الطب > طب الأطفال

اللقاح بين الفوائد والمخاوف

يتطور العلم أكثر يومًا بعد يوم، ومع تطوره نكتشف أمراضًا جديدة وطرائق جديدة للتشخيص والعلاج، ويكافح العلماء يوميًّا لإيجاد علاجٍ لآلاف الأمراض التي تحيط بنا، وهم يبحثون في طرائق الوقاية أيضًا.

في البداية؛ ماذا تعني الوقاية؟

تعني الوقاية -بمفهومها الطبي- الطرائق والإجراءات التي نتخذها لتحسين الصحة وإنقاص عوامل الخطر والمشكلات التي تؤدي إلى الأمراض، وهي تُقسَم إلى عدد من المستويات:

الوقاية الأولية: تعني النشاطات والإجراءات التي نتخذها لمنع حدوث المرض؛ مثل إيقاف التدخين.

الوقاية الثانوية: تهتم بالكشف المبكر عن الأمراض في مراحلها الأولى، فيحصل المريض على فرصة لعلاج أفضل؛ مثل صورة الثدي Mommogram للكشف المبكر عن سرطان الثدي.

الوقاية الثالثية: تتضمن محاولات منع المرض الموجود من التطور وتسبّبه بمشكلات أخرى؛ مثل إعادة تأهيل مرضى القلب لمنع حدوث السكتة القلبية مجددًا.

وتُعدّ اللقاحات من أهم وسائل الوقاية الأولية المستخدمة عالميًّا على نحو واسع للحد من الأمراض، وهي تُصنَع من العوامل الممرضة نفسها التي تدخل أجسامنا وتسبب المرض، لكنّها تكون مُضعَفة أو مقتولة حتى لا تسبب المرض.

وعندما يُعطَى اللقاح يستجيب الجسم له بالطريقة نفسها التي يستجيب فيها عندما يُصاب بالعدوى الطبيعية، ومن ثم يشكل الجسم أضدادًا لهذه العوامل الممرضة كي تبقى في الجسم وتعطيه المناعة الكافية، وعند تعرضه لهذه العوامل سيكون قادرًا على التصدي لها.

وقد نجحت اللقاحات في إنقاص عدد الإصابات والإعاقات والوفيات الناجمة عن الأمراض الخمجية، وهي لا تؤمّن الحماية للشخص الملقَّح فقط وإنما للمجتمع كاملًا، وذلك بإنقاصها لانتشار الأمراض في المجتمع.

وعلى سبيل المثال؛ يُنصَح بإعطاء الأطفال في الولايات المتحدة لقاحات ضد 16 مرضًا مختلفًا، في حين يتضمن برنامج التلقيح الوطني في سورية أحدَ عشر لقاحًا هم: شلل الأطفال، والسل، والكزاز، والحصبة، والحصبة الألمانية، والدفتريا، والنكاف، وبعض أنواع التهاب السحايا، والسعال الديكي، والتهاب الكبد ب، والمستدمية النزلية.

وتُقسَم اللقاحات المعتمدة وفقًا لطريقة تصنيعها إلى 7 أقسام هي:

حيّة مُضعَفة كالجدري.

مقتولة كالكوليرا.

بروتينية (الجزء الممرض فقط) كالكزاز.        

عديدة السكريدات كالحمى التيفية.

Glycoconjugate كالمكورات الرئوية.

جزيئية مؤتلفة كالتهاب الكبد ب.

إعادة ضخ الخلايا الدموية المُستخدَم في علاج سرطان البروستات.

ونسمع أنّ كثيرًا من الناس لا يرغبون في إعطاء أطفالهم اللقاحات أو يؤجلونها؛ مما يسبب مشكلة كبيرة للطفل أولًا ومن ثم للمجتمع. ولذلك؛ تناولت عدد من الأبحاث هذه المشكلة وخلصت إلى أنّ سبب الرفض يندرج تحت أحد الأسباب الأربعة الآتية:

أسباب دينية – اعتقادات شخصية أو فلسفية – مخاوف صحية – الرغبة في الحصول على مزيد من المعلومات عن اللقاح.

ويدل هذا على أهمية معرفة هذه الجوانب من قبل مقدّمي اللقاح والقدرة على مناقشتها مع الأهل ووضع الحلول لها.

ومثل أي شيء آخر مُستخدَم في الطب، يوجد للقاحات بعض التأثيرات الجانبية كالألم أو التورم أو احمرار المنطقة التي أُعطي فيها اللقاح، وتتضمن الأعراض الأخرى: الحمى المعتدلة والصداع وآلام العضلات أو المفاصل والشعور بالتعب.

ولكن؛ يكمن الخبر السار في أنّ هذه التأثيرات الجانبية هي علامة على بدء استجابة الجسم للقاح وعمله على إنتاج الأضداد.

علمًا أنّ هذا لا ينفي وجود تأثيرات جانبية ومضاعفات خطيرة كرد الفعل التحسسي الشديد، ولكن؛ يحدث هذا على نحو نادر جدًّا ولا يجب أن يمنعنا من إعطاء اللقاح.

ونذكر من اللقاحات المهمة لقاح الحصبة؛ إذ إنّ الحصبة مرض معدٍ جدًّا يسببه نوع من أنواع الفيروسات الذي ينتقل عن طريق التماس المباشر مع المريض أو عن طريق الهواء، وهو يصيب الجهاز التنفسي أولًا ثم ينتقل إلى بقية الجسم، وقد نجح اللقاح بإنقاص عدد الوفيات المسبَّبة بالحصبة بنسبة 80% بين عامي  2000 و 2017.

ويُعطَى لقاح الحصبة بوصفه جزءًا من اللقاح الثلاثي الذي يتضمن -إضافة إلى الحصبة- الحصبة الألمانية والنكاف، ويُعطَى في سوريا على دفعتين؛ الأولى بعمر السنة والثانية بعمر السنة ونصف.

إنّ هذا اللقاح هو نوع من أنواع اللقاحات الحية المضعفة، ولذلك يُعطَى ابتداءً من عمر السنة لضمان فاعليته؛ إذ يوجد لدى الأطفال الأصغر عمرًا أضداد حصلوا عليها من الأم تتداخل مع اللقاح وتؤدي إلى إنقاص فاعليته أو إلغائها.

قد كانت هذه لمحة بسيطة عن اللقاحات وأهميتها للحفاظ على الصحة وإبعاد خطر أمراضٍ قد تكون قاتلة.

وسنبقى بانتظار تطور العلم، لعلّه يجد لنا مزيدًا من اللقاحات التي تحمينا من مختلف الأمراض.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا

8- هنا

9- هنا