج يمثل الأرقام العشرية التي نستخدمها بأرقام ثنائية مماثلة له، لكن لا تخف نحن نستطيع فهم التمثيل الثنائي الذي يفهمه المعالج فنحن من اخترع المعالج واخترع التمثيل الثنائي للأرقام العشرية. 

لماذا كل هذا التعقيد؟ ببساطة لأن المعالج لا يفهم شيئا، لكنه قادر على التمييز بين حالتين، الحالة الأولى هي مرور تيار والحالة الثانية هي انقطاع التيار وبذلك تكون الأبجدية التي يفهمها المعالج هي أبجدية مؤلفة من رقمين؛ الرقم الأول 1 وهو يشير إلى حالة مرور تيار ، أما الرقم الثاني فهو 0 وهو يشير إلى حالة إنقطاع التيار، ويُمثل أي رقم للمعالج على أنه عبارة عن واحدات وأصفار  يدل ترتيبها على رقم عشري من 0 إلى 9 .[2]

المصادر:

1- هنا

2- هنا