التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

المجتمع والعنف القائم على الميول الجنسية

لنُعرِّف بدايةً الميل الجنسي..

الميل الجنسي هو الجاذبية العاطفية أو الرومانسية أو الجنسية تجاه شخص آخر بغضِّ النظر عن جنسه، وهو مفهوم حديث نسبيًّا في قانون حقوق الإنسان، وأحد الأفكار السياسية المثيرة للجدل.

ويختلف هذا الميل بين الأشخاص؛ فمنهم من يميلون إلى الجنس نفسه، ويُسمَّون ب"المثليين الجنسيين".

وأشارت كثيرٌ من الدراسات إلى أنَّ المثلية الجنسية ليست مرضًا عقليًّا، وأنَّ الانجذاب إلى الجنس نفسه شيءٌ طبيعي؛ على الرغم من وجود دراسات أخرى وصفت المثلية الجنسية بأنَّها شذوذٌ جنسي ومرض شاذ، ولكن لم يُثبَت -إلى حدِّ الآن- صحة ذلك تجريبيًّا.

وهناك من حاول بذلَ جهودٍ لتغيير ميله الجنسي؛ ولكن ذلك لم يأتِ بنتيجة فعَّالة أيضًا.

وعندما أُجري فحصٌ لقدرات المثليين المعرفية؛ تبيَّن أنَّه لا يوجد فرق بينهم وبين الأشخاص الآخرين من ناحية قدراتهم المعرفية والنفسية واحترامهم للذات؛ ما يؤكِّد أنَّهم أشخاصٌ طبيعيون.

ولكن، وعلى الرغم من ذلك؛ بقيت وصمةُ العار تلاحقهم في مجالات حياتهم جميعها؛ ما جعلهم عرضةً للاضطرابات النفسية أكثر من غيرهم، وأثَّر سلبيًّا في نموهم الطبيعي؛ فبدلًا من انخراطهم في المجتمع والتفاعل مع أفراده، اضطروا إلى الاختباء من مجتمعهم؛ ممَّا أثَّر -في بعض الأحيان- في إنتاجيتهم واستفادة المجتمع من طاقاتهم.

وقد تعرَّض كثيرٌ من المثليين للإيذاء اللفظي، ومن العبارات التي اعتادوا سماعها: "أكرهُ المثليين، يجب حظرهم من هذا البلد"، "ابتعد عنِّي، أنت شاذٌّ لا أحتمل الوقوف أمامك"، "إنَّه شخصٌ غبي، لأنَّه مثلي"، وغيرها الكثير...

وأكَّدت دراسات عديدة أنَّ التمييز الذي يتعرَّض له المثليين له آثار نفسية كبيرة عليهم، تودي بهم إلى الانتحار أو تعاطي الكحول والمخدرات أو التسرُّب من المدرسة.

ويُعَدُّ الانتحار أكثر الأسباب شيوعًا عند الشباب المثليين؛ إذ ترتفع احتمالية محاولة هؤلاء الشباب الانتحار من 2 إلى 6 مرات مقارنةً مع الشباب الغيريين، ويُقدَّر أنَّ ما يقارب 30% من شابات وشباب مجتمع الميم لديهم مشكلات فيما يتعلَّق باستهلاك الكحول، وتُقدَّر نسبة الطلاب المثليين المتسرِّبين من المدرسة الثانوية -بسبب الاضطهاد اللفظي والجسدي- بما يقارب 28%. أمَّا في المنزل؛ فقد صرَّح نصف الشباب رفضَهم من قبل آبائهم بسبب ميولهم الجنسية.

وفي دراسة شملت 194 شخص مثلي؛ لُوحظ أنَّ 25% منهم  قد تعرَّض للاعتداء اللفظي من قبل آبائهم، و10% تعرَّضوا للتهديد والعنف الجسدي بسبب ميولهم المثلية فقط!

ويسعى مدافعو حقوق الإنسان والناشطون الحقوقيون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان كرامة المثليين الجنسيين؛ عن طريق الدعوة إلى إعطائهم حقوقهم الأساسية في الحياة، وأكَّدت عديدٌ من المعاهدات على تلك الحقوق.

فَالحقوق التي يطالبون بها هي حقوق يتمتَّع بها أيُّ شخص طبيعي؛ منها الحقوق السياسية، والمدنية، والاقتصادية، والاجتماعية، الأساسية دون حقوق إضافية أو خاصة، إذ يُحرَم معظم هؤلاء الأشخاص منها كونهم شاذين جنسيًّا.

ويطالبون بحقِّهم في الحياة الكريمة، والعمل، والتعليم، وحرية التعبير.

ويتعرَّض المثليون في عديدٍ من الدول لعقوبة الإعدام بتهمة اللواط!، وفي أماكن أخرى، يُحرمون من تكوين جمعيات خاصة بهم على نحو صريح؛ ما يمنعهم من التعبير عن رأيهم.

أمَّا في العمل؛ فقد تعرَّض العديدُ منهم للفصل أو الطرد بسبب ميولهم الجنسية وتطبيق سياسة التمييز.

وفي المدرسة؛ يعاني الطلاب المثليون التمييزَ بسبب المدرِّسين، إضافة إلى تعرُّضهم للأذى اللفظي والجسدي من أقرانهم؛ ما يخلق بيئة ًغير آمنة لهم، فضلًا عن إنكار حقِّهم في تكوين أسرة وتبنِّي الأطفال، حتى في حال كان للشخص شريكٌ جنسي واحد.

ختامًا؛ إذا لم يُقدِّم الأهل والمدرسة الدعمَ والتوجيه لأولادهم؛ بغضِّ النظر عن ميولهم وآراءهم وخياراتهم في الحياة؛ من سيفعل ذلك؟ وإلى مَن سيلجؤون؟

لذا ينبغي على الآباء احتضانهم وتقديم الحب والدعم لهم دون تمييز، ويجب خلقُ بيئة آمنة للأطفال والشباب في المدرسة، خاليةً من التعنيف والتمييز من أجل بناء مجتمع يدعم أفراده على الرغم من اختلافاتهم.

 

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا