الكيمياء والصيدلة > الإنسان والإدمان

كيف يمكن للمخدرات أن تسبب الموت؟

تختلف التأثيرات التي تؤدّي إلى الموت جرّاء الجرعات الزائدة للأدوية باختلاف الدواء المُستخدَم، ومن هذه الأدوية المسببة للموت بجرعات عالية نذكر:

1-    كوكتيلات من أدوية مختلفة كالكحول مع المواد الأفيونيّة (Opiates):

معظم الأشخاص ممن يكونون تحت تأثير الجرعات الزائدة هم في الغالب تحت تأثير عدّة أدوية معًا؛ فقد صرَّحت شبكة التَّحذير من الإدمان على الأدوية في عام 2003 من أنَّ متوسط مجموع عدد الأدوية في الحالات المميتة من الجرعات الزائدة بلغ 2.7 دواء معًا.

وفي تلك الحالات لم تكن جرعات كل دواء بمفرده تصل إلى مستويات قاتلة، لكنَّ التأثيرات التآزريّة لمجموع هذه الأدوية معًا هي ما كان يؤدّي إلى الموت، ومعظم هذه الأدوية المستخدمة هي أدوية قانونيّة. فمثلًا إنَّ الجمع بين المواد الأفيونيّة (كالهيروين، أو مسكّنات الألم الموصوفة من الطبيب) مع الكحول يمكنه أن يعطي تأثيرات خطرة جدًّا، فكلاهما يكبحان عمليّة التنفّس لكن بِـآليَّتين مختلفتين.

فالجرعة السَّامَّة من المواد الأفيونية تزيد من التأثير المثبّط لـ مستقبلات GABA، ممّا يجعل التنفس بطيئًا ويتوقف في النهاية.

أمّا الجرعة الزائدة من الكحول فهي تؤثّر إمَّا بخفض التأثير المحفّز للغلوتامات (glutamate) مما قد يسبب غياب وعي، وقد يسبب في الجرعات العاليّة بطء عملية التنفس أو حتّى إيقافها؛ وإمّا يؤثر بطريقة أخرى حين يحاول الجسم التخلُّص من الكحول غير الممتص عن طريق إفراغ المعدة عبر التقيُّؤ مثلًا، فإذا تقيّأ الشخص وهو غائب عن الوعي فقد يستنشق القيء مما يعرّضه لخطر الاختناق.

وفي الحالة الطبيعية تكون إشارات التثبيط وإشارات التحفيز بحالة توازن، وبذلك تكون عملية التنفس مضبوطة ومنتظمة، أما في حال تعاطي الأفيونات أو الكحول فإن إشارات التثبيط والتحفيز لا تكون متوازنة، بل قامعة لعملية التنفس.

2-    النيكوتين (nicotine):

قد يؤدّي تدخين السجائر إلى الموت بسبب سرطان الرئة، لكنَّه لن يسبب ارتفاع تركيز النيكوتين إلى تراكيز زائدة وحدَه، إذ من الممكن الوصول إلى جرعات زائدة من النيكوتين بالجمع بين لصاقات النيكوتين أو علكة النيكوتين مع السجائر في الوقت نفسه. وهذا الجمع يُدخِل كثيرًا من مادة النيكوتين إلى الجسم أكثر من التدخين وحده، وعند وصول النيكوتين في الجسم إلى تراكيز مرتفعة فإنّه قد يتسبَّب بشل العضلات المسؤولة عن عملية التنفُّس أو قد يسبب نوبة قلبية.

في الجرعات العاديّة من النيكوتين التي يحصل عليها المدخّن بتدخين السّجائر؛ يرتبط النيكوتين بالمستقبلات النيكوتينيّة في الدماغ فقط، مُسبِّبًا تنشيطًا للجهاز العصبي المركزي، ومُحدِثًا الإدمان مع مرور الوقت، لكن دون أن يسبب أي تأثير على العضلات.

بينما في الجرعات المرتفعة -التي تحدث بسبب الدمج السابق ذكره- فيرتبط النيكوتين حينها بالمستقبلات النيكوتينيّة في كل من الدماغ والعضلات أيضًا، مُسبِّبًا حالة من الارتباك، والاختلاجات، والغيبوبة أحيانًا، ويؤثِّر في العضلات في هذه الحالة مُسبِّباً وخزًا عضليًّا أيضًا، و شللًا عضليًّا يمكن أن يصيب العضلات التنفسية مُسبِّبًا توقُّف التنفس.

3-    الكوكايين (cocaine) والمنشّطات الأخرى:

تؤدّي المنشّطات كالكوكايين والميثامفيتامين (methamphetamine) إلى تحفيز إطلاق الـ نورإبينفرين (norepinephrine) -المشابه للأدرينالين adrenaline- الذي يُنشِّط ويزيد من معدّل ضربات القلب، ويرفع ضغط الدم، كما يضيّق الأوعية الدموية.

يمكن للكوكايين أن يسبب الموت بطرائق مختلفة؛ أكثرُها شيوعًا النوبات القلبية أو ارتفاع الحرارة الشديد أو حتى الأضرار الدماغية، إذ بمجرّد أخذ جرعة صغيرة من الكوكايين تزداد نسبة التعرُّض لنوبة قلبيّة بقرابة 24 ضعفًا.

تحدث النوبة القلبيّة جراء تعاطي المنشطات بسبب ازدياد حاجة القلب إلى كميات أكبر من الأوكسجين عند ازدياد النشاط دون حصوله عليها بسبب تضيق الأوعية الدموية الحاصل.

أما ارتفاع الحرارة الشديد فيحدث بسبب ارتفاع معدلات الدوبامين المسؤول عن تنظيم حرارة الجسم، وبذلك اختلال قدرة الجسم على تبريد نفسه، ويؤدّي تأثير هذا الاختلال مع ازدياد معدل الحركة والنشاط إلى وصول الجسم إلى درجاتِ حرارة خطيرة من أهم آثارها فشلُ الأعضاء والموت.

وإضافة إلى ذلك؛ تحدث الأضرار الدماغيّة بسبب ارتفاع ضغط الدم الذي يزيد من نسبة التعرض لـ تمزق الأوعية الدموية ضمن الدماغ، ثم إنَّ تضيُّق الأوعية الدموية يقلل من معدل جريان الدم الذي قد يتسبب بأضرار دماغية خطيرة.

ترفع منشّطات أخرى مثل الأمفيتامين (Amphetamine) والميثامفيتامين (methamphetamine) و MDMA (ecstasy) من معدّلات الناقل العصبي الدوبامين والـ نورإبينفرين في الجسم أيضًا، مُتسببةً بنوبات قلبية، وارتفاع حرارة شديد قد يترافق أحيانًا مع أضرار دماغية أيضًا. ويُعدُّ ارتفاع الحرارة الشديد أشيع نتيجة للجرعة الزائدة من عقار ecstasy لأنه غالبًا ما يؤخذ ضمن النَّوادي الليليَّة حيث الجو حار ومزدحم.

مصدر المقال:

هنا