الطب > مقالات طبية

هل الذكور هم الجنس الأضعف ؟

بعكس معتقداتنا الثقافية الي بتقول انو الصبيان أقوى من البنات دراسة جديدة لصالحنا أثبتت انو الذكور هنن الأضعف بيولوجياً وهالضعف بخليون يتأثروا أكتر بالملوثات البيئية أو المواد الكيميائية بشكل عام والي بدورا بتأثر على أدمغتن وهرموناتن بعكسنا نحنا البنات أقوياء وآخر همنا هيك قصص


لم نعد نجهل حقيقة أنّ الجنس الذكوريّ في خطر، فهو يتّجه شيئاً فشيئاً نحو الزوال، ويتجلّى ذلك بشكل واضح في الطبيعة الأم، التي تحاول منذ زمن بعيد تعويض هذا النقص باستمرار من خلال انجاب المزيد منهم، فمعدّل الولادة على مدار تاريخ البشريّة هو 106 من الذكور إلى 100 فقط من الإناث، ولكن، وفي العقود الأخيرة، لوحظ من خلال دراسات أُجريت في بلدان مختلفة أنّ معدّل المواليد الذكور قد انخفض. فعند فحص سجلّات المواليد في الولايات المتّحدة بين عامي 1990-1970 وُجد أنّ نسبة المواليد الذكور انخفضت بنسبة 1.7 بالألف، بينما انخفضت في اليابان في نفس الأعوام بنسبة 3.7 بالألف.

وإذا أردنا معرفة سبب ذلك علينا استعراض مراحل حياة الذكور بشكلٍ خاصّ، والكشف عن الأخطار التي تواجههم في مختلف المراحل والتي أدّت لجعلهم ضعفاء لدرجةٍ هدّدت بزوالهم .

وفي الحقيقة فإنً مشاكل الذكور تبدأ منذ وجودهم في رحم أمهاتهم، فالتحوّل على مدى 9 أشهر من بضع خلايا إلى رضيع هو وقتُ ضعفٍ شديد بالنسبة لهم. ففي جنسنا البشري، الإناث هنّ الجنس الافتراضيّ الأساسيّ، أيّ أنّ البشر جميعاً يبدؤون حياتهم الجنينيّة بصفات أنثويّة، وهذا سبب وجود الحلمات لدى الذكور، وإنّ التحول المعقّد من الإناث إلى الذكور يعرّض الذكر لرحلة محمّلة بمخاطر عديدة.

الإفرازات الأولى من التستوستيرون الناتجة عن وجود الصبغي Y تبدأ مع الأسبوع الثامن، فالدماغ ثنائيّ الجنس يجب أن يتحوّل إلى دماغ ذكوري بالكامل وذلك بقتل بعض الخلايا في مراكز التواصل وتطوّر عدد أكبر من الخلايا في مراكز الجنس والعدوانيّة، كما يجب أن يتحول الجهاز التناسليّ الأنثويّ إلى جهاز تناسلٍ ذكريّ وذلك بتطوّر بعض الأنسجة الخاصّة كالخصية والبروستات. وإتمام هذه التحولات يتطلّب عدداً أكبر من الانقسامات الخلويّة وبذلك يزيد احتمال حدوث الأخطاء، فضلاً عن زيادة قابليّة التأثّر بالملوّثات بشكلٍ عام.

بالاضافة إلى ذلك فالمستويات العالية من التستوستيرون التي يتعرّض لها الذكر أثناء وجوده في الرحم هي المسؤولة عمّا سمّاه سيمون بارون كوهين Simon Baron-Cohen الخبير بعلم النفس المرضيّ ( الدماغ الذكوريّ المتطرّف )، أيّ أنّه يُبدي انخفاضاً في التعاطف أو الاحساس بمشاعر الآخرين وزيادة في المنهجيّة، وهي نفس الحالة التي تظهر لدى الأولاد المصابين بالتوحّد.

وتُعتبر الصيغة الجينيّة للذكور بحدّ ذاتها من أبرز أسباب ضعفهم، فتركيبة كروموزومات الذكر XY هي ببساطة أكثر عرضة للخطر. حيث أنّ النسخة المضاعفة من الكروموزوم X لدى الإناث تقدّم بعض الحماية في الاضطرابات التي يكون فيها أحد الكروموزومات X يعاني من خلل ما، وعندها يمكن للكروموزوم X الآخر السليم تغطية الخلل. ولكن مع وجود كروموزوم X واحد، يفتقر الذكر لنسخة أخرى سليمة ليلجأ إليها وقت الحاجة.

