الهندسة والآليات > الروبوتات

هل سنملك القدرة على التحدث مع الحيوانات؟

عن طريق تجربة واسعة؛ تمكّن الباحثون من السماح لفصيلتين مختلفتين تمامًا من الحيوانات من التواصل مع بعضهم البعض والاشتراك بإتخاذ قرار وذلك بمساعدة الروبوتات مع العلم بأن الفصيلتين تُقيمان في منطقتين جغرافيتين مستقلتين.

السمك والنحل لا يملكون عادةً أية مناسبة يلتقون فيها بعضهم مع بعض، وإذا ما التقَوا؛ فليس لديهم كثيرًا يخبرون به بعضهم بعضًا.

على أية حال؛ فإن مهندسين من 5 جامعات أوروبية بينها جامعة EPFL كانوا قادرين على جعل مجموعتين من النحل والأسماك يتواصلون فيما بينهم، والنحل كان موجودًا في النمسا والسمك في سويسرا، وعن طريق الروبوتات تناقلت الفصيلتان إشارات فيما بينهما وفي النهاية بدأتا بتوجيه بعضهما بعضًا، ونُشِرت الدراسة في 20 آذار/مارس 2019 في موقع Science Robotics هنا;

" أنشأنا جسرًا للتواصل لم يسبق مثله بين مجتمعين حيوانيين مُتيحين لهم القدرة على تبادل بعض الخبرات الحركية"؛ كما قال فرانك بونيت  Frank Bonnet الباحث في مجموعة الروبوت المتحرك في جامعة EPFL المسماة (MOBOTS)؛ إذ صمم الباحثون في MOBOTS روبوتات يمكنها الاندماج بمجموعات من الحيوانات والتأثير في سلوكهم، واختبروا روبوتاتهم على مجتمعات من الصراصير والصيصان، ومؤخرًا على الأسماك؛ إذ إن واحدة من تلك الأسماك الروبوتية "المتجسسة" كانت قادرة على التسلل ضمن مجموعة من الأسماك في حوض دائري وتوجيههم للسباحة في اتجاه معين.

"الخطوة الآتية -على حد اعتقادنا- هي إضافة ميزات لمجموعات الحيوانات التي لا تستطيع أداءها"، على حد قول خوسيه هالوي Jose Halloy، فيزيائي من جامعة Paris Diderot الذي كان يُطوِّر روبوتات تتفاعل بذكاء مع الحيوانات لأكثر من عقد.

في هذه التجربة التي أُجريت في لوزان، سويسرا؛ أخذ المهندسون تجربة الأسماك تلك وطوروها بجعلها قادرة على التواصل مع مستعمرة نحل في مختبر في جامعة كارل فرانسنس Karl-Franzens في غراتس، النمسا؛ إذ يعيش النحل ضمن بيئة تحوي مجموعة روبوتات كلٌّ منهم متوضِّع في اتجاه معين ويحوم حولهم النحل طبيعييًّا.

أتاح الباحثون المجال للنظام البيئي الهجين لاختيار اتجاه الحركة؛ أي إذا اختارت الأسماك الحركة باتجاه عقارب الساعة -مثلاً- فإن الروبوت السمكة سوف تنضمُّ إليهم، وفي الوقت نفسه يُخبر الروبوت النحلة ( اثنين فقط من مجموعة الروبوتات) بقية النحلات: "لنذهب مثلهم مع عقارب الساعة "، ويعمل النظام بالاتجاه المعاكس أيضًا؛ أي أنَّ حركة النحل قد تُؤثر في حركة السمك وتعطيهم الأمر باتجاه الدوران.

التصرف بوصفها وسيطًا:

تبعث الروبوتات ضمن كل مجموعة من الحيوانات إشارات مخصصة لكل نوع؛ فالروبوت في مجموعة الأسماك يبعث بنوعين من الإشارات الأول إشارات بصرية على هيئة أشكال وألوان وحركات مختلفة، والثاني إشارات سلوكية كالتسارع والاهتزاز وحركة الذيل؛ أمّا الروبوتات في مستعمرة النحل؛ فهي تبعث إشارات على هيئة اهتزازات بالأساس وتغيرات في درجة الحرارة، وحركة الهواء، وقد استجابت الحيوانات للإشارات؛ إذ بدأت الأسماك في الحركة باتجاهات معينة وبدأ النحل يحوم حول واحدٍ من الروبوتات فقط، وسجلت الروبوتات ضمن كل مجموعة النمط الحركي لمجموعتها وتبادلوا المعلومات فيما بينهم؛ ومن ثَمَّ تَرجمت المعلومات التي تسلمتها إلى إشارات ملائمة للفصائل المُستقبلة.

"تصرفت الروبوتات وكأنها مفاوض أو مترجم في مؤتمر عالمي عن طريق تبادل المعلومات المختلفة، وتوصلت المجموعتين في النهاية إلى قرار مشترك" كما وضح ذلك فرانشيسكو موندادا Francesco Mondada، البروفيسور في BioRob.

تحدثت الفصيلتين الحيوانيتين المختلفتين بعضهما مع بعض في أثناء التجربة؛ على الرغم من وجود قرابة 700 كيلومتر تفصل بينهما، والمحادثة كانت عشوائية في البداية؛ لكنها قادت في النهاية إلى قرار نهائي بالاتجاه الواجب اتخاذه، وبعد 25 دقيقة؛ تزامنت مجموعات الحيوانات إذ كانت جميع الأسماك تسبح باتجاه عكس عقارب الساعة وجميع النحل يحوم حول روبوت واحد فقط.

يمكن مشاهدة نتائج التجربة هنا:

تبديل بعض الصفات:

"بدأت الفصيلتان حتى في تبنِّي بعضًا من خصائص الآخر؛ فالنحل أصبح مؤرقًا بعض الشيء وأقل احتمالًا لأن يحوم مع أصدقائه كما هو معتاد، والأسماك بدأت تتجمع بعضها مع بعض أكثر مما تفعله في الأوضاع الطبيعية"؛ كما قال بونيت.

يُمكن أن تُساعد نتائج الدراسة مهندسي الروبوتات على تطوير طريقة فعالة للآلات لالتقاط الإشارات الحيوية وتطويرها؛ أما بالنسبة لعلماء الأحياء؛ فالدراسة يمكن أن تُساعدهم على فهم أفضل لتصرفات الحيوانات وكيف يتصرف الأفراد ضمن النظام البيئي الحيوي.

ويُمكن استخدام الدراسة أيضًا لتطوير طرائق لمراقبة العادات الطبيعية باستخدام قدرات الحيوانات الحسية الاستثنائية؛ فمثلًا؛ العلماء يمكن أن يحثُّوا الطيور على تجنب المطارات والأخطار المشابهة أو حتى توجيه الحشرات المُلقّحة نحو المحاصيل العضوية وإبعادها عن المحاصيل المغطاة بالمبيدات الحشرية.

المصادر:

(1) هنا

(2)هنا

(3) هنا

الدراسات المرجعية:

رابط الدراسة الأساسية:

هنا

رابط اليوتيوب الذي يوضح نتائج الدراسة:

هنا