الفنون البصرية > فنانون عالميّون

كلود مونيه

ولد كلود مونيه الرسام الفرنسي الشهير في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1840م في باريس، فرنسا.

وفي عام 1845م عندما كان عمر مونيه 5 سنوات؛ انتقل مع عائلته إلى لو هافر Le Havre؛ وهي مدينة ساحلية في فرنسا. نشأ هناك مع شقيقه الأكبر ليون وبرز حبُّ مونيه للرسم باكرًا؛ فقد ملأ كتبه المدرسية برسومات عديدة، متضمنة الرسوم الكاريكاتيرية لمعلميه. وبينما دعمت والدته موهبته الفنية؛ أراد والد مونيه أن يُباشر عمله. وقد عانى مونيه بشدة بعد وفاة والدته عام 1857م.

أما مجتمعيًّا؛ فقد أصبح مونيه معروفًا برسومه الكاريكاتيرية ورسم العديد من سكان البلدة. وبعد لقائه مع يوجين بودين Eugene Boudin (فنان المناظر الطبيعية المحلي)؛ بدأ مونيه باستكشاف العالم الطبيعي في أعمال بودين، وأيضًا كان هو من دفعه للرسم والتلوين في الهواء الطلق أو ما يعرف بـ Plein Air Painting التي أصبحت فيما بعد حجرَ الأساس في أعمال مونيه.

عام 1859م؛ قرر مونيه الانتقال إلى باريس لمتابعة مسيرته الفنية، والتحق طالبًا في أكاديمية سويس.

في أثناء هذا الوقت؛ التقى مونيه زميلَه الفنان كاميل بيسارو Camille Pissarro اللذين أصبحا صديقين حميمين سنوات عديدة. ومن الجدير بالذكر أنه في تلك الفترة بدأ تأثره بشدة بلوحات مدرسة باربيزون Barbizon school التي كانت تهتمُّ برسم المناظر الطبيعية.

أما عام 1872م؛ استقر مونيه في نهاية المطاف في أرجينتوي Argenteuil؛ وهي مدينة صناعية غرب باريس. وبدأ بتطوير أسلوبه الخاص؛ فقد سعى مونيه إلى الوصول إلى جوهر العالم الطبيعي باستخدام ألوان قوية وضربات فرشاة قصيرة وجريئة، وكان هو ومعاصروه يبتعدون عن الألوان المخلوطة وتوازنات الفن الكلاسيكي. وكذلك جلب مونيه عناصر من العالم الصناعي إلى مناظره الطبيعية؛ مما جعل أسلوبه أكثر معاصرة.

رسم كلود مونيه كثيرًا من اللوحات في حياته؛ ومن أبرزها: لوحة كاميل أو المرأة في الثوب الأخضر Camille or the woman in the green dress.

هذه هي اللوحة التي جلبت الاعتراف أول مرة بمونيه وهي التي رسمها عام 1866م. وكان قد حصل على 800 فرنك لقاءها، وهو مبلغ كبير لفنان يكافح ليجد لقمة عيشه في ذلك الوقت. رسم فيها زوجته الأولى كميل دونسيو تقف مميزة مرتدية ثوبًا أخضر اللون. وأيضًا ظهرت كاميل في العديد من لوحات زوجها الأخرى منها: نساء في الحديقة Women in the Garden، وعلى ضفة نهر السين On the Bank of the Seine، وبينيكورت Bennecourt

كان مونيه في بعض الأحيان يسافر بحثًا عن مصادر أخرى للإلهام؛ ففي أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر استأجر غرفة على الجانب الآخر من كاتدرائية روين، في شمال غرب فرنسا، ورسم سلسلة من الأعمال التي تركز على الهيكل؛ وهي سلسلة كاتدرائية روين Rouen Cathedral series؛ إذ تصور هذه السلسلة الشهيرة واجهةَ كاتدرائية روين في فرنسا في أوقات مختلفة من اليوم والسنة، وتعرض تغييراتها مع اختلاف ظروف الإضاءة. أظهرت اللوحات أجزاء المبنى في ضوء الصباح، ومنتصف النهار، وأكثر من ذلك، وكان هذا التكرار نتيجة افتتان مونيه العميق بآثار الضوء.

تجدر الإشارة إلى أن مونيه -في أثناء دراسة هذه اللوحات- كسر تقليد الرسم واقتصر على الموضوع بحيث يظهر جزءًا فقط من الواجهة على القماش. 

كان رسم هذه السلسلة مَهمَّة صعبة لمونيه؛ فقد كتب قائلًا: "الأمور لا تتقدم بثبات، إنني وفي كل يوم أكتشف شيئًا لم أره في اليوم السابق... في النهاية؛ أنا أحاول أن أفعل المستحيل."؛ فقد كان يعمل على تطوير نفسه بفعله ذلك لالتقاط جوهر المشهد والانتهاء منه في وقت لاحق بناءً على ما احتفظ به في ذاكرته.

كانت سلسلة مونيه الأخيرة تتألف من 12 لوحةً مائيةً بتكليف من متحف Orangerie des Tuileries في باريس. اختار أن يصنعها على نطاق واسع جدًّا؛ فقد صمم اللوحات لتملأ مساحات الجدران في المتحف، وأراد أن تكون الأعمال بمثابة "ملاذ للتأمل السلمي"، معتقدًا أن اللوحات سوف تُهدِّئ من أعصاب الزائرين المرهقة.

استهلك مشروع Orangerie des Tuileries كثيرًا من سنوات مونيه اللاحقة. قال مونيه ذات مرة في كتابته إلى صديق: "لقد أصبحت هذه المناظر الطبيعية هاجسًا بالنسبة لي؛ إنها تتجاوز قوتي كرجل عجوز، لكنني أريد أن أقدم ما أشعر به".

كافح مونيه مع الاكتئاب في سنواته الأخيرة. لقد كتب إلى أحد الأصدقاء قائلاً: "لقد أهلكني العمر والأحزان. لم تكن حياتي سوى فشلًا، وكل ما تبقى لي هو تدمير لوحاتي قبل أن أختفي". وعلى الرغم من مشاعر اليأس؛ استمر في العمل على لوحاته حتى أيامه الأخيرة.

توفي مونيه في 5 كانون الأول (ديسمبر) 1926م في منزله في جيفرني. كتب مونيه ذات مرة: "عزائي الوحيد يكمن في الرسم مباشرة أمام الطبيعة، والسعي إلى تقديم انطباعاتي الشخصية عن اللحظات العابرة".

يؤكد معظم مؤرخي الفن أن مونيه قدَّم في حياته الكثير؛ فقد ساعد على تغيير عالم الرسم عن طريق التخلص من تقاليد الماضي بواسطة الابتكار في أعماله، ثم إن مونيه فتح الباب لمزيد من التجريد في عالم الفن، ويعزى إليه الفضل في التأثير في بعض الفنانين اللاحقين مثل جاكسون بولاك Jackson Pollack ومارك روثكو Mark Rothko.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا