المعلوماتية > برمجة الألعاب

PUBG الجزء الأول: تصميم اللعبة

نسأل دائمًا عن سبب انجذابنا للألعاب؛ فالبعض يعدُّ انجذابهم للألعاب مبنيًّا على المؤثرات الصوتية أو البصرية الخاصة باللعبة؛ في حين أنَّ البعض الآخر يُقيِّم الألعاب بناءً على عدد اللاعبين الكلي في آنٍ واحد. لكن ما يجهله المستخدمون العاديون للألعاب هو وجود العديد من المبادئ الخفية الخاصة بتصميم الألعاب التي تجعلها محبَّبةً أكثر، وتساعد على زيادة نسبة مبيعاتها، وزيادة التفاعلات بين اللاعبين من أجل مناقشة كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة المرتبطة باللعبة.

تشترك الألعاب جميعها بالعديد من الصفات والعوامل الأساسية مثل الرسوميات والمؤثرات الصوتية والقصة المشوقة، لكنَّ جودة الألعاب وحدها لا تُعدُّ سببًا كافيًا لنجاحها، ولا يشترط على فريق العمل إتقان كافة المجالات باحترافية من أجل تقديم لعبةٍ تثير اهتمام اللاعبين؛ بل إتقانُ جزءٍ واحد كفيل بإنشاء لعبة جاهزة للوصول إلى ملايين المستخدمين.

كما تكلمنا سابقا؛ فإنَّ صفات الألعاب مهمة جدًّا من الناحية التسويقية من أجل بيع أكبر عدد ممكن من النسخ، لكنَّ وجود هذه الصفات لا يؤدي بالضرورة إلى لعبة جيدة؛ إذ يجب تحقيق عددٍ من المبادئ في أثناء عملية تصميم اللعبة وتخطيطها من أجل الإسهام في زيادة عدد ساعات اللعب، وزيادة تعمُّق اللاعبين واهتمامهم بالبطل الرئيسي أو بالقصة الخاصة به.

كما تكلمنا سابقا؛ فإنَّ صفات الألعاب مهمة جدًّا من الناحية التسويقية من أجل بيع أكبر عدد ممكن من النسخ، لكنَّ وجود هذه الصفات لا يؤدي بالضرورة إلى لعبة جيدة؛ إذ يجب تحقيق عددٍ من المبادئ في أثناء عملية تصميم اللعبة وتخطيطها من أجل الإسهام في زيادة عدد ساعات اللعب، وزيادة تعمُّق اللاعبين واهتمامهم بالبطل الرئيسي أو بالقصة الخاصة به.

إتقان هذه المبادئ يؤدي الدور الرئيس في دفع اللاعب إلى قضاء آلاف الساعات في لعب اللعبة، ثُمَّ إن إهمالها قد يؤدي إلى عدم اكتراث اللاعب بتحميلها على جهازه.

(على اليمين لعبة The Witcher 3 وعلى اليسار لعبة Thomas was Alone وكلتاهما تحويان قصة مدهشة)

لا يوجد طريقةٌ ثابتة لاستخدام هذه المبادئ ضمن الألعاب، ويختلف تنفيذها من لعبة إلى أخرى، ولكن يستطيع مُصمِّم الألعاب تحديد المبدأ الذي تندرج تحته كلُّ ميكانيكيةٍ من ميكانيكيات اللعبة، ويفترض به توظيف المبادئ على نحو احترافي أيضًا من أجل زيادة جاذبية اللعبة.

سندرس في هذا المقال أقوى المبادئ وأكثرها وضوحًا في لعبة PlayerUnkown's Battlegrounds المسماة اختصارًا بـ PUBG؛ إذ إنَّ هذه اللعبة -حسب إحصائيات SteamSpy- تُلعب أكثر من 400 ألف ساعةٍ يوميًّا من قِبَل أكثر من نصف مليون لاعب  العالم.

تبدأ اللعبة بإسقاط 100 لاعبٍ على جزيرة واحدة، وعلى كُلٍّ منهم إيجاد المعدَّات اللازمة لبقائه على قيد الحياة حتى انتهاء اللعبة وهزيمة باقي اللاعبين.

اهتمَّ مصممو هذه اللعبة بكثير من المبادئ الأساسية، وسنجولُ سريعًا على المبادئ الأكثر وجودًا في اللعبة والأكثر وضوحًا عند اللاعبين.

