التعليم واللغات > اللغويات

تغيُّر اللغات

تتمثُّل ظاهرة تغيُّر اللغة بحدوث تغيُّرات دائمة في خصائص لغةٍ ما واستخدامها عبر الوقت، إذ تتغير جميع اللغات الطبيعية، ويؤثر تغيُّر اللغة في كل مجالات استخدامها كالتغيُّرات الصوتية والتغيُّر في المفردات والتغيُّرات في المعاني والتغيُّرات النحوية، واللغويات المرتبطة بالزمن هي فرعٌ من علم اللغويات يهتم بدراسة تغيُّرات لغة ما أو لغات معينة عبر الزمن، ويسمى هذا الفرع باللغويات التاريخية.

فكَّر الناس على مدى قرون في سبب تغيُّر اللغة؛ إذ إن المشكلة ليست في الأسباب الممكنة التي يجري التفكير فيها بل هي تكمن في اتخاذ القرار بخصوص أيٍّ من هذه الأسباب يجب أن ندرسه بجدية.

وحتى عندما نحذف نظريات بعض الحركات أو الأفراد الأكثر تطرفًا وغرابة، سيبقى عندنا عددٌ هائلٌ من الأسباب الممكنة لأخذها بعين النظر؛ إذ إن جزءًا من هذه المشكلة هو وجود عدة عوامل سببية مختلفة تؤدي إلى تغيُّر اللغة، ليس فقط فيما يخص اللغة ككل ولكن أيضًا في أي تغيُّر منفرد.

يمكننا البدء بتقسيم أسباب التغيُّر المقترحة إلى فئتين كبيرتين؛ فمن جهة يوجد الكثير من العوامل اللغوية الاجتماعية الخارجية التي هي عوامل اجتماعية خارج نظام اللغة، ومن جهة أخرى هناك عوامل لغوية نفسية داخلية في بنية اللغة وعقول المتحدثين.

كلمات على طريق الاختفاء:

كلمتا amidst وamongst ("وسط" و"بين") رسميتان ومتكلفتان وكثيرًا ما نصادفهما في الكتابات التي تتطلب ثقافةً عاليةً وعلمًا واسعًا وعلى نحوٍ أقل في الكلام، ما يشير إلى إن هذه الكلمات على طريق الاختفاء. يوجد الكثير من العوامل التي تؤثر في المعدل الذي تتغير فيه اللغة، بما في ذلك مواقف المتحدثين تجاه الاستعارة والتغيُّر، فعندما يقدِّر متكلِّمو لغة ما الحداثةَ على سبيل المثال فسوف تتغير لغتهم سريعًا، وعندما يقدِّرون الثباتَ والاستقرارَ فسوف تتغير لغتهم ببطء، وعندما يُعدُّ لفظٌ أو كلمةٌ ما أو شكلٌ قواعدي مرغوبًا أكثر، أو عندما يوليه مستخدموه أهميةً وقوة أكبر فسوف يتبنونه ويحاكونه بسرعة أكبر، وأهم ما يجب أن نتذكره عن التغيُّر هو أنه ما دام الناس يستخدمون لغة ما فإن هذه اللغة سوف تخضع لبعض التغيير.

التغيُّرات المتقطعة والمنهجية في اللغة:

ربما تكون التغيُّرات في اللغة متقطعة أو منهجية، فعند إضافة مفردة لتسمية منتج جديد على سبيل المثال، يكون هذا تغيُّرًا متقطعًا ذا أثر صغير في بقية المفردات، حتى بعض التغيُّرات الصوتية متقطعة، فعلى سبيل المثال يَلفظ الكثير من متحدثي الإنكليزية كلمة catch أقرب إلى wretch منها إلى hatch (أي بلفظ الحرف الصوتي أقرب إلى "ي" منه إلى "ا").

تؤثر التغيُّرات المنهجية في كامل النظام أو النظام الفرعي الخاص باللغة؛ إذ يحدث تغيُّرٌ منهجي مشروط عن طريق السياق أو البيئة سواء أكان لغويًّا أم غير لغوي، فكثير من متحدثي الإنكليزية يستبدلون بالحرف الصوتي القصير e في بعض الكلمات (مثل كلمة bet) الحرفَ الصوتي القصير i (كما في كلمة bit)؛ فتكون أزواج الكلمات الآتية (pin وpen) و(him وhem) متطابقة في لفظها، وهذا التغيُّر مشروط لأنه يحدث فقط عندما يأتي بعد (e وi) حرفا (m وn)، لذا فإن أزواج الكلمات (pig وpeg) و(hill وhell) و(middle وmeddle) ليس لها اللفظ نفسه بالنسبة لهؤلاء المتكلمين.

أنموذج الموجة في تغيُّر اللغة:

ربما يُنظر إلى توزيع سمات اللغة الإقليمية بوصفها نتيجةً لتغيُّر اللغة في مساحةٍ جغرافية ما عبر الزمن، فيبدأ تغيُّرٌ ما في مكانٍ ما ونقطةٍ زمنية معينة، ثم ينتشر خارجًا من تلك النقطة الزمنية في مراحل مستمرة، وبذلك فإن تلك التغيُّرات المبكرة تصل إلى مناطق نائية لاحقًا، ويُشار إلى هذا الأنموذج من تغيُّر اللغة بأنموذج الموجة.

المصادر: 

هنا

(Jean Aitchison، Language Change: Progress or Decay? 3rd ed. Cambridge University Press، 2001)

(Kate Burridge، Gift of the Gob: Morsels of English Language History. HarperCollins Australia، 2011)

(Harriet Joseph Ottenheimer، The Anthropology of Language: An Introduction to Linguistic Anthropology، 2nd ed. Wadsworth، 2009)

(C.M. Millward، A Biography of the English Language، 2nd ed. Harcourt Brace، 1996)