كما أنّ الكروموزوم X هو الكروموزوم الأكبر، أيّ أنّه يحمل معلومات وراثيّة أكثر بكثير من الكروموزوم Y، وهذا بدوره يزيد احتمال حدوث خسائر في بروتينات أساسيّة لنمو الدماغ، ويعد هذا أحد الأدلّة على ارتفاع معدّل التوحّد لدى الفتيان.

ونجد أيضاً أنّ ثلثي الذكور هم أكثر عرضة للولادة المبكّرة قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، وعلى الرغم من التقدّم في مجال الصحّة العامّة إلًا أنّ الأولاد في سبعينات القرن الماضي كانوا أكثر عرضة لخطر الموت قبل بلوغهم عامهم الأول من البنات بنسبة 30%، وبالمقابل وفي خمسينات القرن الثامن عشر فقد كانوا أكثر عرضة للموت في سنّ مبكّرة بنسبة 10% فقط!

ويواجه الفتيان تحدّيات أخرى عند بلوغهم مرحلة الطفولة، فهم أكثر عُرضةً لمجموعة من الاضطرابات العصبيّة كالتوحّد مثلاً، فاحتمال إصابتهم يفوق الفتيات بخمسةِ أضعاف وذلك وفقاً لإحصائيّة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC. وهم أيضاً أكثر عُرضة للتسمّم بالرصاص وذلك حتّى عند التعرض لمستويات منخفضة منه، إضافةً إلى أنّ معدلات الربو عند الذكور أعلى منها عند الإناث.

يُعتبر جهاز المناعة لدى الفتيات هو الأقوى وذلك لاحتوائه كميّات كبيرة من الاستروجين الذي يساعد في حماية الدماغ من مخاطر عديدة، وإنّ المستوى المنخفض للاستروجين لدى الذكور يجعلهم أكثر حساسيّة لإصابات الرأس، فدماغ الذكور كما يصفه خبير التسمّم بالرصاص هربرت نيدلمان Herbert Needleman هو ببساطة أكثر هشاشة وأكثر حساسيّة تقريباً لجميع أذيّات الدماغ.

الذكور أكثر حساسيّة عند التعرّض للملوّثات البيئيّة المختلفة والموادّ الكيميائيّة وخاصةً في المرحلة الجنينيّة. ففي عام 2001 وجد الباحثون أنّ تعرّض الجنين للمواد الكيميائيّة كالمبيدات الحشريّة توثّر على حدّة ذكائه "IQ"، وكان هذه التأثير أشدّ على الذكور من الإناث. وأحد التفسيرات المقترحة هي أنّ المبيد الحشري يؤثّر على عمل الغدد الصم وذلك بكبت هرمونات جنسيّة محدّدة.

وبشكلٍ مشابهٍ فإنّ تعرّض الأمّهات الحوامل لمادة الفتالات phthalate التي تستخدم في صناعة بعض مستحضرات العناية الشخصيّة والألعاب يمكن أن تؤدّي لتغيّرات سلوكيّة كزيادة العدوانيّة ومشاكل في الانتباه وذلك بالنسبة للذكور أكثر من الإناث، وقد تؤدي الفتالات ايضاً لتأنيث الأعضاء الذكريّة.

وإنّ تعرّض الحوامل لمستويات عالية من المواد الكيميائيّة يمكن أن تؤدّي لولادة طفل يعاني من انخفاض هرمونات الدرق ولم تُلاحظ مثل هذه الحالات لدى الإناث. ومع أنّ هذا الانخفاض يبقى ضمن الحدود الطبيعيّة فقد يكون له تأثيرات هامّة لأنّ الهرمونات الدرقيّة تلعب دوراً أساسيّاً في توجيه نموّ الدماغ.

ولكن، ومع كلّ هذا، يمكننا أن نُزيل واحداً من الأخطار التي تهدّد بقاء الذكور مستقبلاً من قائمة الأخطار لدينا، وهي أنّ الكروموزوم الذكوري Y وبعد أن تضائل حجمه بشكلٍ ملحوظ عبر ملايين السنين يبدو أنّه توقف عن ذلك أخيراً.

ولكن بالرغم من ذلك، تبقى الحقيقة العلميّة بأنّ الذكور هم الأضعف، وهذا لا يعني نهاية الرجال، ولكنّ ضعفهم هذا يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على الجنس البشريّ بأكمله مستقبلاً مالم نجد طريقة لحمايتهم وتدارك ضعفهم.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: 123RF