الهندسة والآليات > الروبوتات

الأطراف الصناعية الروبوتية Robotics prosthetics

سنويًّا؛ يُعاني آلاف الأشخاص فقدان أحد ساقيهما أو كليهما بسبب البتر بعد الإصابة أو المرض؛ إذ نجد في الولايات المتحدة ما يُقدَّر بمليوني شخص يعيشون مع أطراف مبتورة. 

إنه حدث يغير الحياة تمامًا؛ إذ يسلب الناس القدرات التي يراها معظمنا أمرًا مفروغًا منه؛ مثل المشي والجري وحتى الوقوف في حين أن الأطراف الاصطناعية يمكن أن تساعد مبتوري الأطراف في استعادة بعض حركتهم؛ لكن قد تكون بعيدة عن الكمال؛ فتجاوُز العقبات مثل المنحدرات والأرصفة يمكن أن يكون مهولًا مع ساق اصطناعية، ويتعيّن على العديد من مرتدي الأطراف الاصطناعية السفليّة أن يخططوا بعناية لأيامهم لتجنب مثل هذه التضاريس الصعبة؛ في حين تعمل التكنولوجيا الحديثة على تحويل الأطراف الاصطناعية من دعامات خاملة إلى أطراف تتفاعل وتتجاوب مع التضاريس والحركات المختلفة. [4]

على الرغم من وجود بعض النجاحات في تصاميم الأطراف الاصطناعية عبر تصميم أطراف آلية (روبوتية) وظيفية؛ فلا تزال هناك العديد من القضايا والتحديات التي تتعلق بالفشل في تلبية المتطلبات المثالية للأطراف الاصطناعية المُرْضِية؛ إذ تتطلب أن يكون الجهاز سهل التحكم ومريحًا للارتداء ومقبولًا جماليًّا. [6]

تُقدِّم الأطراف الاصطناعية الروبوتية دورًا فعالًا أكثر من الأطراف الاصطناعية السلبية (المنفعلة) لكن تكون مواجهة تحدي ضبط عدد كبير من بارامترات (عوامل متغيرة) التحكم من أجل تخصيص الجهاز للمستخدمين فرديًّا، ولا يمكن حل هذه المشكلة بسهولة عن طريق تصميمات التحكم التقليدية أو أحدث التقنيات الآلية لكن التعلم المعزز (1) ظهر كحل بعد النجاح غير المسبوق الذي حققته AlphaZero RL (وهي خوارزمية تعلم معزز التي تتقن الشطرنج والشوغي ويمكن أن تلعب ذاتيًّا [9]) ولكن مشكلة ضبط الطرف الاصطناعي مرتبط بالعديد من القضايا التي لم تُعالَج مثل عدم امتلاكه نموذجًا معروفًا ومستقرًا، ويخضع نظام الأطراف الاصطناعية البشرية باستمرار لضجيج القياس (تذبذب القياس) والتغير البيئي والاختلافات التي يسببها جسم الإنسان. [3]

طور الباحثون من جامعة ولاية كارولينا الشمالية وجامعة ولاية أريزونا نظامًا ذكيًا لضبط الركبتين التعويضيتين اللتين تعملان بالطاقة؛ مما يسمح للمرضى بالسير سيرًا مريحًا مع الطرف الاصطناعي الجديد في غضون دقائق بدلًا من الساعات اللازمة إذا كان الجهاز قد ضُبط من قبل ممارس سريري مُدَرب، وهذا النظام يعتمد على التعلُم المُعزِز (1)  لضبط الأطراف الاصطناعية فعندما يتلقى مريض ركبة اصطناعية روبوتية robotic prosthetic knee يجب ضبط الجهاز لملائمة هذا المريض بالتحديد؛ إذ يُعدِّل نظام التوليف الجديد 12 بارامتر تحكم تعالج ديناميكيات الأطراف الاصطناعية؛ مثل تصلب المفاصل طوال دورة المشي. [1]

يعمل الطبيب البشري عادةً مع المريض؛ لتعديل بعض البارامترات وهذا يمكن أن يستغرق ساعات؛ لكن يعتمد النظام الجديد على برنامج كمبيوتر يستخدم التعلم المعزز لتعديل كل البارامترات الاثني عشر، ويسمح للمرضى باستخدام ركبة اصطناعية تعمل بالطاقة للمشي على سطح مستوٍ في 10 دقائق تقريبًا. [1]

تُبرمَج الأرجل الصناعية التي تعمل بالطاقة؛ إذ تكون زاوية المفاصل التعويضية (الركبة أو الكاحل) تحاكي الحركة الطبيعية للمفاصل عندما يمشي شخص قوي البنية. [7]

