علم النفس > الصحة النفسية

الاكتئاب: إضاءة زواياه المظلمة(المعتقدات الأساسية؛ حياتنا داخل عقولنا)

يحمل كل منّا في نفسه مجموعة من الحقائق الأساسية "Core Truths" حيال حياته.

وتكرر هذه الحقائق الأساسية أنماطًا من الأفكار والسلوكيات تُحدد من افتراضاتنا وتوقعاتنا المختلفة إضافة إلى أفكار عن الطريقة التي يسير العالم بها، وقد تجمعت جميعها وتكونت مع مرور الزمن.

وبينما نُصفِّي (فلترة) تجاربنا عن طريق هذه الافتراضات والتوقعات والأفكار فإننا نخلق أنظمة معتقدات نطلق عليها (المعتقدات الأساسية Core Beliefs).

تقود المعتقدات الأساسية إلى تطوير معتقدات فعالة ( Active Beliefs ) التي تعبر عن كيف نسير في العالم؛ وبذلك سوف تقود بدورها إلى نتائج تدعم بتكرار الحقائق الأساسية وتعززها.

ما المعتقدات الأساسية؟

هي المعتقدات الجذرية بخصوص أنفسنا، والآخرين والعالم الذي نعيش فيه، وهي أمور نتمسك بها بوصفها حقائق مطلقة في أعماقنا تحت كل أفكارنا السطحية. 

إذًا إن المعتقدات الأساسية تحدد كيف تتصور العالم وتفسره، إنها تقرر تفسيرنا للعالم عن طريق كونها أعمدة لحياتنا؛ إذ إنها تقطن في الدور السفلي لعقلك، وعندما يطرأ حدث ما، فإن عقلك سيلجأ إلى هذا الدور ويتشاور مع المعتقدات الأساسية التي على الأرجح ستبقيك آمنًا وتحميك من العالم. 

إن المعتقدات الرئيسة مقنعة للغاية؛ إذ إنها مليئة بالأدلة المقنعة، فالمعتقدات الأساسية هي شيء ما تتقبله بوصفه حقيقة دون التساؤل، مما يعني أن عقلك سوف يحيا في الحياة من حوله دون التفكير بهم، أو التساؤل عنهم أو حتى إدراكهم حقًّا.

تبدأ المعتقدات الأساسية غالبًا مسيرتها في الطفولة لتتطور مع مرور الزمن عن طريق تجارب أحداث الحياة المهمة أو ظروف الحياة الخاصة، وهي جزء من حديثك مع نفسك.

ليس بالضرورة أن تكون المعتقدات الأساسية سلبية أو إيجابية، فمنظور الشخص هو ما يؤثر فيما إذا كانت الحقيقة الأساسية سوف تترجم إلى سلبية أو إيجابية، فالمعتقدات الأساسية هي ببساطة ثوابت وبفهم هذه الثوابت -الكامنة في الأفكار والمتمثلة في السلوك- قد نتوصل لفهم الكيفية التي نُعدّ بها أنفسنا لتجربة معينة، ولماذا يبدو أن هذه التجارب تتكرر باستمرار.

وتمتلك معتقداتك الأساسية نفوذًا كبيرًا على شعورك بالانتماء، والصورة الأساسية التي ترى عن طريقها كيف يعاملك الآخرون، فهم يضعون أحكامًا عن الآخرين وأحكامًا ذاتية ويمكن أن يكون للمعتقدات السلبية تأثير كبير في قبولنا لذاتنا واحترامنا لها، فعندما تخبر نفسك دائمًا أنك لست جيدًا بما فيه الكفاية، فسوف يتوجه تركيزك إلى دليل إثبات صحة ذلك، وإهمال الإيجابيات، وبذلك ستشعر بالسوء أكثر فأكثر، ولتقنع نفسك أخيرًا بأن هذا المعتقد صحيح مع الشعور باليأس وغياب الحافز لتغييره.

قد تكون المعتقدات الأساسية مثل:

كيف نميز المعتقدات الأساسية؟

في البداية، استحضر في ذهنك فكرة حيال نفسك تراودك غالبًا، مثل: "أنا أماطل كثيرًا".

اسأل نفسك: "ماذا يعني هذا عني؟".

يجب على جوابك أن يتضمن شيئًا ما حيالك بوصفك شخصًا، مثل "أنا كسول" أو "أنا خائف من الفشل"

واسأل نفسك مجددًا: "ماذا يعني هذا عني؟".

قد يكون الجواب: "أنا ضعيف" أو "أنا فاشل".

قد يكون ها هو ذا معتقدك الأساسي أو تستطيع سؤال نفسك مجددًا: "ماذا يعني هذا عني؟".

الخطوة الأولى هي أن تتعلم أن تكون مدركًا لأفكارك، حالما تدرك أن لديك أفكارًا تلقائية هنا  استجابة لمعتقدات أساسية سلبية، تستطيع البدء بالتعامل مع الموقف بطريقة أكثر نضجًا؛ مما سيؤدي بدوره إلى التعرّف إلى المعتقدات الرئيسة وفهم المعتقدات المضطربة التي تمتلكها حيال نفسك. إن المعتقدات الأساسية شخصية جدًّا وغير موضوعية ( Subjective) مما يعني أنه ليس من السهل اختبارها أو إثباتها، ولكنْ نستطيع اختبار القواعد التي تنتج عنها؛ إذ ما تتجلى المعتقدات الرئيسة على نحو شبه دائم في قواعد نعيش وفقها، ومعظم هذه القواعد هي للحماية الذاتية؛ أي إنها صممت لتساعدنا على تجنب الألم والمشكلات. 

على سبيل المثال، لنقل بأنك تعتقد "أنا فاشل"، قد تتضمن قواعدك ما يأتي:

خرق أحد هذه القواعد قد يؤدي إلى "كارثة"، وعلى سبيل المثال: ماذا لو جربتُ بجد حقًّا ولا زلت أفشل؟ هكذا لن يكون هناك مهرب مع مواجهة مباشرة مع الاعتقاد السلبي الرئيس "أنا فاشل".

لذلك فإن القواعد السابقة ستؤمن لك الحماية من اعتقادك "أنا فاشل"، عن طريق دفعك لتجنب المواقف التي من المحتمل أن تفشل بها. 

وفي المقابل إذا تذكرت جميع المرات التي نجحت بها، وعملت بجد، وأبليت حسنًا، أو تواصلت مع الآخرين فسوف تقنع نفسك أنك جيد بما فيه الكفاية. 

ومن المرجح أنك سوف تشعر بالأمل والاندفاع، وبذلك ستمنح نفسك المزيد من الفرص لدحض المعتقدات الأساسية السلبية، وبدلًا منها سوف تتعزز المزيد من المعتقدات الإيجابية وتترسخ.

والآن، ابدأ بتميز معتقداتك الأساسية، اكتشف ما المعتقدات الأساسية المتولدة من الحقائق الأساسية، وإلى أية نتائج وقواعد تقودك؟

إن تغيير المعتقدات الأساسية يتطلب كثيرًا من الوقت والجهد، ولكنك تستطيع تغييرها إلى حد مذهل.

كن قائد معتقداتك!

المصادر:

1-هنا

2- هنا

3- هنا