الفنون البصرية > الرسوم المتحركة والإنمي

الأعجوبة اليابانية الأنِمي! - جولة في تاريخ تطورها

كَبُرَ أغلبنا بلا شك وهو يشاهد رسوم الأنِمي مثل الشهير بوكيمون (Pokemon) وأبطال الديجيتال (Digimon) وغيرهم الكثير، وتشتهر تلك الرسوم بالتصاميم الفريدة للشخصيات فقد كانت تلك الشخصية ذات العيون المستديرة تأسِرُنا بجمالها مع شعرها الكثيف التي تتمتع بلياقة بدنية عالية أحياناً وتقابلها الشخصية الضخمة ذات الجسد القوي وفي بعض الأحيان يكون أبطالها الروبوتات مثل أجنحة كاندام (Gundam Wing).

صورة ملصق أنِمي أجنحة كاندام.

فمن أين جاءت تلك الرسومات؟ دعونا لا نبتعد كثيراً عن اليابان، فاليابان هي مسقط رأس هذا النوع من الرسوم المتحركة أو ما يُعرف بالـ (Anime)؛ التي تُقرأ هكذا "ani-may"  فهي كلمة تصف الرسوم المتحركة اليابانية والتي تنتشر في أصقاع العالم كثيراً، وعلى عكس الرسوم المتحركة الأمريكية مثلاً التي تخاطب الأطفال فالرسوم المتحركة اليابانية تحظى بشعبية كبيرة بين المراهقين والبالغين اليابانيين ويشاهدها الملايين منهم والأمر نفسه ينطبق على القصص المصورة اليابانية التي تُعرف باسم المانغا (Manga).

بدأت اليابان بإنتاج الرسوم المتحركة في عام 1917م - عندما كان عصر الأفلام الصامتة قائما -عن طريق تقنيات رسم "التجربة، والخطأ"- وعصر الرسوم المتحركة المبنية على القصاصات، استنادًا إلى أفلام الرسوم المتحركة القصيرة من فرنسا والولايات المتحدة، وبدأ الناس يتحدثون عن الجودة العالية لأفلام المانغا اليابانية، التي كانت أكثر تكلفة للإنتاج من الرسوم المتحركة الغربية وقد طغت عليها شعبية رسوم ديزني، وواجهوا معركة شاقة من البداية.

ساعدت حملات الدعاية والعلاقات العامة من قبل المؤسسات العامة إنتاج الأنِمي في أخذ مكانهم والانطلاق وبدأ إنتاج الأنِمي المحلي في تطوير قاعدة صغيرة ولكنها صلبة، ولكن عندما عانت طوكيو والمنطقة المحيطة بها من أضرار كارثية في زلزال the Great Kantō عام 1923م، واضطرت صناعة الأنِمي للبدء من جديد من نقطة الصفر.

استمرت صناعة الأنِمي في التخبط، دون قدرة على الاستجابة والتكيف على نحو كافٍ مع الابتكارات المتتالية، بما في ذلك ظهور الأحاديث الأولى والخروج من الأفلام الصامتة  في عام 1929، والسينما الملونة في عام 1932، وفي أثناء هذه الفترة فاز "أوفوجي نوبورو Ōfuji Noburō" بإشادة دولية عن "لص قلعة باغودا -Bagudajō no tōzoku"، الذي صنعه عن طريق قطع الشيوجامي (ورق ملون ياباني) ولصقها، ويُذكر أن فيلمه هو أول من ذاع صيته خارج اليابان.

يمكنك الاطلاع على Bagudajō no tōzoku من هذا الرابط:

ثم ظهر العديد من الفنانين الآخرين الواعدين واحدًا تلو الآخر، ولكن مع اقتراب الحرب، شهدت اليابان نقصاً شديداً في المواد والمؤن بسبب الحرب العالمية الثانية وكذلك سيطر النظام العسكري على كل شيء فيها، لدرجة أصبح فيها الحصول على الأقلام نفسها أمراً صعباً، فاضطر الناس إلى الامتثال لمطالب الحكومة، وفي ظل تلك الظروف وقبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل عُرض فيلم "موموتارو: جندي البحرية -Momotarō: Umi no shinpei" الذي كان باللونين الأبيض والأسود لمدة ٧٤ دقيقة، وقد مَوَّله سلاح البحرية الياباني وهو فيلم دعائي لرفع الروح القتالية وكان حينها أطول فيلم في تاريخ الأنِمي الياباني.

