الكيمياء والصيدلة > كيمياء

صديقك وصفار البيض

تبدأ القصة منذ الصغر؛ إذ نبدأ بالتساؤلات الغريبة عن كل شيء. 

ولعلّ أهم تلك الأسئلة يتمحور حول كيفية صنع الأشياء بعد معرفة ماهيتها، وكذلك يفعل العلماء، فلا ينفك الباحثون يطرحون الأسئلة ويبتكرون طرائق جديدة لكل شيء تقريبًا انطلاقًا من تساؤلاتهم وفضولهم، ولدينا مثال ما أثاره هذا التساؤل من تطوير في عملية تصنيع الغليكانات (Glycans).

احتجنا في الماضي إلى مختبرات متطورة تقنيًّا وعلميًّا إضافة إلى مئة خطوة كيميائية لتصنيع الغليكانات، إلى أن مارس مؤخرًا بعض الباحثين من جامعة Utrecht عادتهم في التساؤل -وكذلك عادتكم أعزائي القراء- وخطرت لهم بعض الأسئلة مثل: أليست هذه العملية معقدة قليلًا؟ لم كل هذه التفاعلات؟ وغيرها من الأسئلة..

حسناً، لنتعرّف أولًا الغليكانات قليلًا.

الغليكانات: هي مجموعة من السكريات الشديدة التعقيد تغطّي جميع خلايا الأعضاء بطبقة كثيفة، وهي مهمّة؛ لما تؤديه من دور مفتاحي في العديد من العمليات الحيوية ابتداءً من نشوء الجنين، انتقالًا إلى تنظيم الجهاز المناعي، وكذلك تثبيط الالتهابات، والأهم من ذلك استخدامها على أنها علامة حيوية تدلُّ على الخلايا السرطانية، إضافةً إلى دورها في أنها مكوّن أساسي لمعظم المستحضرات الصيدلانيّة الحيويّة. 

فاجأنا الباحثان Gerlof و Geert بتغيير الآلية المعقّدة ذات المئة مرحلة لبناء الغليكانات إلى الأبد عن طريق تحوير العملية بعض الشيء، والانطلاق من مادة موجودة في صفار البيض تسمى سياليل غليكوببتيد (SGP)، وهي التي تتألف من تسلسل مجموعة من الأحماض الأمينية هي الليزين Lys - الفالين Val - الآلانين Ala - الأسباراجين Asn - الليزين Lys - الثريونين Thr.

عزلت مادة SGP باستخدام الفينول والكروماتوغرافيا السائلة العالية الأداء (HPLC) التي سيصنع منها بعد ذلك الركيزة الأساسية في بناء الغليكانات.

من أجل الحصول على الركيزة الأساسية لعملية بناء الغليكان؛ يجب إزالة كافة المرتبطات من مادة SGP حتى يتبقى هيكله الكربوني الأساسي مع الحفاظ على نقاط التفرع فقط، وبذلك يتمكّن الباحثون من تنشيط إحدى هذه النقاط، أو إلغاء تنشيطها على نحو فردي مستعينين بأنزيم غليكوزيل ترانسفيراز، ثم يعاد تنشيط بعض هذه النقاط في المرحلة الثانية لتنمو مجددًا واحدة تلو الآخر وفق ما يراه الباحثون مما يسمح لهم ببناء فروع غير متناظرة خاصة بالغليكانات على الهيكل الكربوني الأساسي بطريقة مدروسة.

ومثال على استخدام هذه الآلية؛ استُخدم الغليكوببتيد للحصول على غليكوسيل - أسباراجين الذي أُخضع لخطوات خمس كيميائية وأنزيميّة؛ ليعطي مركبًا ثنائي الأفرع، وخمس مراحل أخرى للوصول إلى المركّب ذي الأربع أفرع الذي يعد حجر الأساس لصنع عدد كبير من الغليكانات.

قللت هذه الآلية الجديدة من عدد المراحل المتبعة لبناء الغليكانات من 100 مرحلة حتى 10 مراحل فقط.

وهنا بدورنا نترككم مع سؤالنا؛ هل لا يزال بالإمكان تقليص هذه العملية إلى شكل أقصر من ذلك؟

المصادر:

هنا

هنا

هنا