الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا

مغالطة التوسل بالمجهول Appeal to Ignorance أو عبء الإثبات Burden of Proof

تستند مغالطة التوسل بالمجهول Appeal to Ignorance إلى وضع "غياب الدليل" بموضع "الدليل"؛ أي إن القضية حقَّة بالضرورة ما دام لم يدحضها أي دليل، والعكس صحيح؛ أي إن القضية خاطئة بالضرورة ما دام لم يبرهن أحد على صحتها، فيتذرَّع المحاور بأنه ما دام الخصم لم يستطع تفنيد الدعوى؛ فالدعوى صحيحة بالضرورة.

ولأخذ الانتباه فإن عدم المعرفة بالدليل ضد القضية لا يعني أنّه لا يوجد دليل ضدها بالفعل.

وبصيغة أخرى؛ فإن المحاوِر لا يُقدِّم دليلًا على صحة ادعائه، بل يستند إلى عدم وجود أدلة تفنِّد هذا الادِّعاء ويقع على الخصم عبء الإثبات.

ويخطئ الخصم حينما يستجيب للمُغالِط ويتحمل عبء البيِّنة ويُقدِّم أدلة -قد تكون ضعيفة- ويتخلَّى عن موقفه الأقوى بطلب برهان واضح وصريح من مُدَّعي القضية.

مثال: لا يوجد أي دليل ينفي وجود الأشباح (الجن)؛ إذًا فهي موجودة.

إن مغالطة التوسل بالمجهول هي أبرز الأخطاء المنطقية التي تعتمد عليها أمثلة الأشباح والحياة بعد الموت ومثيلاتها، لأنها لا تقدِّم دليلًا حقيقيًّا بل تستند إلى غياب دليل مضاد.

ويختلف الاحتكام إلى الجهل عن الانغلاق الإبستيمي Epistemic Closure في أن الثاني يفيد بأن غياب (س) يعني أنها كاذبة، ولو كانت (س) صادقة لعلمت بها.

مثال: عدم ورود اسم أحد الأشخاص في قائمة المسافرين لإحدى المحطات يعني أنه غير مسافر فيها.

وبالطبع لا يتوقف الإنسان عن الاستدلال في حياته العملية، على الرغم من كون هذه الاستدلالات تختلف بدرجات من اليقين وتقع موقعًا وسطًا بين الإثبات وبين الافتراض وتُعرَف بالاستدلال بالقرينة Presumption؛ وهو نوع من الاستدلال الذي يُتيح لنا استنباط شيء ما من واقعة معينة بصفة مبدئية وعلى نحو قابل للإبطال، ويستند إلى مفهوم عبء الإثبات؛ فهو ينقل عبء البيِّنة إلى الطرف الآخر، وهو يفترض أن له قوة مزعومة قائمة ما لم تُنقَض باعتبارٍ أعلى.

وفي القضايا الجنائية يعدُّ المتَّهَم بريئًا حتى تثبت إدانته، وغياب الدليل هنا اُستخدِم دليلًا لحماية الأبرياء من الإدانة الظالمة؛ وهذا ما أدى إلى ميل بعض الناس إلى الخلط بينه وبين مغالطة التوسل بالمجهول.

مثال: إن غياب شخص مدة سبع سنوات -دون تفسير- يضعه في عداد المتوفين، ما لم يُثبَت عكس ذلك.

وختامًا فإن "البيِّنة على من ادَّعى"؛ وعليه يقع عبء الإثبات، وليس على الطرف الآخر إثبات العكس ما لم يقدِّم الأول أدلةً تدعم قضيته لتُفنَّد استنادًا إليها.

المصادر:

1-  مصطفى، عادل. المغالطات المنطقية (فصول في المنطق غير الصوري)، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2007. ص239 إلى ص247

2- واربرتون، نايجل. التفكير من الألف إلى الياء، ترجمة: هالة عباس وأسامة عباس، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، ط1، 2018. ص148 + ص149

3- هنا