علم النفس > الصحة النفسية

منع حالات الانتحار

أظهرت دراسات أُجريت في الولايات المتحدة أنّ الانتحار هو المسبب الرئيسي العاشر للوفاة في العالم، وأنه يشكّل نسبة عالية بصفته سبب وفاة المراهقين والشباب، علمًا أن اليأس هو الدافع الرئيسي للانتحار في هذه الحالات.

ونظرًا إلى أهمية هذه المعدلات، جرَت المحاولات لمنع الانتحار قبل حصوله بمثابة نوع من الوقاية، أو عند المحاولات المستمرة للانتحار بمثابة نوع من الحماية.

وفي الولايات المتحدة يموت مراهق أو شاب كل ساعة ونصف بسبب الانتحار، ومقابل كل حالة وفاة يكون هناك من 15 إلى 25 محاولة انتحار.

أما فيما يخص طرائق الانتحار فهي تختلف حسب العمر والجنس؛ إذ تكون غالبية وسائل الانتحار باستخدام الأسلحة النارية، يليها الخنق، ومن ثم التسمم. في حين تكون أكثر وسائل الانتحار استخدامًا عند الإناث هي التسمم وتليه الأسلحة النارية ويليها الخنق.

ومن أجل أن نكون قادرين على تقديم المساعدة ومنع الانتحار، يجب علينا معرفة العلامات التي تنذر مسبقًا بوقوع الانتحار:

1_ التحدث عن الانتحار أو التخطيط له؛ مثل شراء أدوات للانتحار (أسلحة نارية وأدوية وأدوات حادة وغيرها) أو كتابة رسائل بنيّة الانتحار أو التخلي عن الأغراض الشخصية المهمة، كذلك يمكن الكشف عن نية الانتحار عن طريق حديث الشخص عن عدم أهمية وجوده أو اعتقاده أن الآخرين لا يريدون وجوده.

2_ اليأس تجاه المستقبل وعدم وجود نية أو دافع للتخطيط لأمور مهمة مستقبلية كالتخطيط للسفر أو للجامعة أو لعمل ما، إضافة إلى فقدان المتعة بالأشياء أو الأمور التي كان يشعر تجاهها بمتعة؛ مثل شخص كان يتابع رياضة ما باستمرار ومتعة ولم يعد كذلك.

3_ التعبير عن ألم عاطفي شديد أو قلق مزمن ككثرة نوبات البكاء أو الهلع أو الغضب.

وتُعدّ حالات الاكتئاب عاملًا مساعدًا للانتحار ولكنّه ليس الوحيد، في حين قد تُعدّ حدة المزاج علامةً تنذر بالانتحار، إضافة إلى بعض الاضطرابات كاضطرابات الأكل والإدمان، وتعرُّض الشخص لصدمات حادة مثل خسارة أحد أفراد الأسرة أو وقوع طلاق في العائلة أو خسارة صديق مقرَّب أو التعرض للتنمر، وتُعدّ جميعها أمورًا مهمة يجب وضعها في عين النظر.

4_ إصابات خطيرة كقطع شريان اليد أو خدش الشخص لنفسه أو حرق نفسه، حتى إن لم تكن هذه الأمور بنيّة الانتحار لكنها تضع الشخص تحت خطر الانتحار.

5_ محاولات انتحار سابقة.

6_ تغيُّرات في سلوكيات الشخص لم تكن موجودة من قبل (قلق، وتوتر، وتغيرات في النوم).

إنّ التفكير في الانتحار يؤثر في حياة الشخص اليومية؛ إذ تتعطل مَهمات الشخص التي ينجزها في أثناء اليوم أو تصبح صعبة عليه.

كذلك قد تسبب محاولات الانتحار ضررًا بعد نجاة الشخص من محاولة انتحاره؛ فربما تترك آثارًا صحية ونفسية قد تدوم سنوات من حياة الفرد وعائلته.

أما فيما يخص الأطفال والمراهقين، فقد يكون الانتحار نتيجة حدثٍ مقلق وصادم؛ إذ قد يكون الحدث نفسه عند الطفل والمراهق مؤثرًا وشديدًا، في حين قد يراه الراشد حدثًا بسيطًا من السهل تجاوزه.

ومن هذه الحوادث:

-         وجود اضطراب نفسي مثل الاكتئاب.

-         التعرض للتنمر في المدرسة أو خسارة صداقة مهمة.

-         التعرض للاعتداء الجسدي أو الجنسي.

-         تعاطي المخدرات والكحول.

-         معرفة شخص انتحر.

-         أن يختلط عليه التوجه الجنسي الخاص به.

ولمساعدة شخص نعتقد أنّ لديه أفكارًا انتحارية يجب علينا ما يأتي:

1_ السؤال المباشر للشخص إن كان بخير أو إن كان ينوي إيذاء نفسه.

2_ إبداء اهتمامنا عن طريق مشاركة الملاحظات والتغييرات التي طرأت على سلوكه من باب المشاركة وإبداء الاهتمام والقلق.

3_ تشجيعه على مشاركة أفكاره ومشاعره والإصغاء له على نحو فعال من غير إطلاق الأحكام أو تسخيف مشاعره أو مقاطعته.

4_ إعلامه بأنه ليس الشخص الوحيد الذي لديه حوادث صادمة وصعبة، وعلى الرغم من أنّه قد يبدو الانتحار هو الحل الوحيد؛ لكنه يستطيع عن طريق طلب المساعدة أن يجد الحلول والمخارج لمشكلاته.

5_ إعلامه بأماكن أو أشخاص يقدّمون المساعدة في هذا المجال.

مع العلم أنّ سؤال الشخص عن نيته للانتحار ليس بالأمر الذي سيجعله يقدم على ذلك أو يفكر فيه كما يظن بعض الأشخاص، بل على العكس؛ فهو سيجعل الشخص يشعر بإمكانية مشاركة مشاعره ووجود من يحاول تفهّمه.

أما لمساعدة شخص قد حاول بالفعل الانتحار مسبقًا فإنه يمكننا فعل ما يأتي:

1_ تقديم دعم تعاطفي عن طريق إعلامه بأننا معه ونحاول تفهّمه وبأن الأمور ستصبح على ما يرام.

2_ إخلاء المنزل أو أي مكان يوجد فيه الشخص من الأدوات الحادة أو التي تساعد على الانتحار أو أدوية معينة أو غيرها.

3_ أخذ استشارة مُختَص والعمل بنصائحه.

أما فيما يخص المشاركة التي يمكن أن يقدمها المجتمع المحلي فهي:

_ رفع الوعي بالسلوك الانتحاري وآثاره وإمكانية الوقاية منه.

_ العمل على التخلص من الوصمة التي تلحق بمن نجا من محاولة انتحار أو الوصمة التي تتعلق بالاضطرابات النفسية، فهي حالات يمكن التعامل معها وعلاجها.

_ تجنُّب وسائل الإعلام عرض محتوى قد يساهم في زيادة الانتحار بتشجيعه أو تطبيع إيذاء النفس.

_ يمكن للتعليم المدرسي الحد من الظاهرة باستخدام المنهاج؛ إذ وجدت الدراسات أنّ تعليم الطلاب مخاطر الانتحار ووجود بدائل للحلول أدى إلى تحسُّن في الإبلاغ عن حالات الانتحار، سواء من قبل الأشخاص الملاحِظين أو المقدمين على الانتحار.

_ تطوير الخدمات المقدّمة في المراكز الصحية النفسية.

_ تأمين خطوط اتصال لحالات الانتحار من أجل سرعة الاستجابة.

_ زيادة عدد المهنيين والمختصين للتعامل مع هذه الحالات.

_ تسهيل طرائق الوصول إلى مثل هذه الحالات، وتوفير بيئة داعمة عند التقدم بمثل هذه الشكاوى.

_ المساهمة في نشر التوعية عن كيفية الكشف عن حالات الانتحار والاكتئاب.

وفي الختام؛ إنّ الشخص المُقدِم على الانتحار هو شخص بحاجة إلى الدعم واعتقد أنّ الحل الوحيد أو الخلاص الوحيد يكمن في الانتحار.

وقد يكون أيُّ شخص منا على تواصل أو قريبًا من هذا الشخص؛ فقد يكون فردًا من العائلة أو صديقًا أو زميلًا.

ونظرًا إلى خطورة السلوك الانتحاري، يجب علينا أن نكون على استعداد لتقديم المساعدة والاستجابة، ومن هنا تظهر أهمية نشر الوعي عن الانتحار وكيفية التعامل معه والحد منه، فقد تنقذ الاستجابة السريعة والبسيطة حياةَ شخص.

مصادر المقال:

1_ هنا

2_هنا

3_هنا

4_هنا