علم النفس > الأطفال والمراهقين

رسومات الأطفال وتحليلها - الجزء الأول

يعتقد كثيرٌ من الاستشاريين وعلماء النفس أنّ الناس ينقلون كثيرًا من مشاعرهم عن طريق رسوماتهم، وهو أمر يُستخدَم في الاستشارات النفسية وخاصة عند الأطفال؛ إذ يصعب على الأطفال التعبير عمّا يجول في داخلهم بالكلمات فتكون الرسومات طريقتهم للتعبير.

ويخبرنا الأطفال كثيرًا عن أنفسهم برسوماتهم، فضلًا عن أنّ الرسم عند الأطفال -كغيره من المهارات- يتطور مع نموهم؛ فينتقلوا من مرحلة الخربشة إلى مرحلة الخطوط العشوائية إلى تمثيل بعض الأشكال وتقريبها للواقع وهكذا، ومن ثم يجب معرفة التناسب بين عمر الطفل ورسمته قبل الحكم عليه.

مراحل تطور الرسم عند الأطفال:

المرحلة الأولى: من الولادة إلى عمر 18 شهرًا: هي مرحلة الخربشة العشوائية دون حدود أو سيطرة.

المرحلة الثانية: من عمر 18 شهرًا إلى 4 سنوات:

أ-  فئة الخربشة (دون سيطرة وغير منظمة).

ب- ينتقل هنا الطفل إلى مرحلة الخطوط العشوائية الطولية التي تكون على شكل حركات مكررة، وهو أمر يدل على أنّ الطفل يكسب مزيدًا من السيطرة.

ج- فئة الخطوط الدائرية التي تشير إلى أنّ الطفل اكتسب مزيدًا من التحكم الدقيق.

د- تكون الفئة الأخيرة في هذه المرحلة عندما يبدأ الطفل يسمّي خربشاته ويسرد قصصه.

ويُقال إنه في هذه المرحلة يعتمد الطفل أكثر على رسم محيط لرسماته يُسمَّى "جدار الحماية"، ويكون هذا المحيط من الأشكال مثل الدائرة أو المربع أو المستطيل. ولكن؛ شكك بعض الأشخاص في هذه النظرية لأن قليلًا من الأطفال اعتمدوا هذا الشكل.

المرحلة الثالثة: من عمر 4 إلى 6 سنوات:

يميّز الطفل في هذه المرحلة الجنسين ويعلم أنّ جنسه لن يتغير، كذلك يبدأ الطفل يعتمد على نفسه في بعض الأمور مثل أن يلبس لوحده وأن يزرَّ أزراره؛ مما يؤدي إلى إعطائه قدرة على التحكم والسيطرة وهو أمر ينعكس في رسوماته.

وفي هذه المرحلة يرسم الطفل مجسَّمًا لإنسان يسمى "مجسم الضفدع الصغير"؛ إذ يتكوّن من رأس على شكل دائرة وأرجل وأيدي تكون متصلة بالرأس فورًا.

كذلك يرسم الأطفال مَن يحبّون كالعائلة والصديق والحيوانات الأليفة، ويستخدمون الألوان دون قواعد؛ فقد تكون الشجرة بلون أزرق مثلًا.

المرحلة الرابعة: مرحلة المدرسة:

يبدأ الطفل في هذه المرحلة ببناء علاقات خارجية والخضوع للقوانين والعمل ضمن جماعات.

ويرسم هنا الطفل بعض التفاصيل في الرسمة -مثل الجسم الذي يفصل الرأس عن الأيدي والأرجل- ويضيف في رسماته أشياء أخرى كالطبيعة والمنزل والدرج والغرفة، ويمكن أن يرسم حركةً داخل رسمة واحدة مثل رسم طفل يرمي كرة، ويستخدم أيضًا الألوان التي تناسب الواقع؛ فيكون جذع الشجرة بنيًّا وأوراقها خضراء والشمس صفراء. كذلك يستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يرسم أبعادًا للرسمة مثل الأرض والسماء، لذلك؛ يكون الانتباه إلى تفاصيل رسوم الأطفال في هذه المرحلة (أيها أركّز عليها وأيها أغفل عنها) ضروريًّا.

أما بعد عمر التاسعة، فيصبح رسم الطفل أقرب للواقع وأكثر عمقًا -مثل أن يكون الفرق بين الأرض والسماء دون خطوط واضحة- وأكثر تفصيلًا من حيث التعابير وإظهار المشاعر، كذلك يوضّح الطفل الفرقَ بين الجنسين باستخدام الألوان والتفاصيل واللباس ويستطيع استخدام الرموز.

وفي هذه المرحلة يحتاج الطفل إلى التشجيع ويكون حساسًا للنقد على نحو كبير، ومن ثم يجب معرفة ما يجول في خاطره عن رسمته؛ فقد يرسم طفلًا ويداه وراء ظهره لأنه لا يعلم كيف يرسم اليدين ولا يقبل أن يظهر كأنّه فَشِل، فيكون استخدام هذا الجزء الناقص دليلًا على أنّه يعاني قلقًا ما، علمًا أنه يجب التأكد من أفكار الطفل بكلماته.

وتؤدّي الاختلافات الثقافية دورًا مهمًّا في اختلاف رسومات الأطفال في أنحاء العالم؛ فقد أُجريت دراسة على 183 طفل تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 6 سنوات، وكانت النتائج أنّ رسومات الأطفال تشابهت من حيث رسم ما يُدعَى "رسمة الضفدع الصغير" ولكنّ الاختلافات كانت واضحة من حيث التفاصيل.

ويعود ذلك إلى الاختلافات الثقافية والاجتماعية بينهم، فعلى سبيل المثال؛ يرسم أطفال المدن الحضرية أنفسَهم أطول ويعتمدون في رسوماتهم على التفاصيل وتكون الوجوه مبتسمة، في حين اعتمد أطفال الريف على الوجوه المحايدة وكانوا يرسمون أنفسهم أصغر.

وفي الختام؛ عندما ينقل الطفل الصورة التي في عقله إلى قطعة من الورق يصبح الرسم كائنًا خارجيًّا يستطيع الطفل السيطرة عليه، وهو أمر مساعدٌ جدًّا وفعالٌ في التأثير في الأطفال ومساعدتهم على نحو خاص إن اقتضى الأمر، فعندما يفسّر الطفل الرسمة تكون تفسيراته وسيلةً لتقبُّل مشاعره وأفكاره المؤلمة وصراعاته الداخلية.

علمًا أن هذه الرسومات تساعد على وضع فرضيات عن حالة الطفل وليس تشخصيه على نحو معتمد، وقبل وضع الفرضيات يجب أن نأخذ بعين النظر الأمور الثلاثة الآتية:

-  مستوى تطور الطفل ونموه.

- مهارة الطفل في الرسم: تُعدّ مهارة الطفل في الرسم أمرًا مهمًّا، فعلى سبيل المثال؛ إذا رسم طفل لا يملك مهارة في الرسم مجموعةً معينة من الخطوط أو ظلّل الرسمة فقد يدل هذا على شعوره بعدم الأمان أو وجود صراعات، في حين إذا رسم طفل هذه الأشياء وكان يملك موهبة الرسم فقد لا تدل هذه التفاصيل على شيء لأنه تعمّد رسمها من أجل إضافة شيء ما.

- التفسيرات الشائعة لبعض العناصر في الرسمة، وهو أمر سنناقشه في الجزء الثاني من المقال.

المصادر:

1_هنا

2_هنا

3_هنا