العمارة والتشييد > التشييد

شبكات تسليح التربة Geogrid

إنَّ لعملية تقوية التربة أو ما يصطلح على تسميته في الهندسة المدنيَّة "بالتَّسليح" تاريخٌ طويلٌ، فمنذ 3500 عام شيَّد السومريون في عهد الملك "كوريغالزو الأول" King Kurigalzu I، معبد "Aqar Quf" في بلاد ما بين النهرين قرب بغداد، واستخدموا في عملية بناءه حصائر مصنوعةً من القصب؛ وذلك لضمان استقرار ما يُبنى من جدران الطوب، ويبدو أنَّهم أدركوا أنّ العناصر كالطوب والتربة لا تستطيع مقاومة قوى الشد، وتحتاج إلى تقويةٍ (تسليح) لضمان استقرارها.(1)

وفي العقود الأخيرة من الزمن ومنذ سبعينيات القرن الماضي تحديدًا، استُعمِلت أنواعٌ من الأقمشة المنسوجة وغير المنسوجة في منشآت الطرق والسكك الحديدية بهدف تدعيم الترب الضعيفة. (1)

وإنَّ ما يعطي هذه المواد دورها الفعَّال في المنشآت عمومًا ومنشآت الطرق والسكك الحديدية خصوصًا هو صلابتها في  مقاومة قوى الشد(1)؛ إذ تزداد مقاومتها لقوى الشد بزيادة صلابتها، ممِّا يَسمح باستعمالها في إنشاء  المنحدرات شديدة الميل ذات الارتفاع العالي وتدعيمها. (الشكل 1)

الشكل (1) منحدرات أُنشئت باستخدام الجيوغريد (1) (credit: Huesker)

بعض تطبيقات شبكات تسليح التربة "الجيوغريد":

1- في طبقات الأساس للطرق المُنشأة على تربة ضعيفة:

تستعمل شرائح "الجيوغريد" في دعم طبقات التَّأسيس التي تُنشأ فوق طبقات التربة الناعمة الطَّرية في الطرق وتقويتها؛ إذ يلاحظ تأثيرها الواضح إن قارنا بين حالتي أساس الطريق - كما هو واضح في الشكل (2)-، فنلاحظ في الأولى تشكُّل الأخاديد العميقة في  تربة الطريق غير المدعمة، ولا يظهر لها أثر في الحالة الثانية التي استخدم "الجيوغريد" فيها، إضافةً إلى أنَّ تكلفة صيانة الطريق ذي التربة غير المدعَّمة على المدى الطويل تفوق كلفة استعمال "الجيوغريد" الضيئلة نسبيًّا. (1)

الشكل(2) صورة تبين إمكانية تشكل أخاديد بسبب عجلات الآليات على الطرق غير المدعمة بالجيوغريد(1)

2- في ترميم الحفر (التجسير):

يُستعمل "الجيوغريد" في عملية ملء الحفر التي قد تنشأ على الطرق في المناطق التي تحتوي فجوات كارستية أو كان فيها أنشطة مناجم سابقًا (1)-الشكل (3)- إذ يُخشى من الانهدامات الخطيرة التي قد تحدث إن لم تُعالج الفجوات القابلة للتَّطور في أساس الطريق، وذلك عبر ملئها بأعمدةٍ رمليةٍ مغلفةٍ بنسيجٍ صناعي "الجيوغريد".

الشكل (3) استخدام الجيوغريد في عمليات ترميم الحفر والانهدامات (التجسير) (1) (credit: Huesker)

3- استعمال "الجيوغريد" في تدعيم المنحدرات:

يُعدُّ تدعيم المنحدرات أحد تطبيقات "الجيوغريد" التقليدية، وذلك بسبب مقاومة "الجيوغريد" العالية ضد قوى الشد، إذ من السهل إنشاء مقاطع عميقة في التربة وفي المنحدرات عالية الارتفاع وشديدة الميل، مثل حالة أكتاف  الجسور. (1) (الشكل 4)

الشكل(4) استخدام الجيو غريد في أكتاف الجسور(1) (credit: Huesker)

" الجيوغريد" اقتصادي وصديق للبيئة:

يعدُّ استعمال مثل هذه التقنيات الجيوتكنيكية -مقارنةً مع الحلول التَّقيليدية الخرسانية– حلًّا اقتصاديًّا وآمنًا من الناحية البيئية. (1)

وتأُكَّد ذلك عن طريق دراسةٍ أجرتها الرابطة الأوروبية لمصنِّعي مواد التَّدعيم الصناعية EAGM بالتعاون مع المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ (Swiss Federal Institute of Technology) (1)+ (2)) و ESU-services Ltd، إذ أُخذت أربع حالات دراسيَّة تقارن بين طريقة التَّدعيم التقليدية وواحدة أو أكثر من الطرق البديلة التي تستعمل منتجات التَّدعيم الصناعية.

