علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

تأثيرات الصراخ في الأطفال

إنَّ الإساءة العاطفية والنفسية للأطفال تُعرَف بصفتها سلوكيات، مثل خطاب الآباء وتصرفاتهم ومقدمي الرعاية أو أشخاص آخرين مهمين في حياة الطفل، ذات التأثير سلبي في الطفل وصحته العقلية. ومن الأمثلة على هذه الإساءة العاطفية: الشتيمة، والإهانة، والتهديد باستخدام العنف (حتى لو كانت التهديدات غير مصاحبة بتنفيذ فعلي)، والسماح للأطفال برؤية آخرين يتعرضون إلى الإساءة الجسدية أو العاطفية، وحجب الحب والدعم أو الأرشاد والصراخ المستمر.

لكن من الطبيعي أن تُصابَ بالإحباط بسبب أطفالك خاصة إذا كانوا يُسيئون التصرف، ولكن الطريقة التي تعبر بها عن إحباطك وتتعامل بها مع الموقف يمكن أن تقود إلى نتائج دائمة في تطور شخصيتهم وصحتهم.

في الحقيقة طرائق العقاب الأبوية مثل الصراخ وغيرها، يمكن أن يكون لها تأثير في الطفل أكثر مما كان يُعتقد سابقاً. أَوجَدت بعضُ الدراسات السريرية تأثيرات على المدى الطويل من الممكن أن يسببها الصراخ في الأطفال:

1- الصراخ يجعل مشكلاتهم السلوكية أسوأ: ربما تظن أنَّ الصراخ على أطفالك قد يحل المشكلة في وقتها أو ربما يمنعهم من إساءة التصرف في المستقبل، لكن أظهرت دراسة أنَّه من الممكن فعلياً أن يخلق ذلك مشكلات أكثر على المدى الطويل؛ فالصراخُ يجعلُ  سلوكَ طفلك أسوأ، مما يعني أنَّك مضطر للصراخ أكثر لتصحيحه وهكذا دواليك.

مشكلات الطفل السلوكية أو التصرف على نحوٍ مُناكِد (معاكس لما يريد الأهل)  تقود إلى مستوى أعلى من عقاب الأهل القاسي، مما قد يتبعه أضرار نفسية مختلفة، لذلك من الضروري دراسة تأثيرات عقاب الوالدين القاسي على مشكلات الطفل السلوكية مستقبلاً.

أظهرت دراسة مُختصة بالعلاقات بين الوالدين والطفل إن كان رد فعل الأطفال البالغين من العمر 13 عاماً الذين تعرضوا للصراخ  من والديهم هو زيادة مستويات سلوكهم السيئ خلال السنة التالية بغض النظر عن من قام بالصراخ (الأب أم الأم).

2- الصراخ يُغيِّر من الطريقة التي ينمو بها الدماغ: يمكنُ للصراخ والأساليب الأبوية القاسية حرفياً أن تُغيِّر من الطريقة التي يتطور بها دماغ الطفل بشدة؛ وذلك لأنَّ الناس يعالجون المعلومات والأحداث السلبية بسرعة أكبر تماماً من الجيدة.

في دراسة قارنت مسحاً بالرنين المغناطيسي لأدمغة أشخاص لديهم تاريخ في العنف اللفظي الأبوي في الطفولة بآخر لأشخاص ليس لديهم تاريخ في العنف، وُجِدَ اختلافٌ فيزيائي ملحوظ في أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة الأصوات واللغة مما قد يسبب تأخراً في تطوير القشرة السمعية لدى الأطفال المعنفين.

3-الصراخ من الممكن أن يقود إلى الاكتئاب: إضافة لِكون الأطفال يشعرون بالأذى والحزن؛ فعندما يصرخ عليهم آباؤهم فإنَّ العنف اللفظي لديه القدرة على التسبب بمشكلات نفسية عميقة يبقى أثرها حتى سن البلوغ.

وفي دراسة أُجريت على 976 عائلة أمريكية فإنَّ العقاب اللفظي القاسي من الأمهات والآباء على الأطفال في عمر  13عاماً يجعلنا نتوقع زيادة في المشكلات السلوكية في سن البلوغ وأعراض الاكتئاب والقلق بين عمري 13 و14 لديهم.

4- الصراخ يؤثر في الصحة الجسدية: إنَّ التجارب التي كبرنا من خلالها قد كَوَّنتنا بعدة طرائق، بعضُها قد لا نُدركه؛ فالتوتر الشديد في الطفولة من والد مُعنف لفظياً يمكن أن يزيد خطر الإصابة بأمراض معينة.

فَمن الممكن أن يُسبب الصراخُ ألماً مزمناً؛ فقد وجدت دراسة مؤخرة رابطاً بين التجارب السلبية في الطفولة متضمنة العنف اللفظي وغيره من أنواع العنف، والتطور اللاحق لذلك لمشكلات مؤلمة ومزمنة، هذه المشكلات تتضمن التهاب المفاصل، وآلام رأس، ومشكلات في الظهر والرقبة، وآلام مزمنة أخرى.

تَذكر أنَّك بصفتك والداً أو والدة يمكنك أن تمنح نفسك بعض الوقت إذا شعرت بأنَّك خارجاً عن السيطرة، فقط تأكد بأنَّ طفلك في مكان آمن، وبعدها أعطِ نفسك بضع دقائق لأخذ أنفاس عميقة، استرخ واتصل بشخص مقرب إن كنت بحاجة للتحدث عن الموقف، وعندما تشعر بالتحسن، عُد لطفلك تعانقا وابدأا من جديد، وإذا شعرت بأنَّك قد ارتكبت خطأً فادحاً في لحظة انفعالية، انتظر حتى تهدأ، اعتذر لطفلك واشرح له كيف ستتصرف بهذا الموقف في المستقبل، وتأكد من حفاظك على وعدك، فهذا يعطي طفلك نموذجاً جيداً لكيفية تصحيح أخطائه؛ إذ إنَّه يوجد العديد من أساليب التربية الفعالة البعيدة عن العنف.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا