الطب > مقالات طبية

المميعات، نعم أم لا؟

يعاني الكثيرون الرجفان الأذيني، وهو أحد اضطرابات نظم القلب، ويعدُّ أحد أهم عوامل الخطورة لحدوث السكتة الدماغية، ويؤدي العلاج بالمميعات إلى إنقاص هذه الخطورة؛ إذ إن هدف العلاج هو السيطرة على معدل النبض، ومنع تشكل الخثرات الدموية وإضافة إلى إنقاص خطر حدوث السكتة الدماغية، ويتساءل الأطباء هنا عند رؤية كل مريض عن ضرورة الوقاية بالمميعات من عدمها.

ويتضمن هذا العلاج إعطاء المميعات الفموية على نحو أساسي؛ (الوارفارين Warfarin)، ومضادات التخثر الفموية الحديثة (NOAC)، وتتميز المضادات الجديدة عن الوارفارين بمدة فاعليتها القصيرة، وعدم احتياجها للمعايرة والفحوصات المخبرية الدورية؛ إذ يحتاج الوارفارين لفحوص مخبرية دورية لمعايرة فاعليته وجرعته.

وصل العلماء لمقياسٍ يدعى CHA2DS2-VASc لمساعدة الأطباء في الوصول إلى قرار في استخدام المميعات من عدمها، ويُقاس عن طريقه خطورة إصابة مرضى الرجفان الأذيني بالسكتة الدماغية، ويساعد على انتقاء المرضى الذين يجب أن يعالجوا بمميعات الدم. 

ويعدّ هذا المقياس تطورًا للمقياس السابق (CHADS2) الذي كان بسيطًا وسهل الاستعمال ولكنْ مفتقر لعدد من عوامل الخطورة؛ إذ كان يتضمن على قصور القلب الإحتقاني وارتفاع الضغط والعمر والداء السكري، والإصابة السابقة بالسكتة الدماغية أو(TIA) السكتة الدماغية العابرة، فكان قاصرًا في تحديد جميع المرضى ذوي الخطورة العالية، وصنّف خطأً نسبة من المرضى ذوي الخطورة العالية مع ذوي الخطورة المنخفضة، لذلك وبعد جمع المعلومات وإجراء البحوث طُوِّر هذا المقياس ليشمل عوامل خطورة أكثر.

ويساعد المقياس الأطباء على انتقاء المرضى الذين يجب علاجهم بالمميعات؛ إذ يحسب عوامل الخطورة لدى المريض وإعطاء نقطة لكل عامل، فيما يحصل المريض على نقطتين عندما يكون عمره 75 أو أكثر، أو عند وجود إصابة سابقة بالسكتة أو( TIA)، وكلما كانت النقاط أكثر زادت خطورة الإصابة بالسكتة.

يتضمن المقياس النقاط التالية:

C:   قصور القلب الإحتقاني                  نقطة

H:  الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني         نقطة

A2: العمر 75 أو أكثر                      نقطتان

D:  الإصابة بالداء السكري                   نقطة

S2: الإصابة السابقة بسكتة دماغية أو(TIA) نقطتان

V:  مرض وعائي كاحتشاء القلب             نقطة

A:  العمر بين 65 و 74                   نقطة

Sc: جنس المريض (النساء)                 نقطة

وبهذا يتراوح عدد نقاط المقياس بين( 0 و 9)؛ إذ لا يحتاج المرضى غير الحاصلين على أي نقطة على المقياس إلى العلاج بمميعات الدم، في حين يوصى لدى المرضى الحاصلين على نقطة واحدة بالعلاج بالمميعات أو بمضادات الصفيحات، أما المرضى الحاصلون على نقطتين أو أكثر فهم المرضى الذين ينصح بمعالجتهم بالمميعات.

بالمقابل فإنّ العلاج بالمميعات، وخصوصًا المميعات الفموية، هو عامل مؤهّب للنزف، ولذلك فيجب دراسة حالة كل مريض على نحو منفصل واتخاذ القرار الأنسب، فعديد من عوامل الخطر المؤهبة للسكتة الدماغية هي عوامل خطر لحدوث النزف عند تناول المميعات. 

فقد طور مقياس( HAS-BLED)، الذي اعتُمِد في كندا ومن قبل الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، من أجل مقاربة خطر النزف لدى هؤلاء المرضى، ويتميز بشموليته عن بقية المقاييس.

يتضمن هذا المقياس عوامل الخطورة الآتي:

H:  الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني                                 نقطة

A:  الوظيفة الكلوية أو الكبدية غير الطبيعية                            نقطة لكل منها

S:   الإصابة بسكتة دماغية                                           نقطة

B:   قصة نزف سابق أو قابلية للنزف                                 نقطة

L:   قيمة *INR غير المستقرة (في حال العلاج بالوارفارين)          نقطة

E:   العمر أكبر من 65 سنة                                        نقطة

D:  قصة كحولية أو دوائية                                          نقطة لكل منها

وبهذا تكون القيمة العليا للمقياس 9 نقاط، وإن حصول المريض على 3 نقاط دليل على خطورة حدوث النزف لديه مما يستدعي المتابعة والفحص الدوري له، ولكنْ هذه النتيجة ليست سببًا كافيًا لإيقاف المعالجة بالمميعات. ويساعد هذا المقياس أيضًا على استذكار عوامل الخطورة القابلة للضبط كمستويات ضغط الدم أو مستويات (INR) عند المرضى المعالجين بالوارفارين. 

وتبرز من هنا لدينا أهمية الموضوع، فالرجفان الأذيني مرض شائع جدًا وعلاجه بالمميعات أمر مهم لتجنب حدوث السكتة الدماغية، وبدورها فإنّ المميعات عامل مؤهب لحدوث نزوف قد تكون مهددة للحياة؛ لذلك فمن الحكمة دراسة كل حالة ومقاربتها واستعمال المقاييس آنفة الذكر لتقدير خطر حدوث السكتة أو النزف، وإضافة إلى أنها تساعد على إيضاح النقاط الأساسية في المعالجة للمريض وأخذ رأيه بالعلاج الأمثل له.

وبانتظار مزيد من الأبحاث يبقى هذا الأمر محيرًا لكثير من الأطباء في ممارستهم اليومية.

*INR: أي النسبة المعيارية الدولية، وهي فحص مخبري تم تطويره لتحديد مدى تميع الدم وسرعة تخثره، وفائدته تكمن أن نتائجه ثابتة في جميع المخابر في العالم ويسهل مقارنتها.

المصادر:

1-  هنا

2-  هنا

3-  هنا

4-  هنا

5-  هنا

6- هنا

وللمزيد عن اضطرابات القلب:   هنا وأيضًا هنا

وللمزيد عن السكتة الدماغية: هنا