تقول هيلين هوانغ أستاذة في القسم المشترك للهندسة الطبية الحيوية في الجامعتين والمشاركة بتأليف ورقة بحثية عن العمل: "نبدأ بإعطاء المريض ركبة صناعية مدعومة بمجموعة من البارامترات التي اختيرت عشوائيًّا، وبعدها يبدأ المريض في المشي تحت ظروف مُتحكم بها، ثم تُجمَع البيانات عن الجهاز ومشية المريض عن طريق مجموعة من الحساسات يتكيف نموذج الكمبيوتر مع البارامترات الموجودة على الجهاز ويقارن مشية المريض بمظهر المشي العادي في وقت حقيقي؛ إذ بإمكان هذا النموذج تحديد أي إعدادات للعوامل المتغيرة (البارامترات) ستحسن الأداء وأيها ستضعفه باستخدام التعلم المعزز وبهذا يمكنه تحديد مجموعة البارامترات التي تسمح للمريض بالسير طبيعيًّا بسرعة حينما تستغرق المحاولات الحالية بالاعتماد على الأطباء المدربين نصف يوم." [1]

وعلى الرغم من أن العمل يجري حاليًّا في بيئة سريرية؛ لكن أحد الأهداف المستقبلية هو تطوير نسخة لاسلكية من النظام مما سيتيح للمستخدمين مواصلة ضبط البارامترات للأطراف الاصطناعية الروبوتية عند استخدامها في بيئات العالم الحقيقي، وتضيف جيني سي المؤلفة المشاركة في البحث: "لقد جرى هذا العمل من أجل السيناريوهات التي يسير فيها المريض على سطح مستوٍ، ولكن من حيث المبدأ يمكننا تطوير أدوات التحكم في التعلم المعزز لحالات مثل السلالم الصاعدة أو الهابطة أيضًا، لقد عملت على التعلم المعزز من منظور التحكم الديناميكي في النظام الذي يأخذ في الحُسبان ضجيج الحساس والتداخل من البيئة والطلب على سلامة النظام واستقراره لقد أدركت التحدي غير المسبوق المتمثل في تعلم التحكم في الوقت الحقيقي في جهاز اصطناعي يتأثر في الوقت ذاته من قبل المستخدم البشري، وهذه مشكلة لا يوجد لها حل متاح بسهولة في أيٍّ من تصميمات التحكم الكلاسيكية أو روبوتات التعلم المعزز بأحدث التقنيات، ويسرنا أن نكتشف أن خوارزمية التحكم في التعلم المعزز الخاصة بنا قد تعلمت بالفعل جعل الجهاز الاصطناعي يعمل كجزء من الجسم البشري"، وهي أستاذة في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات والطاقة في جامعة ولاية أريزونا. [1]

ويعمل مختبر هندسة إعادة التأهيل العصبي العضلي (NREL) التابع للقسم المشترك للهندسة الطبية الحيوية الموجود في جامعة ولاية كارولينا الشمالية وجامعة جنوب كارولينا على تطوير تقنيات مبتكرة للأطراف الاصطناعية. والهدف من البحث الطويل المدى لـ NREL هو تحسين نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من بتر الأطراف إذ طور فريق البحث في (NREL) واجهة  جديدة للآلة (NMI Neural-Machine Interface) لتعزيز وظيفة هذه الأطراف الاصطناعية الروبوتية تعمل هذه الواجهة على حل شفرة الإشارات العصبية العضلية والتعرف على نية مرتديها فيما يتعلق بمهام الحركة وتُشغِل الأطراف الاصطناعية؛ لتمكين مرتديها من التبديل بين المهام الحركية بسلاسة وسهولة، ومع ذلك فقد لوحظت أخطاء في التعرف على نية مرتديها والهدف من الدراسة هو تحديد آثار أخطاء التعرف على النوايا الناتجة عن NMI للأطراف الاصطناعية الروبوتية عبر الفخذ على توازن المرتدي تُطبِّق نظام التقاط الحركة Xsens MVN BIOMECH لقياس توازن المشي عنده. [8]

وعلى الرغم من كون الأطراف الاصطناعية بإمكانها مساعدة العديد من مبتوري الأطراف على استعادة استقلالهم وتنقلهم، لكن يبقى مرتدو الأطراف الاصطناعية في جميع أنحاء العالم محدودين فيما يمكنهم فعله أو أين يمكنهم الذهاب، يحتوي نظام Linux للأطراف الذي طورته Blatchford على روبوتات ذكية تراقب باستمرار وتتكيف مع الحركة، مما يجعل المشي والحركة أكثر طبيعية بالنسبة لمبتوري الساق السفلى. [4]

ويُعيد العلماء خلق الاستقبال الحِسي العميق للأشخاص الذين لديهم أذرع اصطناعية بالوهم الإدراكي كما تذكر المقالة بالمصدر [5] بعنوان الاهتزازات تعيد حس الحركة لمستخدمي الأطراف الصناعية.

يوجد العديد من الدراسات الواعدة بهذا الصدد وبمجال الهياكل الخارجية الداعمة exoskeleton أرجو أن تكون هذه المقالة بمنزلة الهام للمهندسين والمصممين الذين يعملون على تسهيل الحياة لمُتحدي العقبات الذين فقدوا أحد أطرافهم.

الهوامش: 

1- التعلم المعزز: reinforcement learning  

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا

8- هنا

9- هنا