الطب > مقالات طبية

ما علاقة مكمِّلات فيتامين (د) بالأمراض القلبية الوعائية؟

بدايةً لا بد من عرض بعض المعلومات الرئيسة عن فيتامين د وأهميته في الجسم:

يؤدي فيتامين (د) دورًا مهمًا في تنظيم العديد من العمليات الفيزيولوجية من خلال تفاعله مع مستقبلاته الخاصة، يتصدر هذه المهام تلك التي يؤديها في النسيج العظمي، وأهميته في استقلاب الكالسيوم.

يُستقلب فيتامين د بواسطة إنزيم 25-هيدروكسيلاز الكبدي وبعدها بواسطة إنزيم 1 a-هيدروكسيلاز الكلوي ليتحوّل إلى شكله النّشط "كالسيتريول" الذي يرتبط مع مستقبلات فيتامين د في أكثر من 30 نسيجًا مختلفًا.

تُؤَمّن معظم الاحتياجات من فيتامين د عن طريق سقوط أشعة الشمس -الأشعة فوق البنفسجية على وجه التحديد- على الجلد ( 80-100%) وبنسبة أقل عن طريق الأغذية الطبيعيّة الحاوية على فيتامين د أو الأخرى المدعمة به، وتُراقَب مستوياته في الجسم عن طريق قياس مستويات الشكل المستقلب من فيتامين د – أي 25-هيدروكسي فيتامين د- المصليّة.

يرتبط عوز فيتامين د بالعديد من النتائج الصحية الخطيرة على مستوى الجهاز العضلي الهيكلي مثل: الكساح والكسور العظمية، وتليّن العظم وهشاشته، وضعف العضلات، ونتائج غير هيكلية متضمنة القلبية الوعائية؛ منها: قصور القلب الاحتقاني، واحتشاء العضلة القلبية، وارتفاع الضغط الشرياني وغيرها، إضافة إلى علاقة عوز فيتامين د بالعديد من الأمراض كالسل والتهاب المفاصل الرثياني والتصلب اللويحي والسرطانات وداء السكري والمتلازمة الاستقلابية.

مع أن العديد من الدراسات السابقة وجدت رابطًا ما بين المستويات المنخفضة من فيتامين د في الدم وزيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، فإنَّ -وبحسب الدراسات الحديثة- أخذ مكملات فيتامين د لن يقلل من خطر الإصابة، وسنفصِّل في ذلك في مقالنا هذا...

إضافة إلى تحسين مكمّلات فيتامين د من قوة العظم، فإن لها أيضًا خاصية مضادة للالتهاب وبذلك فهي تؤدي دورًا علاجيًّا محتملًا مفيدًا في عدد من الأمراض المناعية الذاتية، ورفض الطعوم الغيريّة.

 بحسب دراسة سريرية صغيرة؛ لوحظ عند إعطاء مكملات فيتامين د انخفاضٌ في مستويات أحد البروتينات الالتهابية (CRP)، إضافة إلى حدوث ارتخاء في الخلايا العضلية الملساء الوعائية، وانخفاض في إنتاج الرينين (مادة منتَجة من الكليتين تعطي بدورها مواد أخرى رافعة للضغط) من قبل الكليتين، ومنه تقترح هذه الدراسة فائدة إعطاء مكملات فيتامين د لمرضى الفشل الكلوي لخفض خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائيّة . 

جُمعت العديد من الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع؛ فبعضها لم يجد أي فارق بين المرضى الذين أخذوا مكملات فيتامين د عند المقارنة بمجموعة المرضى التي لم تأخذ أي منها المكمّلات، وذلك بما يتعلق بالأمراض القلبية الوعائية. في حين رأى غيرها بعضًا من الآثار الإيجابية في مرضى القصور القلبي، إلا أنها في الوقت ذاته لم تلاحظ أي فرق عند مرضى احتشاء العضلة القلبية والسكتات.

أما فيما يخص ارتفاع الضغط الشرياني؛ فالنتائج كانت مختلطة أيضًا؛ إذ بعضها لم يلحظ أي فرق في خطر الإصابة بارتفاع الضغط عند الذين تناولوا مكملات فيتامين د، لكن في الجهة المقابلة وجدت دراسة أخرى دليلًا جينيًا على أن ارتفاع تركيز فيتامين د في الدم له علاقة بالضغط الشرياني المنخفض وانخفاض خطر الإصابة بارتفاع التوتر الشرياني.

إضافة إلى ما سبق، اقتُرِح في إحدى الدراسات إعطاء المرضى جرعات عالية شهريًّا من مكملات فيتامين د، لكن -ومع فترة مراقبة مدة ثلاث سنوات- لم يلحظ أي فرق في خفض خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية مما جعل الدراسة تقترح إجراء أبحاث أخرى باستخدام جرعات عالية بتواتر أكبر أسبوعيًّا أو يوميًّا لربّما تختلف النتائج.

فُسّرت النتائج المختلطة بين هذه الدراسات على أنها اختلاف في كيفيّة تحضير مكملات فيتامين د، وفترة المتابعة للمرضى، وتجاوب المرضى مع الأدوية التي أخذوها، وحجم العيّنات، والتغايرات الجينيّة في الاستقلاب بين المرضى في الدراسات؛ لذا فإن كلّ هذه الاختلافات تبرز الحاجة إلى إجراء دراسات لعينات كبيرة عشوائية على مستوى العالم.

لكن وبالعودة إلى أحدث دراسة اطلعنا عليها وهي التي أُجريت في جامعة ميشغن ونُشرت هذا العام؛ إذ أُجرِي تحليل بعدي لـ21 دراسة سريرية متضمنة 83291 مريضًا، تلقى قرابة النصف مكملات فيتامين د في حين النصف الآخر لم يتلقَّ. فلم يُلاحظ أيُّ فرق بين المجموعتين، وبذلك لم تجد هذه الدراسة أيَّ دور لاستخدام مكملات فيتامين د في خفض خطر الإصابة بالأمراض القلبيّة الوعائية. 

لذا في الختام؛ حاليًّا لا يُنصح باستخدام مكمّلات فيتامين د لخفض خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائيّة؛ وبذلك يحتاج هذا الموضوع إلى المزيد من الأبحاث والدراسات لمعرفة حقيقة هذه العلاقة المثيرة للجدل لعلّها تكون ذات منفعة في المستقبل.

المصادر:

(1):هنا

(2):هنا

(3):هنا

(4):هنا

(5):هنا