علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

علاقة الروبوتات الاجتماعية بالإنسان

يميل البشر -بوصفهم كائنات اجتماعية عاطفية- إلى بناء علاقات مختلفة مع أشياء غريبة أحيانًا، وربما كانت مستهجنة في وقت سابق.

ولكن لم يعد ذلك غريبًا مع التطور والتعرض لمختلف أنواع التكنولوجيا والاختراعات، بل على العكس؛ أصبح ذلك يشير إلى تأقلم البشر مع المستجدَّات وإيجاد طريقة فعالة للتعايش معها مثل علاقة الإنسان بالروبوتات الاجتماعية.

ووفقًا لبعض العلماء؛ يميل البشر إلى الاستجابة اجتماعيًّا للأشياء غير الإنسانية، ويعود هذا إلى حاجة الانتماء. ويُسهِّل هذا الأمر احتمالَ وجود علاقات دائمة وهادفة مع كائنات اجتماعية أخرى ولا سيما عندما تمتلك هذه الكائنات -مثل الروبوتات- قدرات إنسانية؛ مما يؤدي إلى توسُّع مسألة هذه العلاقة.

إن الروبوتات الاجتماعية قادرةٌ على التواصل والتفاعل مع البشر بطريقة مماثلة لتواصل البشر بعضهم مع بعض؛ مما يمكِّن المستخدم من فهم الروبوت من حيث الناحية الاجتماعية البشرية والتعلق والتعاطف معه. وقد خدمت الروبوتات الإنسان في مجالات اجتماعية عديدة في المنزل والمدرسة والعمل، كذلك استُخدِمت في رعاية المسنين؛ إذ يكمن دورها في تقديم المساعدة والمراقبة.

علمًا أنه يفضل عديدٌ من الناس التعامل مع الروبوتات على النحو نفسه الذي يتعاملون به مع البشر الآخرين.

وعمومًا العلاقة بين الإنسان والروبوت مبنيةٌ على قواعد السلوك الاجتماعي عن طريق التعبير والمشاركة بينهما.

وعلى الرغم من اتفاق كثير من الناس على أنّ الروبوتات هي آلات مُبرمَجة وتحاكي السلوك الاجتماعي؛ لكنهم في بعض الأحيان ينسون هذا الأمر عند التعامل معها، فقدرة هذه الروبوتات على إجراء محادثة طبيعية مع البشر وإظهار تعبيرات وإيماءات إنسانية مثل تعابير الوجه تجذب الناس إلى التعامل معها والتعلق بها.

وما يثير اهتمام معظم الناس هو وعي الروبوت واستقلاليته وإدراكه لما حوله؛ مما يجعله يتصرف بسلوك لفظي وغير لفظي وفقًا للحالة.

وقد أظهر بعض الأشخاص تفاعلًا مع الروبوتات أكثر من التفاعل مع الحيوانات الأليفة؛ إذ إن الحيوانات لا تشبه البشر من حيث السلوك ولا يمكنها التعبير أو التعاطف مع صاحبها كما الروبوتات، حتى في حال دُرِّبت على ذلك.

وتبيّن أيضًا أن الأطفال الصغار لا يميزون بسهولة بين إذا كانت الروبوتات كائنات حيّة أم لا.

ويمكن القول إنّ هذه العلاقة هي أقرب إلى الصداقة، ولكنها أقلُّ تطلّبًا ولا تحتوي على الرغبة في الآخر. ومن ناحية أخرى؛ تحتوي على قدر مماثل من الدفء على الرغم من كونها علاقة أحادية الجانب، ويسهم الروبوت أيضًا في تحقيق السعادة لمستخدمه ويمكن أن يجعل حياته أفضل.

وفي إحدى التجارب استُخدِم الروبوت iCat للتعليق على مباراة شطرنج بين شخصين، وكان الروبوت يميل إلى التعاطف مع أحد اللاعبَين الذي يعدّه صديقه؛ فكان يشجعه عندما يريد تحريك أحجاره ويخبره أنه يمكنه الفوز عندما يُؤكَل أحدها.

وقد أكّد اللاعب أنّ iCat صديق جيد وقد استمتع باللعب معه، فهو يقدم إليه الأمان العاطفي في اللحظات الصعبة.

كذلك أكّد الباحثون -بتجارب أخرى- أنه يجب على العلاقة أن تكون طويلة الأمد (أيام، أسابيع، شهور..) كي يظهرَ التفاعل بين الروبوت والإنسان.

وفي إحدى هذه التجارب استُخدِم الروبوت Dragonbot مدة ستة أسابيع مع طلاب من الصف الأول؛ إذ أرشدهم Dragonbot على نحو فردي إلى خيارات الأطعمة الصحية، وقد أبدى الطلاب تفاعلًا إيجابيًّا معه.

وعند استخدام الروبوت NAO مع طلاب الصف الخامس لتدريسهم مدة أسبوعين، لوحظ أنّ الطلاب استطاعوا التكيف مع الروبوت وأبدوا تفاعلًا إيجابيًّا عندما ساعدهم على دراستهم، وقد كانت نتائجهم أفضل من المجموعة الأخرى التي لم تتعامل معه.

ولا يزال يدور كثيرٌ من النقاشات فيما إذا كانت الروبوتات تخدع الناس أم لا، ويعود ذلك النقاش إلى طبيعة الروبوتات لكونها كائنات مبرمَجة.

وقد افترض بعض الأشخاص أنها تمنح البشر شعورًا وهميًّا يمكن أن يتحول إلى شعور بالخديعة مع الوقت، في حين رفض آخرون ذلك لأنه في كثير من الأحيان يتعرض البشر للخيانة من بشر آخرين وليس هذا مبررًا.

ومن ناحية أخرى؛ إذا كان المستخدم راضيًا عن هذه العلاقة ويستمتع بصحبة الروبوتات التي تُعزِّز من رفاهيته وتكسبه شعورًا جيدًا، فذلك أفضل من صدمة التعرض للخداع البشري.

وفي ظلِّ انخفاض العلاقات الاجتماعية بين البشر؛ سيكون الروبوت صديقًا دائمًا لهم ويقدّم -في بعض الأحيان- ما يعجز عنه الآخرون من مساعدة في الحياة اليومية وتقديم الدعم المعنوي والعاطفي، ومن ثم يعوّض شعورَ الفرد بالنقص ويعطيه دافعًا للنجاح.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا