الطب > مقالات طبية

المغناطيس بوصفه علاجًا للحرقة المعدية

يُعرف القلس المعدي المريئي (( Gastroesophageal Reflux Disease (GERD) أنه: رجوع كمية من العصارة المعدية الحامضية إلى المريء؛ مما يُسبِّب أعراضًا مختلفة قد تترافق في بعض الحالات مع أذية مخاطية المريء.

سنُركز في هذا المقال على العلاج الجراحي لهذا المرض؛ لذا للاطلاع على المرض بحدِّ ذاته بتفصيل أكبر، تفضل بقراءة مقالنا السابق: هنا

يُعالَج هذا المرض منهجيًّا في بداية الأمر إمّا دوائيًّا وإما بالالتزام ببعض العادات الصحية، ولكنْ قد يُلجأ إلى الحل الجراحي في بعض الحالات، وإضافة إلى ذلك في حال عدم نجوع العلاج الدوائي أو عدم رغبة المريض في الالتزام بعلاج دوائي مدى الحياة أو حدوث حؤول ظهاري معوي لمخاطية المريء (مريء باريت Barrett esophagus).

وبالحديث عن العلاج الجراحي؛ ظهرت مؤخرًا آليةٌ جراحيةٌ تنظيريةٌ جديدةٌ تعتمد على تقوية مصرة المريء السفلية عن طريق وضع حلقة معدنية ممغنطة قابلة للتمدد، فتزيد هذه الحلقة من ضغط المصرة السفلية فتحمي من ارتداد العصارة المعدية إلى المريء؛ إذ إن القلس يحدث نتيجة تجاوز ضغط المعدة لضغط المصرة السفلية، وبذلك فإنه في حالة وضع الحلقة سيعاكس ضغطَ المعدة كلٌّ من ضغط المصرة السفلية وضغط الحلقة المزروعة، ولما كانت قابلة للتمدد؛ فهي لا تُسبِّب انضغاط المريء ولا تعيق حركته في أثناء البلع أو الإقياء أو التجشؤ. وسميت هذه الآلية (( Magnetic Sphincter Augmentation (MSA) أو تقوية المصرة بالمغناطيس، وقد وافقت عليها إدارة الأغذية والدواء الأمريكية عام 2012.

تتألف الحلقة من عدة خرزات من التيتانيوم ذات لب مغناطيسي مربوطة بعضها إلى بعض بأسلاك من التيتانيوم أيضًا؛ إذ تكون الخرزات قادرة على الحركة بمعزل بعضها عن بعض؛ (أي إذا تمددت الحلقة من طرف خرزة معينة لا تتحرك بالضرورة باقي الخرزات)، وتركب هذه الحلقة بين الجذع الخلفي للعصب المبهم وجدار المريء عن طريق تنظير البطن بواسطة مداخل وتحت التخدير العام.

ما موقع هذه التقنية مقارنة بالتقنيات الجراحية الأخرى السائدة؟

لمعرفة ذلك لا بدّ من دراستها جنبًا إلى جنب مع أشيع عملية جراحية يُلجأ إليها لمعالجة القلس: وهي عملية طي قاع المعدة التنظيرية لنيسن (Laproscopic Nissen Fundoplication (LNF) التي تعتمد على طيِّ قاع المعدة -أي الجزء العلوي منها- وربطه حول الجزء السفلي من المريء لتقوية المصرّة السفلية.

وجدت إحدى الدراسات التي قارنت بين العمليتين بإجرائهما على مجموعتين من المرضى المصابين بالقلس بعضًا من التشابُه في النتائج بين مجموعة المرضى الخاضعين لزراعة الحلقة المغناطيسية ومجموعة المرضى الخاضعين لعملية طي قاع المعدة؛ إذ تماثَل كلٌّ من التحسن في أعراض القلس، وتواتُر حدوث مضاعفات كصعوبة البلع التي قد تحيج المريض للتوسيع التنظيري، حتى إن التكلفة العامة لهما كانت متقاربة، ولكنْ وُجد اختلاف يرجح الكفة لصالح عملية زرع الحلقة المغناطيسية؛ إذ إن الشعور بانتفاخ البطن بالغازات كان أقل في مجموعة المرضى الخاضعين لها، إضافة إلى القدرة الأكبر لديهم على التجشؤ والإقياء، عدا عن أنّ مدة العملية ومدة بقاء المريض في المشفى بعد العملية أقل في زراعة الحلقة المغناطيسية منها في عملية ثني قاع المعدة.

ولا تزال بالمقابل هذه التقنية تقنيةً حديثة؛ إذ عبَّر الباحثون عن الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات عن إمكانية تطبيقها على المرضى الذين لديهم فتق حجابي كبير أو مريء باريت (مرحلة متقدمة من المرض يحدث فيها حؤول معوي لظهارة المريء). 

إذًا بالنتيجة: نجد أن تقنية الحلقة المغناطيسية تشكل تقنية متطورة واعدة لعلاج القلس وتخليص المرضى من معاناتهم، ولكنّها لا تزال بحاجة إلى المزيد من الأبحاث لإثبات فاعليتها في بعض الحالات الجراحية المعينة ودراسة اختلاطاتها المحتمَلَة على المدى البعيد.  

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا