الرياضيات > الرياضيات

تعلم الرياضيات عن طريق قالب قصصي

"دائمًا أكره الرياضيات؛ ولكنني مجبرة على شرح علم حساب المثلثات"، هكذا تبدأ إيمي شوارتزباخ -كانج قصتَها. هي معلمة لغة إنكليزية في المقام الأول في مدارس شيكاغو العامة. وبسبب نقص في هيئة التدريس، وجدت نفسها- في منتصف العام الدراسي- مضطرة لأن تعمل مساعد مدرس الرياضيات للمستوى التمهيدي من علم حساب المثلثات.  

وتُكمل "إيمي" حديثها: "وقد وجدت الطلبة تكره الحسابات المتكررة- مثلي- فما عساي أن أفعل؟". وهي توافقهم تمامًا. ولكنها وجدت نفسها تُحب هذا العمل بعد فترة، وخاصة أنها تُدرِّس هذه المادة لأول مرة وكانت مُحملة بوجهات نظر جديدة ورغبة في خوض التحديات. ومن هنا قررت- مع مدرس الرياضيات- أن تعطي دروسًا إضافية من أجل شحذ همم الطلبة. وكانت الدروس عبارة عن كتابة الطلاب تجاربهم الشخصية عن دروس الرياضيات، مما يعطي معنًى وإبداعًا لتعلمهم.

1) الشرح للأطفال

كان العائق الأساسي الذي يواجه الطلاب في أثناء دراستهم للرياضيات، هو المعادلات الكثيرة التي ينبغي تطبيقها للوصول إلى الإجابة الصحيحة؛ مما كان يصيبهم بالإحباط. وبدلًا من التركيز على الإجابة النهائية، كانت تركز مع الطلبة على الخطوات المؤدية إلى الحل الصحيح. 

وجدت "إيمي" العديد من الكتب التي تبسط علومًا مثل: النسبية العامة والفيزياء البصرية للأطفال. مما أعطاها الحافز لمحاولة تقليد هذه الكتب. واعتمدت على مقولة ألبرت أينشتاين: "إن لم تستطع شرح معلومة معينة إلى طفل؛ فأنت لم تفهم هذه المعلومة جيدًا".  

أعطت "إيمي" الطلاب الكتب السالف ذكرها ليستقوا منها لغتها البسيطة وطريقة إيضاح المعلومة. ثم قُسِّم الطلاب إلى مجموعات صغيرة؛ كل مجموعة تضطلع بمعادلة ذات خطوات متعددة. وتُناقش كل مجموعة هذه المعادلة فيما بينها لمحاولة فهم كيفية تطبيقها. وفي كل مجموعة كان الأفراد يسألون بعضهم وزملاؤهم يجاوبون. وبهذا شُرحت الأفكار المعقدة بطريقة سلسة وبسيطة. وهذا لأن الفهم والتطبيق نابع من الطلاب أنفسهم. 

قارن الطلاب إنتاجهم بالكتب التي أعطتها لهم "إيمي"؛ وذلك لتنقيح الخطوات وتبسيطها بطريقة تناسب فهم الأطفال الصغار. وكخطوة إضافية جعلتهم "إيمي" يكتبون دروس حساب المثلثات المبسطة، باستخدام أقلام ملونة على كروت فهرسة. هذه النقاشات جعلت الطلاب يفكرون في الفكرة الأساسية وراء كل معادلة حتى يستطيع إيصالها إلى الآخرين. كما استفاد الطلاب جميعًا من سماع وجهات النظر المختلفة عن الموضوع نفسه، مما أثرى المعرفة الشخصية بصورة كبيرة. 

2) قولبة المشكلة الرياضية على هيئة قصة

من المثير في الرياضيات إمكانية النظر لها على أنها قصص واقعية ترتبط بحياتنا اليومية، ولكن هذه الخاصية المدهشة غالبًا ما تُجاهل. والمثال الواضح على ذلك هو المسائل التي توجد في شكل قصة. ولكن هذه القصص دائمًا ما تكون منفصلة عن بعضها وكأنها جزر منفصلة، مما يحرم الدارس من رؤية الموضوع شاملًا. 

مشكلة أخرى تواجه الطلبة وهي أن حتى المسائل المكتوبة في شكل قصص لا تمس الحياة اليومية للطلاب؛ فالمسائل المكتوبة قد تتمحور عن كيفية تنسيق حديقة على نحو مثالي يستوعب عددًا معينًا من الأشجار أو حساب مساحة مطلوب تغطيتها ببساط. وهذه المسائل رغم واقعيتها؛ فإنها تعدُّ مشكلات مستقبلية. وهي بذلك لا تمس ولا تعد مشكلات حالية تواجه الدارسين في سن المراهقة.

جعلت "إيمي" الطلاب يجمعون المسائل القصصية المقررة عليهم ومحاولة تصنيفها. وقد نجح الطلاب في جمع 10 مسائل قصصية. ثم صُنِّفت إلى مجموعتين: الأولى هي المسائل القصصية المترابطة، والثانية: المسائل القصصية غير المترابطة. وبالنظر إلى الخمس المسائل القصصية غير المترابطة، حاول الطلاب معرفة لما هذه المسائل مهمة. كما حاولوا  أيضًا خلق سيناريوهات تخيلية تجمع هذه المسائل بعضها ببعض. وهذه السيناريوهات المختلقة جعلت دوافع الشخصيات المتضمنة في المسائل أكثر واقعية. وبهذا أُجيبَ عن سؤال مهم: "لما يحتاج الشخص إلى حل مثل هذه المسألة؟". 

ومن ثم دُمجت المسائل المتفرقة في سيناريو واحد طويل منطقي، مما حفز لدى الطلاب مهارات حل المشكلات. هذه السيناريوهات المختلفة كانت تتضمن موتى أحياء وأخرى تتحدث عن غزو فضائي. وأي من السيناريوهات كان أكثر تماسكًا وتحديًا للطلاب على إيجاد حلول للمشكلات الرياضية، بما يضمن للشخصيات الخيالية البقاء على قيد الحياة. صحيح أن كل هذا خيال، لكنه أفضل بكثير من تنسيق حديقة أو شراء بساط.

كل هذا عَمّق حُب الرياضيات لدى الطلاب؛ فقد رأوها من منظور يساعدهم على حل مشكلات تخصهم وتمس حياتهم؛ فالنتيجة النهائية من حل المسائل تمثل حياة أو موت شخصيات يحبونها. وهكذا وجدوا أخيرًا سببًا يدفعهم لتعلم الرياضيات، وإجابة عن سؤال يشغل ذهنهم: "لماذا ندرس هذا الفرع من الرياضيات؟". 

المصدر:

هنا