الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

هل فعلاً توجد بدانة صحية ؟!

هل الوزن الزائد لدى الأشخاص سليمي الاستقلاب أمر جيد ؟

انتشرت مؤخراً أخبار تتحدث عن " البدانة الصحية " كالنار في الهشيم ، فهل يمكن فعلاً أن يكون شخص ما يعتبر بديناً وفق مؤشر الكتلة الجسمية BMI غير مؤهّب للمتاعب الصحية ؟؟

توجهت الأنظار مؤخراً نحو مجموعة فريدة من الأشخاص البدناء و زائدي الوزن الذين يقومون بوظائفهم الاستقلابية بشكل طبيعي رغم السمنة التي يعانون منها ، فمن غير الواضح بعد ما إذا كان النمط الظاهري للاستقلاب يُغير حالات المرض و الوفيات لدى هؤلاء الأشخاص ذوي مؤشرات الكتلة الجسمية BMI العالية ، ولهذا أجريت الكثير من الأبحاث لتحديد تأثير الحالة الاستقلابية على الأمراض القلبية الوعائية و على حدوث الوفيات بجميع مسبباتها ، و ذلك عند الأشخاص بمختلف الأوزان .

إحدى هذه الدراسات صنفت المشاركين في مجموعتين : الأولى سليمة استقلابياً و الثانية غير سليمة استقلابياً معتمدين في ذلك على عوامل كضغط الدم و مستويات الكولسترول و السكر في الدم ، و من ثم قسموا كلاً من المجموعتين السابقتين إلى ثلاث مجموعات فرعية وفقاً لمؤشر الكتلة الجسمية BMI : أصحاب الوزن الطبيعي ،الوزن الزائد ، والبدناء ، أي أصبح لدينا مشاركون ضمن ست مجموعات تمت متابعة حالاتهم الصحية لفترات طويلة من الزمن تراوحت ما بين 3 - 30 عاماً و ذلك لدراسة العلاقة بين سلامة الاستقلاب و وزن الجسم من جهة ، و نسبة حدوث الوفيات و الأمراض القلبية الوعائية من الجهة الأخرى.

خلصت الدراسة إلى أن الأشخاص البدناء الذين كانوا سليمي الاستقلاب معرضون على المدى الطويل لخطر الوفاة أو الإصابة بأحد الأمراض القلبية الوعائية بنسبة 24% رغم غياب الاضطرابات الاستقلابية لديهم ، و ذلك بالمقارنة مع المجموعة المرجعية و هي المجموعة سليمة الاستقلاب ذات الوزن السوي .

هي إذاً أخبار سيئة لزائدي الوزن بعد أن نفت الدراسة وجود " بدانة صحية " ، فلن يجدوا أي نموذج صحي يستطيعون الاستناد إليه للدفاع عن هذه البدانة و لا بد أن تترافق البدانة بمتاعب صحية كارتفاع ضغط الدم و مقاومة الأنسولين و ارتفاع مستويات الكولسترول.

ليس هذا فحسب ، فقد لاحظ الباحثون أن الأشخاص البدناء الذين يحاولون بشكل متكرر أن ينقصوا من وزنهم هم أكثر عرضة ليكسبوا الوزن مجدداً ، ثم يحاولون فقده و هكذا.. هذا ما نسميه دوران الوزن أو تأثير اليويو ( هو تعاقب عملية فقدان الوزن و اكتسابه ، سميت كذلك لأنها تشبه حركة اليويو اللعبة المعروفة ) ، وقد تم ربط حالة دوران الوزن مع الأمراض القلبية و مشاكل صحية أخرى ، و بالتالي فإن الأشخاص زائدي الوزن سليمي الاستقلاب ترتفع احتمالات إصابتهم بالأمراض الأشد خطورة التي حاولوا تجنبها بالبداية إذا ما فقدوا الوزن ثم اكتسبوه مجدداً .

أثارت هذه الدراسة جدلاً كبيرا في أوساط الباحثين ، فمنهم من اعترض بأن الدراسة أغفلت عاملاً شديد الأهمية في مثل هكذا دراسات وهو مستوى اللياقة البدنية لدى المشاركين ، و دعم وجهة نظره بدراسات تقول أن الأشخاص شديدي النحول معرضون لخطر الموت أكثر بمرتين من الأشخاص البدناء ، و حسب وجهة نظرهم أن هذا أمر ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام فحسب لأنه غيّر نتائج الدراسة الأولى بشكل كامل ، كما اتهمت الدراسة الأولى بأنها ساوت بين الأشخاص من حيث النشاط الفيزيائي و النظام الغذائي وعادات التدخين لدى المشاركين بالإضافة إلى مستوى لياقتهم البدنية – و ليس الوزن – ، بينما رد الباحثون أصحاب الدراسة الاولى بأن البحث في هذه العوامل أمر لا بد منه و لكنه متروك لدراسات مستقبلية .

في النهاية لا بد من انتظار دراسات مستقبلية تؤكد أو تنفي المسألة بشكل قاطع ، و نقول أن محاولة الوصول إلى اللياقة البدنية لدى شخص سمين أمر أسهل بكثير من أن يحاول فقدان وزنه ، فالوزن المضبوط ليس العامل الحاسم الوحيد في العيش حياة أطول و أكثر صحة.

المصدر: هنا هنا