الهندسة والآليات > الطابعات ثلاثية الأبعاد

طباعة المنازل والحدُّ من ظاهرة التشرد في العالم

يمكنكم الاستماع إلى العمل عبر الرابط:

يبدو أن الطابعات الثلاثية الأبعاد لا تعرف ما هو معنى الحدود؛ ففي الآونة الأخيرة صنعت ثورة كبيرة في مختلف المجالات الهندسية والطبية وغيرها؛ وقد يشبه ذلك عالم الخيال العلمي كما في رواية The Diamond Age للكاتب الأمريكي Neal Stephenson؛ إذ يمكنك تحميل أي شيء تريده وطباعته؛ إذن لا يوجد أيَّ شك في إمكانية هذه الطابعات في إنتاج منازل سكنية. [1]

ما الذي يميز طباعة المنازل؟

ذكر المهندس Behrokh Khoshnevis (بروفيسور في جامعة كاليفورنيا الجنوبية)؛ بأن عملية طباعة المنازل لا تختلف عن طباعة المنتجات الأخرى؛ لكن بدلًا من البلاستيك والمواد الأخرى يُستخدَم أسمنتًا خاصًّا للطباعة (2]؛ وكانت الشركة الصينية WinSun هي أول شركة تبني المنازل بالطباعة؛ إذ تمكنت في عام 2013م من طباعة عشرة منازل في يومٍ واحدٍ. [1]

وأثبت الباحثون أن طباعة هياكل البناء تتميز بكلفة أقل وأمان أكثر وسرعة في الإنتاج وقدرتها في المزج بين عدة مواد؛ مثل الرمل والخرسانة والخيوط وغيرها. [3][1]

وأهم ما يميز هذه التقنية هو القدرة على تصميم نماذج أبنية لا يمكن الحصول عليها بالطرائق التقليدية، [3] والمهندسون المعماريون يفضلون الجدران المنحنية والتصاميم الغريبة التي تكون عملية بنائها صعبة ومكلفة للغاية؛ أما الطابعة فهي لا تُميز ما هو سهل أو صعب لطباعته؛ ويكفي للمهندس المعماري أن يصمم الهيكل الذي يودُّ بناءه إن كان معقدًا أو سلسًا، وذلك باستخدام برامج CAD/CAM، وستبني الطابعة خلال فترة زمنية قصيرة. [2]

تطوير نظام البناء الرقمي DCP

عامَ 2017م؛ طور فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نظامًا تستطيع الطابعة عن طريقه بناء مبنى بالكامل، ويتكون نظام هذه الطابعة من عربة مجنزرة التي تحمل ذراعًا صناعية كبيرة التي تحمل بدورها في نهايتها ذراعًا أصغر منها في الحجم. [3]

تقتصر الطابعات عادةً على بناء عناصر بناء ذات أحجام محدودة تتلاءم مع حجم فوهة الطابعة؛ ولكن يوفر هذا النظام الجديد الحرية في بناء المنزل بالحجم الذي تريده، وقد أجرى الباحثون أول تجربة باستخدام أنموذج أولي لبناء الهيكل الأساسي لجدران قبة قطرها 50 قدمًا وارتفاعها 14 قدمًا؛ إذ استغرقت عملية الطباعة أقل من 14 ساعة فقط. [3]

وتتميز فوهة هذه الطابعات بالقدرة على التحكم بكثافة المواد المصبوبة وإمكانية المزج بين عدة مواد مختلفة؛ ويمكن إمداد القالب بالأنابيب والأسلاك المطلوبة قبل عملية صبِّ الخرسانة؛ وبذلك نكون قد حصلنا على جدار إنشائي كامل البنية. [3]

والهدف الرئيس من تطوير هذا النظام الذي يطلق الباحثون عليه نظام البناء الرقمي Digital Construction Platform؛ هو القدرة على إنشاء المبنى قطعة واحدة دون إدخال عناصر جزئية في بنائه؛ أي الدمج بين هيكل المبنى والكسوة (الهيكل الخارجي) بما في ذلك الجوائز والنوافذ؛ وقد يكون ذلك بمنزلة تحدٍ لنماذج المباني التقليدية؛ فإن طرائقنا في البناء لم تتغير منذ مئات السنين وحان الوقت للبحث عن طرائق أسهل بتكلفة وجهد أقل. [3]

معالجة ظاهرة التشرد في العالم

وأخيرًا؛ لا يمكننا تجاهل أهمية هذه التقنية في المجالات الإنسانية؛ إذ إن في العالم أكثر من مليار شخص يعيش في أحياءَ فقيرة دون سكن يأويهم؛ ويُشرَد كثيرٌ في حالات الكوارث كالزلازل والفيضانات والحروب ويلجؤون إلى المخيمات التي لا تقدر على مقاومة الأمطار والعواصف، وفي خطوة إنسانية وللحدِّ من الظاهرة بادرت كل من شركة New Story غير الربحية (مقرها سان فرانسيسكو) والشركة التكنولوجية للبناء Icon في استخدام الطابعة الثلاثية الأبعاد لتأمين المنازل للفقراء والمشردين في العالم. [1]

وقد أنشئت New Story أكثر من 850 منزلًا في معظم أنحاء العالم خلال ثلاث سنوات؛ إذ تبلغ مساحة المنزل النموذجي 400 قدم مربع متضمنة غرفة نوم وحمام وغرفة معيشة ويتميز المنزل بأسقف خشبية ونوافذ كبيرة على جانبيه مع شرفة مستديرة؛ وقد ذكر الموقع الأمريكي Business Insider بأن عملية بناء 100 منزل بالطرائق التقليدية قد استغرقت 100 شهر؛ أي أن الطابعة قادرة على بناء أضعاف ما تنتجه الطرائق التقليدية. [1]

وبدأت New Story بالعمل مع Icon بتصميم الطابعة المتنقلة فولكان Vulcan التي يمكن نقلها إلى المناطق النامية وقدرتها على العمل مع كميات قليلة من الكهرباء، وفي شهر آذار/مارس من عام 2018م صمموا أنموذجًا أوليًّا يعمل بربع الإنتاجية المتوقعة لفولكان؛ واستطاعت أن تطبع منزلًا بمساحة 350 قدم مربع خلال 48 ساعة من مزيج من مواد الرمل والأسمنت واللدائن. [1]

تأمل كل من الشركتين بتصميم فولكان الذي سيكون بمقدوره طباعة مساحات من 600 إلى 800 قدم مربع وخلال 24 ساعة فقط؛ وذلك كله في سبيل الحدِّ من ظاهرة التشرد العالمي.[1]

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا