الكيمياء والصيدلة > كيمياء

هل يحل البوروفين محلَّ الغرافين؟

تفوّق "الغرافين" (graphene) بصفته أحد أفضل المواد التي توصَّل إليها العلماء حتى الآن؛ إذ يتشكِّل من طبقات قوية للغاية وبسماكة ذرة كربون واحدة، وهي مُوصِلَة للكهرباء وتتمتع بعديد من المزايا الأخرى التي حفّزت استثماره واستغلاله في عديد من النواحي.

وعلى الرغم من أنَّ هذه الطموحات المعتمدة على "الغرافين" لم تتحقق بعد، لكنه شكَّل الدافع لاهتمام العلماء بالمواد الثنائيّة الأبعاد؛ وفعلًا، توصَّل العلماء إلى مادة تدعى "بوروفين" (Borophene) تتكوّن من طبقة واحدة من ذرات عنصر "البورون" (B) تُشكِّل عديدًا من الهياكل البلورية المختلفة، وتبدو مادة "البوروفين" مناسبة لأقطاب جيل جديد قوي من بطاريات الليثيوم.

وعلى الرغم من تنبؤ العلماء بوجود هذه المادّة منذ التسعينات باستخدام المحاكاة الحاسوبية لإظهار كيف يمكن أن تُشكِّل ذرات "البورون" طبقة وحيدة الذرات؛ لكنَّ هذه المادة الغريبة لم تُصنَّع حتى عام 2015، باستخدام الترسيب الكيميائي للبخار (CVD)؛ إذ يُكَثَّف غاز ساخن من ذرات "البورون" على سطح بارد من الفضة النقية، فالترتيب المنتظم لذرات الفضة يجبر ذرات "البورون" على تشكيل نمط مماثل؛ فترتبط بعض ذرات "البورون" بما يصل إلى ست ذرات أخرى لإنشاء هيكل سداسي مسطح، أما نسبة كبيرة منها فترتبط فقط بأربع أو خمس ذرات أخرى، مما يترك أماكن فارغة في البنية المسطّحة، هذه الشواغر هي ما تعطي بلورات "البوروفين" خصائصها الفريدة.

يصف الكيميائيون "البوروفين" أنَّه خفيف الوزن وموصل جيد للكهرباء والحرارة، حتى أنَّ بنيته أقوى وأكثر مرونة من بنية منافسه "الغرافين"، إضافة إلى أنَّ خصائصه قابلة للضبط والتعديل بحسب تجاه المادة وموقع الفراغات في بنية "البوروفين".

وتلتصق ذرات الهيدروجين بسهولة على الهيكل أحادي الطبقة من "البوروفين"، وهذه الخاصية -إلى جانب المساحة السطحية الواسعة للطبقات أحادية الذرات للبوروفين- تجعل منه مادة واعدة لتخزين الهيدروجين؛ إذ تُشير الدراسات النظرية إلى أنه يمكن للبوروفين تخزين أكثر من 15٪ من وزنه من الهيدروجين، وهو ما يتفوق تفوقًا كبيرًا على المواد الأخرى.

إضافة إلى قدرة "البوروفين" على تحفيز تحلل جزيء الهيدروجين (H2) إلى أيونات الهيدروجين، وكذلك تحلل جزيء الماء (H2O) إلى أيونات الهيدروجين والأوكسجين، وتحفيز غيرها من التفاعلات التي تَعِدُ بعصر جديد من دورات الطاقية المائيّة (water-based energy cycles).

إذًا؛ ما الذي يعيق استخدام هذه المادة حتى الآن مع كل هذه الميزات التي تتمتع بها؟

لا يزال لدى الكيميائيين بعض الأعمال التي يتعين عليهم تأديتها قبل استخدام "البوروفين" على نطاق واسع؛ إذ لم يجدوا بَعْدُ طريقة لصنع "البوروفين" بكميات كبيرة، وقابلية تفاعل المادّة القليل تعني أنّها عرضة للأكسدة، فيجب حمايتها بعناية؛ إذ يجعل كلا الأمرين "البوروفين" مادّة باهظة التكلفة ويصعب التعامل معها.

يبقى لدى الكيميائيين إيمان كبير بكون "البوروفين" المادّة العجيبة القادمة إلى العالم.

المصادر: 

هنا

هنا