منوعات علمية > منوعات

الأخوان رايت

ولد ويلبر رايت في ولاية إنديانا في أمريكا عام 1867، وولد أخاه أورفيل رايت بعده بأربع سنوات في ولاية أوهايو، كان والدهم ميلتون رايت الأُسْقُف  في إحدى الكنائس، ودرست والدتهما سوزان رايت الأدب والعلوم في إحدى جامعات إنديانا، وكانت من التلاميذ الأوائل في مادة الرياضيات في فصلها، أما والدهما فكان يسافر بحكم عمله في الكنيسة وفي إحدى المرات أحضر لهم لعبة على شكل طائرة هيليكوبتر، وتعلق الأخوان رايت بها، ومنذ ذلك الحين خُلِق الشغفُ بداخله للملاحة الجوية، وكان أورفيل شغوفاً بالطائرات الورقية، وبدأ بصنع واحدة في منزله. كان أداء الأخوين رايت جيداً في المدرسة، ولكنهما كانا الفردين الوحيدين من عائلة رايت اللذين  لم يَحصلا على شهادة الثانوية ولم يَلتحقا بالجامعة، فلم يكن أورفيل مواظباً على دراسته بل كان مهتماً بالهوايات خارج نطاق الدراسة والمدرسة، وبذلك خرج من المدرسة الثانوية في آخر عام فيها وافتتح مطبعة. في العشرينات من عمرهما عام 1889 توفيت والدتهما بعد معاناتها فترة طويلة مع داء السل، وبعد ذلك كرَّس الأخوان رايت نفسهما لاهتمام آخر؛ ألا وهو الدراجات؛ إذ إنَّ تجاربهم بالدراجات ساعدتهم على أبحاثهم في مجال الطيران وأفكارهم عن التوازن في الطائرات والتحكم بها وكانت متأصلة من تجاربهم بالدراجات، وفي عمر الثلاثينيات أصبحا مهتمين بشدة بقضايا الملاحة الجوية، وقد لاحظا في أثناء قراءاتهم للأعمال السابقة، أنَّ العامل الوحيد الذي منع أسلافهم من الطيران بنجاح هو عدم قدرة الطيار على موازنة مركبته والتحكم بها حالما تحلق، وتبين لهم أيضاً من خلال مراقبة الطيور بأنَّها تميل أجنحتها بزاوية معينة لتوازن جسدها وتتحكم به في أثناء الطيران، وبعد العديد من المحاولات والأبحاث نجح الأخوان رايت بالنهاية بتصميم أول طائرة تعمل بالطاقة وأثقل من الهواء وقادرة على التوازن باستمرار مع طيار على متنها، وذلك في 17 كانون الأول (ديسمبر) عام 1903، في جنوب كاليفورنيا، ومن بين الرحلات الأربعة التي قاموا بها في ذلك اليوم كانت الأطول مدة 59 ثانية على ارتفاع 852 قدم. 

شُكِّكَ بنجاح الأخوين رايت كثيراً في البداية، فبعد تمويل الولايات المتحدة للكثير من تجارب الطيران الفاشلة أصبحت مترددة لدعم عملهما، ونتيجة لذلك توجَّه أورفيل رايت إلى واشنطن؛ ليعرض اختراعه هناك في محاولة له للحصول على تعاقد مع الحكومة والجيش، فنجح الأخوان رايت في ذلك وباعا الطائرة مقابل 30,000 $؛ فأدى نجاحهم المبهر إلى توقيعهم عقود في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وأصبحا من رجال الأعمال الأثرياء، و في عمر الأربعينيات حلَّق الأخوان رايت أول مرة معاً مدة 6 دقائق؛ فكان أورفيل رايت هو سائق الطائرة وويلبر رايت راكباً معه، واصطحبا أيضاً والدهم الذي يبلغ من العمر 82 عاماً؛ ليجرى رحلته الأولى والوحيدة في الطائرة.

تُوفِّي ويلبر رايت عن عمر 45 عاماً بعد إصابته بحمى التيفوئيد، فأجبر أورفيل على إدارة "شركة رايت" وحده. على عكس شقيقه، كان أورفيل غير مهتماً بالجانب التجاري من العمل؛ فباع الشركة في عام 1915، وأمضى بعد ذلك العقود الثلاثة الأخيرة من حياته في مجالس الإدارة واللجان ذات الصلة بالملاحة الجوية، بما في ذلك اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية، ثم توفي في عمر 77 عام بعد تعرضه لأزمة قلبية ثانية.

ما هي أسباب نجاح الأخوين رايت؟

ساهم الدعم الأسري الذي تلقاه الأخوان رايت في تعزيز ثقتهم بنفسهم، التي دفعتهم إلى رفض النظريات المتعلقة بالطيران العائدة إلى خبراء معروفين وأكثر مهارة وخبرة منهم في مجال الملاحة الجوية، وذلك عندما شعرا بأنَّ أفكارهم أكثر صحة؛ فالروابط الأسرية القوية التي كانت تجمعهما ساهمت كثيراً في إصرارهم في وجه العديد من العقبات ضمن أبحاثهم؛ إذ يمتلك الأخوان رايت سمات شخصية ومهارات ومواهب مختلفة تكمل بعضهما، فعملا  فريقاً واحداً.

ويلبر رايت: "عشت مع أخي أورفيل منذ طفولتي، وتشاركنا ألعابنا، وتحدثنا عن أفكارنا وتطلعاتنا، فكل ما أنجزناه في حياتنا تقريباً كان نتاجاً لمحادثاتنا واقتراحتنا ونقاشتنا.".

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا