الطب > طب الأسنان

الرهاب السني (الجزء الثاني)

يُعَد الرهاب السّني حالة خطرة تجعل المرضى في حال من الذعر والرعب، ويكون هؤلاء الأشخاص على دراية كاملة بأن خوفهم غير منطقي، ولكنهم لا يستطيعون فعل الكثير للتخلص منه. وسنتحدث اليوم عن بعض الوسائل النفسية والدوائية التي يمكنك اتباعها للتخفيف من هذا الرهاب.

من المهم أولًا أن تُعلم طبيبك في حال معاناتك من الرهاب السني؛ إذ يساعد النقاش الواضح والمفتوح في مسببات القلق السني الطبيبَ على تهيئة خطة معالجة خاصة بك. 

للرهاب السنّي أسباب متعددة، وتتعدّد التدابير العلاجية بتعدد الأسباب، ولا يمكن حصرها جميعًا بتدبير علاجي واحد فقط، وتقسم تلك التدابير إلى تدابير نفسية وتدابير دوائية أو كليهما، ويعتمد اختيار العلاج على عوامل معينة مثل خبرة الطبيب، وتجربته، ودرجة القلق السني، والصفات الشخصية للمريض والحالة السريرية، ومع مساعدة بعض الأدوية على التخفيف من الرهاب السني عند الضرورة؛ فإنّها تُستخدَم على أتمّ وجه عند دمجها مع التدابير السلوكية (النفسية) للحصول على نتائج تدوم مدّةً أطول.

التقنيات السلوكية الآتية سهلة التعلم وتتحسن مع الممارسة:

تقنيات التنفس

ينزع الأشخاص القلقون إلى حبس أنفاسهم أو التنفس بسرعة؛ ولكن هذا النوع من التنفس يزيد من القلق والإجهاد العضلي، في حين يتغلب التنفس العميق على التوتر الجسدي والعقلي، ومن الطرائق البسيطة لتعزيز التنفس العميق ممارسة الشهيق ببطء مع العد إلى الخمسة ومن ثم الزفير ببطء بالطريقة نفسها، وللتأكد من التنفس بعمق يمكنك أن تضع إحدى يديك أسفل بطنك ومن ثم التنفس، إذ يجب أن تشعر ببطنك يرتفع وينخفض في كل مرة.

إضعاف الحساسية

تجمع هذه التقنية بين التنفس العميق والاسترخاء مع التعرض التدريجي للمخاوف المحفزة للرهاب السني من خلال الأشرطة الصوتية أو أشرطة الفيديو أو مخيلة المريض، فمثلًا؛ من الممكن للمريض الخائف من الإبر أن يشاهد صورًا لإبرة التخدير الخاصة بطبيب الأسنان في بيئة آمنة كالمنزل، وزيادة التعرض لهذه التقنية بالتدريج، والهدف من هذه التقنية هو تعليم المريض كيفية الاسترخاء في أثناء التعرض لمحفزات الرهاب السني.

تشتيت الانتباه

يُعد صرف انتباه المريض لِشيءٍ مختلف عما يفعله الطبيب طريقةً أخرى للتخفيف من القلق والألم في خلال المعالجات السنية، وكلما كانت طريقة تشتيت الانتباه معقدة أكثر كانت النتيجة أفضل. (قد يكون سماع الموسيقا الهادئة غير كافٍ في بعض الأحيان)، فمن الممكن تشتيت انتباه الأطفال القلقين بالقصص أو الألغاز، ومن الممكن للبالغين ممارسة العدّ (كعَدِّ الصور الموجودة على الحائط أو غير ذلك). وليس بالضرورة أن يكون صرف الانتباه ذهنيًّا، إذ يمكن للحركات الجسدية -كأن يرفع المريض ساقيه كلتيهما  في أي وقت يتفاقم فيه القلق- مساعدةُ المريض على تجاوز مراحل معينة من القلق.

دمج عدة تدابير

يحتاج العديد من مرضى الرهاب السني إستراتيجياتٍ احتياطية في حال لم تكن التدابير السابقة كافية، وكما ذكرنا سابقًا، فالحل الأفضل هو الدمج بين عدة وسائل. 

 

بعض الطرائق الأخرى المُساعِدة على التأقلم مع القلق والرهاب السني:

- اطلب من طبيبك أن يشرح لك ماذا يحدث في كل مرحلة من مراحل العمل فذلك سيهيّئك لما سيأتي.

- اتفق على إشارة مع طبيبك عندما تريد منه التوقف أو إذا لم تكن مرتاحًا (كرفع يدك مثلًا) لتتمكن ببساطة من التقاط أنفاسك.

- يتطلب تدبير القلق السني الشديد أو الرهاب استخدامَ مسكنات خاصة (الغاز الضاحك)، أو أدوية مهدئة، أو التركين الواعي، أو التخدير العام، وفي بعض الأحيان من الممكن طلب استشارة من طبيب نفسي.

 

المسكنات الخاصة (الغاز الضاحك)

يُعرَف أكسيد النتروز بغاز الضحك، إذ يساعد المرضى على الاسترخاء نفسيًّا وجسديًّا. ويبدأ تأثير هذا الغاز بسرعة ويزول بسرعة عند انتهاء العمل، إذ يُوضَع قناع على وجه المريض يتنفّس من خلاله مزيجًا من الأوكسجين وأكسيد النتروز. ويبقى المريض مستيقظًا خلال العمل ويستطيع سماع كلام الطبيب وإجابته، ولكن لن يتذكر بالضرورة كل شيء بعد انتهاء الزيارة.

أدوية مهدئة تُعطى عن طريق  الفم

قد تُوصف أدويةٌ مهدئة مثل تيمازيبام (Temazepam) من قبل طبيب الأسنان أو الطبيب العام لمساعدة المرضى القلقين على الاسترخاء، وهي أدوية قصيرة المفعول وتُعطى بجرعة واحدة صغيرة قبل ساعة من الموعد حسب وصفة الطبيب. وعلى المريض اصطحاب مرافقٍ معه إلى العيادة في حال استخدامه أحدَ هذه الأدويةـ إذ إنَّه لن يستطيع قيادة السيارة بأمان نتيجة تأثير هذه الأدوية.

التركين الواعي

يُجرى من خلال إعطاء المريض أدوية مخصصة عبر التسريب الوريدي، ويفعل ذلك طبيب أسنان مختص بالتركين أو طبيب تخدير، فيسترخي المرضى أو ينامون نومًا خفيفُا طوال فترة التركين، وقد يشعر المرضى بالنعاس والغثيان بعد انتهاء الإجراءات، و يجب ألا يقودوا سياراتهم بعد الموعد السني. ومن الممكن إجراء هذا النوع من التركين ضمن عيادة سنية مختصة أو ضمن المستشفى.

التخدير العام

يُجرى التخدير العام في المستشفى من قبل طبيب أسنان أو طبيب تخدير، ويفقد المريض وعيه تمامًا، وتشمل الآثار الجانبية الغثيان وزمن نقاهة أطول من أشكال التركين الأخرى. ويُعَدُّ التخدير العام خيارًا جيدًا لبعض الأشخاص، ولكنه لا يساعد على التدرب على إستراتيجيات تدبير القلق السني أو الاعتياد على رؤية الطبيب، بمعنى آخر؛ لا يساعد على التخلص من الرهاب.