التعليم واللغات > اللغويات

هل توجد الهيمنة الذكورية في اللغة أيضًا؟

كشف باحثون في معهد (ماكس بلانك) لعلم اللغة النفسي (MPI) عن وجود صلة بين الأسماء التي تشير إلى دور معيَّن -مثل المسميات الوظيفية- في اللغات التي تحتوي على التذكير والتأنيث كاللغة الألمانية وبين المساواة بين الجنسين، وتؤكد الدراسة التي تناولت مسألة ما إذا كانت صيغة الجمع المذكر بالألمانية محايدة أم خاصة بالذكور، نتائجَ سابقة في البحوث السلوكية؛ إذ يميل الناس إلى تفسير صيغة التذكير على أنها خاصة بالذكور على الرغم من استخدامها عادة للإشارة إلى الذكور والإناث معًا.

إنَّ كل من الكلمات المذكرة الثلاث der Bachhalter (محاسب) وder Musiker (موسيقي) وder Student (طالب) هي كلمات ألمانية عادية شائعة، ولكن قد تنطوي على ما هو أكثر من ذلك، فاليوم غالبًا ما تكون المساواة بين الجنسين موضع مناقشات اجتماعية وسياسية حادَّة، والأسماءُ التي تشير إلى أدوار معيَّنة في اللغات التي تحوي تمييزًا نحويًّا بين الجنسين ربما لا تكون بريئةً كما قد تبدو عليه.

ولا شكَّ أن تأثير جنس الاسم ضمن السياقات الاجتماعية واضح؛ إذ يرى تلاميذ في مدارس هولندية أن الوظائف المعروضة بصيغة المذكر أهم، وفي الألمانية غالبًا ما تُفسَّر الأسماء المذكرة التي تشير إلى أدوار أو وظائف معينة -والمستخدمة لمخاطبة جميع الأجناس- على أنّها تشير إلى الذكور فقط، وقد يكون لهذا تأثير عميق في المساواة بين الجنسين.

القواعد النحوية مقابل القوالب النمطية

في اللغات التي لا تميز بين الجنسين -كالإنكليزية- لا يمكن للمتحدثين اكتشاف جنس الشيء المُشار إليه إلا باستخدام الضمائر والقوالب النمطية القائمة على الجنس، ولكن في اللغات التي تميز بين الجنسين -وتؤدي فيها القوالب النمطية دورًا أيضًا- يُشير التجنيس النحوي إلى جنس الشيء المقصود باستخدام أشكال محددة للإشارة إلى الذكور والإناث؛ مثلًا في اللغة الألمانية تُضاف اللاحقة (innen) للإشارة إلى جمع المؤنث.

وفي الدراسة التي استَخدمت تقنية قياس تغيُّر موجات الدماغ حسب الحدث (ERPs) لتقييم معالجة الدماغ لصيغة الجنس النحوي في اللغة الألمانية اختار الباحثون أسماءً وظيفية محايدة نمطيًّا واستخدموها لإنشاء جمل يدلُّ فيها الاسم (المذكر أو المؤنث نحويًّا) على مجموعة من الناس، وفي الجزء الثاني من الجملة حُددت هذه المجموعة على أنها تحتوي رجالًا أو نساء.

توضِّح (جوليا ميسيرسكي)، عضو مجموعة علم الأحياء العصبية للغات في معهد (ماكس بلانك)، أنه بالتركيز على علامات عصبية محددة تُسلط الضوء على مدى قدرتنا على معالجة أجزاء مختلفة من المعلومات عند القراءة ودمجها راقبنا استجابة أدمغة المشاركين لكلمات men (رجال) أو women (نساء).

معالجة الصعوبات والانحياز إلى المذكر

كشفت الدراسة أن المشاركين وجدوا صعوبة في معالجة جمل تنطوي على عدم تطابق بين الجنس البيولوجي والنحوي؛ على سبيل المثال حين يكون الاسم المذكر النحوي متبوعًا بكلمة (نساء) أو بالعكس. تقول (ميسيرسكي) إنه يبدو أن الأسماء المذكرة نحويًّا فُسِّرت على أنها خاصة بالرجال، ومع ذلك استُخدمت بانتظام للإشارة إلى جميع الأجناس، ويشير بحثنا إلى أن الأسماء المذكرة قد لا تكون كافية لتمثيل جميع الأجناس على قدم المساواة.

تداخل مع البحوث السلوكية

توضِّح (ميسيرسكي) أن البحوث السلوكية تُشير إلى أن الأسماء الوظيفية المذكرة قد تؤدي إلى الانحياز نحو التذكير في تفسيرها، ومع ذلك فإن هذه التجارب عادة ما تتطلب اتخاذ قرار واع، وعندها قد يُفكر الناس بنوع الجنس. استخدم الفريقُ من أجل هذه الدراسة نهجًا مختلفًا -وهو تخطيط أمواج الدماغ (EEG)- لمراقبة عمليات الدماغ التي تحدث في أثناء القراءة، وذلك دون اتخاذ قرار واع، ويمكن في المستقبل دمج النَّهجين لاكتشاف كيفية تأثير اللغة في الطريقة التي يفسِّر بها الناس أدوار الجنسين (المذكر والمؤنث). وتضيف (ميسيرسكي) قائلة إن استخدام الأسماء الوظيفية المحايدة جنسيًّا -التي هي موضع جدل- قد يوفر وسيلة جديدة ومثيرة للاهتمام لمعرفة ما إذا كان يمكن الحد من الانحياز نحو التذكير.

المصدر: 

هنا

هنا