1- قابلية إعادة اللعب مرة أخرى Replayability: 

تمتدُّ الجولة الواحدة في اللعبة -حسب إحصائياتها على موقع SteamSpy- إلى نصف ساعة وسطيًّا (في حال الفوز)، أو أقل في حال الخسارة المبكرة. وبنيت الرغبةُ لإعادة تجربة اللعب مرَّةً أخرى على عدة مبادئ أهمها: 

تظهر على الشاشة دائمًا مرتَبةَ اللاعب مرفقةً بعباراتٍ إيجابية للفائز وتحفيزية للخاسر، إضافةً إلى إظهار الجائزة التي حصل عليها اللاعب سواء في حالة الفوز أم الخسارة.

(شاشة الفوز التي تظهر في نهاية الجولة)

يختلف نمط اللعب من خريطةٍ إلى أخرى، ويختلف توزُّع المعدات والأسلحة والعربات التي تؤثر مباشرةً في أسلوب لعب اللاعب؛ إذ تغيّر طريقة تفكيره باستعمال المعدات المتاحة له، وكيفية مواجهة اللاعبين الآخرين، وتؤدّي إلى ابتكاره إستراتيجيات خاصةً به؛ مما يتيح له اختيار خريطته المفضلة، وقضاء وقتٍ طويلٍ في احترافها وتأقلم اللعب بها.

(الخرائط الأربعة)

ينزل 100 لاعب على جزيرة -كما ذكرنا سابقًا- وهذه العمليّة تتطلب طائرةً ومسارًا خاصًّا بها.

في كل جولة يكون المسار عشوائيًّا فوق الجزيرة؛ مما يمنح اللاعب شعورًا مختلفًا عند كُلِّ ركوبٍ جديد في الطائرة، فضلًا عن أنه يُنزلُ في بقعةٍ مختلفة في كل مرة؛ مما يؤدي إلى إزالة شعور الملل والتكرارية.

(عدة أمثلة لمسارات مرور الطائرة في بداية اللعبة)

تنخفض احتمالية التقائهم في المكان نفسه عندما يقلُّ عدد اللاعبين؛ فالجزيرة تمثِّلُ بقعةً جغرافية ضخمة، ويجب على مصمم اللعبة إيجاد حل لهذه المشكلة كي لا تتحول اللعبة من لعبة "أكشن" ومواجهة إلى لعبة انتظار ظهور لاعب آخر.

الحل المقدم في هذه اللعبة هو تقديم ميكانيكية تدعى بالمجال أو المنطقة الأمنة (The Safe Zone)؛ إذ يقوم مبدأ المنطقة الآمنة على إظهار دوائر "مساحات جغرافية" محددة على الخريطة في كل فترة زمنية، وعند ظهور الدائرة على اللاعب التوجه داخلها بأسرع وقت ممكن؛ إذ إنَّ كل ثانية يقضيها خارج الدائرة ستؤدي إلى خسارته عددًا من النقاط (وخسارة كل النقاط تؤدي إلى خسارة اللعبة). تجمع اللعبة اللاعبين عن طريق هذه الآلية في مناطق متقاربة لتفادي تركهم وحدهم مدَّة طويلة قد تؤدي إلى الملل.

(مراحل تطور المنطقة الآمنة في اللعبة)

2- تناسب المخاطرة مع المكافأة Risk vs reward: 

في هذا المبدأ يجب على اللاعب أن يتخذ عددًا من القرارات بناءً على الإستراتيجية التي يلعب بها، ويجب على اللعبة المصممة على نحو جيد أن تعطي خيارات متناسبةً مع جميع الإستراتيجيات التي يمكن اتباعها من قبل اللاعبين.

أمثلة بسيطة عن استخدام هذا المبدأ:

يوجد ضمن الجزيرة عدة مدن وقرى إضافة إلى عددٍ من الأبنية المتفرقة. هذا التوزع ليس فقط من أجل إضافة تنوّعات على الخريطة، بل من أجل منح اللاعب الفرصة في اختيار إستراتيجية لعبه، والاستفادة من خاصيات المكان.

على سبيل المثال؛ أفضلُ أنواع الأسلحة ومعدات الحماية تتوفر في المدن أكثرُ من الأبنية المتفرقة، فتوجيه الإنزال ضمن مدينة سيزيد من فرصة إيجاد أسلحةٍ أفضل، لكن بالمقابل سيزيد احتمال مصادفة لاعبين أخرين، وبذلك سيرفع من خطر الخسارة في وقت مبكر من اللعبة.

يمكن رؤية هذه الصناديق عن بعد من قبل العديد من اللاعبين، وتحتاج القليل من الوقت حتى وصولها إلى الأرض، وعند اصطدامها بأرضية الجزيرة تطلق دخانًا أحمر مدة قصيرة من الزمن من أجل إرشاد اللاعبين نحوها، وتحوي هذه الصناديق على أفضل المعدات الموجودة في اللعبة التي لا يمكن إيجادها في الأبنية العادية بسهولة.

مما يعني أن التوجه إلى هذه الصناديق وأخذ المعدات يمكن أن يمنح اللاعب فرصةً أعلى في الفوز، لكن بالمقابل يعرضه لخطر وجود لاعبين آخرين يتجهون إلى الصندوق نفسه، وأحيانًا سيكون هناك لاعبون مجهَّزون بسلاحٍ بعيد المدى يراقبون الصندوق عن بعد؛ فاتجاهك للصندوق سيجعل منك هدفًا سهلًا.

(صندوق المساعدات مع الدخان الأحمر المنطلق منه)

طريقة استخدام المعدَّات:

تنطوي طريقة استخدام المعدَّات على فرص ومخاطر أيضًا.

على سبيل المثال؛ استعمال الحقيبة الأكثر تطورًا في اللعبة يمكن أن يعطي أفضلية من جهة كمية الذخيرة والمعدات الممكن حملها في آنٍ واحد، لكنَّ حجم الحقيبة الكبير يزيد من احتمالية رؤية اللاعب من مسافاتٍ بعيدة، ويجعل اختباءه في العشب أكثر صعوبة.

(حقيبة المستوى الثالث وكيفية تموضع الأسلحة الملحوظ)

3- البساطة (Simplicity):

على الرغم من أنَّ اللعبة تبدو معقدة، ولكن إتقانها وتعلمها يعدُّ سهلًا؛ فالقواعد تُشرح للاعب على نحوٍ مبسَّطٍ جدًّا وبطريقةٍ سلسة، وكلُّ جولة ضمن اللعبة تضم المراحل الآتية:

  1. النزول على الجزيرة.
  2. البحث عن المعدات المناسبة.
  3. التوجه إلى المنطقة الآمنة.
  4. البقاء على قيد الحياة.

والمعدات المتوفرة تتبع تصنيفًا واضحًا؛ إذ تنقسم إلى عدة أقسام:

  1. المعدات الطبية التي تساعد اللاعب على استعادة نقاط حياته.
  2. معدات الحماية التي تتكون من دروعٍ للجسم وخوذٍ للرأس، وكلُّ فئةٍ لها ثلاثة مستويات.
  3. معداتٌ قابلةٌ للرمي؛ مثل القنابل المتفجرة والدخانية والصاعقة.

نظام الأسلحة يعدُّ أيضًا نظامًا بسيطًا يحتوي على ستِّ فئات واضحة: أسلحة يدوية، ومسدسات، وبندقيات، ورشاشات متوسطة المدى، ورشاشات هجومية، وقناصات بعيدة المدى. وفَهم كل فئة من الفئات المتعددة يتطلب معرفةً بسيطة بأنواع الأسلحة، ولكنَّ إتقان كل سلاح يتطلَّبُ وقتًا ومهارة.

يستطيع اللاعب على هذا النحو فهم جميع القوانين عن طريق لعب عددٍ قليل من الجولات على عدة جزر دون الحاجة إلى قضاء وقت طويل في التعلُّم، ويبدأ بعدها مباشرة على العمل على الإستراتيجيات الخاصة به. إضافة إلى ذلك؛ لا تحتوي اللعبة على قصةٍ معينة أو مَهمَّات، والهدف الوحيد هو البقاء على قيد الحياة حتى انتهاء الجولة.

ختامًا؛ يمكن وصف لعبة PUBG باللعبة البسيطة القوانين، والسهلة اللعب، والجذابة. هذه هي النتيجة المرتجاة التي يطمح إليها أي مصمم ألعاب، وهي تمثِّل الجانب النهائي المرئي من عملية التصميم، وتخفي وراءها كميةً هائلة من الجهد المبذول في دراسة شخصيات اللاعبين وإيجاد التوازن الصحيح في استخدام المبادئ المختلفة، وذلك لمساعدة اللاعب مهما اختلفت إستراتيجيته من إيجاد متعته الخاصة ضمن كل جولة من الجولات العديدة التي سيمرُّ عن طريقها ضمن مسيرته محاولًا البقاء على قيد الحياة.