التاريخ وعلم الآثار > النهضة الأوروبية و أعلامها

ربيع الأدب .... شارلوت برونتي

في مثل هذا اليوم الموافق ل 21 من شهر نيسان عام 1816 ولدت الروائية و الشاعرة شارلوت برونتي في مدينة ثورنتون غرب يوركشاير. هي الابنة الثالثة لستة أطفال للقس باتريك برونتي و زوجته ماريا. في عام 1820 انتقلت عائلتها إلى قرية هاورث وتوفيت والدتها بمرض عضال بعد الانتقال بسنة. لاحقا تم ارسال كل من شارلوت و اخوتها للدراسة في Cowan Bridge بمنطقة لانكشاير الأمر الذي ترك اثرا سيئا على صحة تشارلوت و أشقائها. نتيجة للمرض توفيت كل من ماريا و اليزابيث فقام والدها بنقلها هي و أختها إيميلي من المدرسة. يذكر بأن برونتي استلهمت هذه المدرسة لتكون اساسا مهما بنيت عليه روايتها الأشهر "Jane Eyre" . عانت عائلة برونتي سلسلة من الأحداث المؤسفة و التي على الرغم من قسوتها إلا انها قربت بين الأخوة حيث قامت شارلوت بدور الأم و الصديقة و المعلمة لأخوتها الأصغر سنا فقاموا سويا بخلق القصص و عاشوا بعالمهم الخيالي المصغر.

الأعمال الأدبية:

في عام 1833 كتبت شارلوت رواية قصيرة بعنوان القزم الأخضر ثم عملت كمربية لسنوات متلاحقة. كما شهد عام 1846 تعاونا بين كل من شارلوت و شقيقاتها إيميلي و آن وقاموا بنشر مجموعة شعرية مولوها بأنفسهم و نشروها تحت اسماء ذكورية مستعارة. ومما كتبته شارلوت بهذا الخصوص أن السبب يعود الى عدم رغبتهم في كشف هويتهم النسائية لانهم شعروا بأن اسلوب كتابتهم وتفكيرهم بعيد عن المنطق الانثوي بالإضافة الى تخوفهم من النظرة الدونية للكتاب النساء من قبل النقاد. و من الجدير بالذكر أن النقاد في تلك الفترة اعتادوا مهاجمة النص بناء على شخصية الكاتب و هويته وليس على أساس القيمة الأدبية و أما اذا أرادوا مدحه قاموا بمجاملة كاتبه بعيدا عن المصداقية. وهكذا على الرغم من تمكن الاخوة برونتي من بيع نسختان مت المجموعة إلا أنهم استمروا بالكتابة و بدأوا العمل على أولى رواياتهم.

لاحقا عملت شارلوت على أول ابداعاتها The Professor الا انها لم تتمكن من العثور على ناشر لها بالرغم من التشجيع الكبير الذي لاقته من قبل سميث،ايلدر،و كورنيل الذي أعرب عن رغبته بنشر أي عمل طويل ستقوم شارلوت بكتابته.

استجابت شارلوت بإرسال عمل آخر في آب 1847 و بعد ستة أسابيع قامت بنشر رواية Jane Eyre. تعتبر هذه الرواية من كلاسيكيات الأدب العالمي حيث تتناول قصة مدرسة بسيطة عانت من صعوبات جمة في أولى مراحل حياتها لتقع في غرام المسؤول عنها السيد روتشيستر،مالك المنزل الذي تعمل فيه. تنطوي الرواية على أحداث مثيرة تكشف عن الزوجة المريضة للسيد روتشيستر و التي تلقى حتفها بحريق ضخم ليتزوج بعدها كل من جين والسيد روتشيستر. في هذا العمل مزجت برونتي بين خيالها المبدع و تجربتها الشخصية ايمانا منها بأن الأدب يخلق عندما يعانق التجربة البشرية.حققت شارلوت نجاحا باهرا بنشرها للرواية الني لاقت نجاحا تجاريا و قبولا واسعا بين كل من الجمهور و النقاد. فمن أشهر الناقدين G.H Lewes. الذي وصفها بأنها التجسيد الواقعي للروح البشرية و قدرتها على تجاوز الصعوبات و المشقات. هذا و يمتاز أسلوب الرواية بالحداثة التي تجمع بين عناصر الواقعية و الميلودراما القوطية حيث تعتبر من اولى الأعمال التي ركزت على المنظور النسائي بسرد القصة. و يذكر بأن الرواية نشرت تحت اسم مستعار Currer Bell مما أثار تساؤلات عديدة عن هوية الكاتب سواء أكان رجلا أو أمرأة الأمر الذي ساهم بدوره في زيادة نجاحها.

بعد نجاح Jane Eyre بدأت شارلوت بكتابة رائعة أدبية أخرى من أعمالها و هي Shirly . ترافقت فترة كتابة الرواية من سلسلة من الاحداث المؤلمة التي تعرضت لها العائلة حيث توفي ثلاثة من أفراد العائلة خلال ثمانية أشهر. وهكذا بعد وفاة كل من شقيقها برانويل و شقيقاتها إيميلي و آن، تابعت شارلوت الكتابة و وجدت فيها وسيلة للتعامل مع حزنها. وهكذا نشرت شيرلي التي تناولت مواضيع مثل الثورة الصناعية و ٱثارها السلبية ونظرة المجتمع و تعامله مع المرأة. بعد نجاح أعمالها بدأت شارلوت بالإنخراط أكثر مع الحلقات الإجتماعية و أصبحت تترد بشك اكبر إلى لندن و عملت على تكوين صداقات جديدة مع كل من اليزابيث جاسكيل و هارييت مورتينو. بالرغم من الصداقة التي جمعت جاكسيل و برونتي لم تكن بتلك القوة الا انها اثبتت اهميتها حيث قامت جاسكيل بكتابة السيرة الذاتية لبرونتي بعد وفاتها. و من الأعمال الأخيرة التي كتبتها برونتي قبل وفاتها فهي Villette التي تناولت مواضيع مثل العزلة و كيفية التعامل معها و الصراع الناتج عن القمع الاجتماعي للرغبة الفردية. الشخصية الرئيسية لوسي سنو تسافر لتمتهن التدريس فتقع في غرام رجل يدعى بول ايمانويل الا انها لا تتمكن من الزواج به و تنتهي بحالة انهيار سرعان ماتتجاوزها و تنجح في تحقيق استقلالها . لم يبق الا أن نذكر بأن شارلوت تزوجت من رجل يدعى ارثر بيل نيكولاس بعد أن رفضت عرضه سابقا بالزواج لأسباب مادية و لكنها قبلت فيه. بعد الزواج تداعت حالتها الصحية و تعرضت لهجمات متلاحقة و مستمرة من الغثيان و التعب فتوفيت مع ابنها الذي كانت حاملا به عن عمر 38 سنة.

وهكذا لايسعنا سوى تخصيص هذه المساحة الصغيرة لنتذكر سويا بعض الانجازات التي حققها عباقرة الأدب و أبرزهم على الإطلاق شارلوت برونتي