راعت الدراسة دورة حياة "الجيوغريد" كاملة من استخراج المواد الخام، وتصنيع المنتج، والنقل إلى الموقع، والتركيب في الموقع، ثمَّ تفكيكها والتخلص منها عند نهاية مدة استثمارها. (1)

نظرة أعمق:

لنحصل على نظرةٍ أعمق إلى تأثير استخدام "الجيوغريد"، أُجريت دراسةٌ تتضمَّن إجراء تجربة ثلاثي المحاور على  عيِّنة من التربة بارتفاع 110 سم وقطر 50 سم -الشكل(5)-، وطُبِّق الاختبار على عينتين: إحداهما دون "الجيوغريد"، والأخرى مدعَّمة بخمس طبقات من  "الجيوغريد" . (1)

الشكل(5) تطبيق تجربة ثلاثي المحاور لاختبار تأثير الجيوغريد(1)

ويوضح الشكل (6) التأثير الكبير لاستعمال "الجيوغريد" في عينة الاختبار؛ إذ ازدادت قدرة تحمُّل العينة مع زيادة عدد طبقات "الجيوغريد" المستعملة لتصل إلى  2.5 مرة من قدرة تحمل العينة غير المدعومة بالجيوغريد عندما وصل عدد طبقات "الجيوغريد" في العينة إلى 5 طبقات؛(1) أي أنَّه بازدياد عدد طبقات "الجيوغريد" يقل الضغط العمودي، وكذلك التشوه الجانبي وانزياح التربة.

الشكل (6) تأثير زيادة عدد طبقات الجيوغريد في عينة التربة

طريقة التأثير:

تحسين قدرة التَّحمل:

نتيجة تطبيق الحمولات الرأسية المركزة على التربة، فإنَّها تتحرك جانبيًّا، لكنَّ وجود "الجيوغريد" يحدُّ من هذه الحركة الجانبية، ممَّا يزيد قدرة تحمل التربة:  (1) أي يمكن القول أنَّ الاحتكاك بين طبقات التربة وعناصر تسليح "الجيوغريد" الموجودة فيها يعمل على تحمل إجهادات الشد الناتجة.

الشكل (7) ميكانيكية تحسين تحمل التربة عن طريق الجيوغريد

تحتضن فراغات الشبكة ركام طبقة التَّأسيس الذي يحاول الانزياح جانبيًّا نتيجة تأثير القوى الخارجية (عند مرور عجلات سيارة مثلًا)، فتقاوم الشبكة هذا الانزياح الذي ينتج عنه قوى شد أفقية داخل الشبكة. (1)

وعند إلقاء نظرة إلى مساحة مسلَّحة بالجيوغريد، نلاحظ التأثير المتداخل لفراغات الشبكة التي تنشأ فيها القوى الجانبية، وهذا ما يمنع الانزياح الجانبي لطبقة التأسيس (1).

أيُّهما أفضل؟ الجدران الاستنادية المسلَّحة العادية أم المسلَّحة بالجيوغريد؟(2)

تُعدُّ الجدران الاستنادية المسلَّحة بالجيوغريد بديلًا مناسبًا عن الجدران الاستنادية التقليدية، فمن الناحية الاقتصادية تُعدُّ أقلَّ كلفةً بما يتعلَّق بكميات البيتون والتسليح اللازمة؛ إذ تتعلَّق مقاومتها لإجهادات الشد في التربة بمواصفات التربة ومواصفات المواد الداخلة في تصنيع الجيوغريد نفسه وتصميم الشبكة. عدا عن أنَّ الأثر البيئي الناجم عن استخدام الجيوغريد أقل في حالة البيتون المسلَّح بنسبةٍ تتراوح بين (63%- 87%). ويجب أن نشير هنا إلى  أنَّ تقييم الأثر البيئي وفق دراسة لجامعة زوريخ السويسرية، يُجرى اعتمادًا على معايير تتعلق بالتغير المناخي وظاهرة الضبخان والتأثير الحمضي وكمية الفوسفات في المياه واستخدام الأراضي التي تُدعَّم باستخدام الجيوغريد.

فما رأيكم؟

هل من المفيد استعمال مثل هذه التقنية؟ وهل تعرفون تقنياتٍ مشابهة؟

شاركونا آراءكم ومعلوماتكم.

مصادر المقال 

1

Ziegler, Martin. (2016).  “Application of geogrid reinforced constructions: history, recent and future developments”. Geotechnical Engineering, RWTH Aachen University. Germany

هنا

2

Frischknecht R., Büsser-Knöpfel S., Itten R./ Stucki M./ Wallbaum H. (2013).  “Comparative Life Cycle Assessment of Geosynthetics versus Concrete Retaining Wall”. Proceedings of the 18th International Conference on Soil Mechanics and Geotechnical Engineering, Paris

هنا