تستطيعون مشاهدة فيلم  Momotarō: Umi no shinpei من هنا:

وفي السنوات التي بدأت فيها اليابان من التعافي من أهوال الحرب العالمية الثانية، رأى أوكاوا هيروشي (Ōkawa Hiroshi)، رئيس شركة Tōei للأفلام لاحقاً، فيلم بياض الثلج من ديزني في عام 1937، فأعجب كثيراً به وبألوانه الرائعة.

و في عام 1956م بنى استوديو حديثًا، أطلق عليه الناس اسم Tōei Dōga وأصبح الآن Tōei Animation، وكان طموحه أن يصبح "ديزني الشرق"، وكان أول فيلم لهم تحت اسم أسطورة الأفعى البيضاء (Hakujaden).

وقد أرسلت شركة ”Tōei“ وفدَ استطلاع لأمريكا بخصوص هذا الفيلم واستضافت خبراء إلى اليابان وأتقنوا نظام شركة ديزني واستفادت منه على نحوٍ كامل كما وظفت الشركة الكثير من الموظفين وكانت تعدّهم لصناعة الأنِمي على نحو أفضل وأكثر احترافية تحت إشراف رسامين محترفين (animators) مثل موري ياسوجي Mori Yasuji و دايكوهارا أكيرا Daikuhara Akira.

صورة من الأنِمي أسطورة الأفعى البيضاء

وظهر اسم لامع في تلك الصناعة بعد الحرب وهو الفنان الشاب أوسامو تيزوكا Tezuka Osamu الذي أصدر أول عمل له تحت اسم جزيرة الكنز (Shin Takarajima)  وأسس شركة إنتاج خاصة به في عام 1962 تحت اسم Mushi Productions، إذ أصدر أفضل أعماله وهي الفتى أسترو (Astro Boy) أو (Tetsuwan Atomu) وكان أسلوب الرسم فيه مستمداً من السينما الفرنسية والألمانية، وكانت تكلفته باهظة إذ كانت تدفع محطات التلفزيون تكلفة إنتاجه ولذا كانت هناك ضرورة لتغيير سياسة إنتاجه ولذلك حاولوا تقليل التكلفة بتقليل عدد اللوحات المستخدمة في الإنتاج وتقليل الخطوط في اللوحات واستخدام صورة ثابتة وتحريك الكاميرا بدلاً من ذلك ومحاولة اختصار القصة واستخدام موسيقى ومؤثرات صوتية حتى الحوار نفسه لم يسلم من محاولة تخفيف تكاليف الإنتاج.

صورة لملصق أنِمي الفتى أسترو

بحلول عام 1963م عبَر الفتى أسترو الحدود الدولية وعُرض أول مرة على محطات NBC في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد نجاح الفتى أسترو أصدر تيزوكا عملاً آخرَ يعرف باسم سيمبا الأسد الأبيض Kimba the White Lion، وكان هنالك الكثير من الجدل في الماضي عن هذا الأنِمي بعد أن أصدرت ديزني نسخة مماثلة من الأسد في فيلم سينمائي وكان سيمبا هو الشخصية الرئيسية فيه، على الرغم من أن ديزني تنفي هذا.

وفي وقت لاحق، جاء فنانون آخرون إلى بعض الأضواء مثل أكيرا تورياما Akira Toriyama، وروميكو تاكاشي Rumiko Takashi، وهاياو ميازاكي Miyazaki Hayao ، وإيساو تاكاهاتا Takahata Isao، وغيرهم الكثير.

يعمل ميازاكي  في Studio Ghibli الشهير، ويعدُّ ميازاكي أحد  أكثر فناني الرسوم المتحركة شهرةً اليوم ونذكر تحفته الفنية الأميرة مونونوكي  Princess Mononoke.

ومازالت صناعة الأنِمي مستمرة في غزو العالم حتى الآن بشهرتها عند كافة الفئات العمرية وتمتلك معجبين من كافة أصقاع العالم، وما زالت تتطور الرسوم فيها بتطور العلم والوسائل الحديثة للرسم…فلأي مدى يا ترى ستصل بانتشارها؟

المصادر  : 

1- هنا

2- هنا