البحث العلمي والمنهجية العلمية > البحث العلمي

تدنّي المصداقية العلمية في أكثر المقالات العلمية شيوعًا عام 2018

تؤثر أخبار الصحة والدواء في حياة الكثيرين، لذلك تُشارَك بكثافة على الإنترنت ويحقق عدد كبير منها انتشارًا واسعًا؛ إذ تحظى جمل مثل "دراسة علمية" و"وجد الباحثون" بكمٍّ هائلٍ من الثقة.

فهل تلك المقالات جديرة بثقة القُرَّاء؟

لمعرفة ذلك أُجريت دراسة بالتعاون مع ائتلاف المصداقية Credibility Coalition لدراسة الدقة العلمية لمقالات الأخبار الصحية؛ فجُمِعت أولًا قائمة من المقالات التي حظِيت بأكبر عدد من مشاركات وسائل التواصل الاجتماعي (التعليقات والمشاركة وإبداء الإعجاب) باستخدام بيانات من Buzzsumo، ومن ثمّ دُعِيَ أطباء وعلماء ذوو خبرة لتقييم المصداقية العلمية لأفضل عشرة مقالات علمية واسعة الانتشار عام 2018 مُختارَة من القائمة.

وقد حققت ثلاثة مقالات فقط من المقالات العشرة التي راجعها المختصون درجةً عاليةً من المصداقية، في حين حققت أربعة مقالات درجةَ مصداقية متوسّطة؛ ممّا يُشير إلى أنّ المراجعين لم يجدوا أخطاءً جوهرية في هذه المقالات على الرغم من احتوائها على معلومات وبيانات مضلَّلَة.

وعلى الرغم من عدم تضمُّن هذه المقالات أخطاءً علمية كبيرة؛ لاحظ المراجعون قضايا أخرى أثّرت في المصداقية كالافتقار إلى التفاصيل والسياق والمبالغة في أهمية نتائج الأبحاث وسوء تفسيرها.

وتسلِّط نتائج هذه الدراسة عن المقالات العشرة الضوءَ على بعض المشكلات التي تخص كيفية صياغة الصحفيين للأخبار الصحية؛ إذ تهتم بعض المقالات فقط بوصف النتائج والبحوث في المجلات الحية.

ويساعد تقديم النتائج العلمية بطريقة متوازنة ووضع المعلومات في سياقها القرّاءَ على فهم الصورة الكاملة، إضافةً إلى تفسير النتائج تفسيرًا صحيحًا لتجنُّب الاستنتاجات الخاطئة.

ويمكن أن تفرض هذه المتطلبات لتقديم المعلومات الصحية الصحيحة تحديًّا على الصحفيين غير المؤهَّلين أو من لا يمتلكون الخبرة الفنية الكافية، وفي هذه الحالة؛ قد يكون الحصول على تعليقات من مؤلفي الدراسة أو الخبراء المستقلين عاملًا يساعد على إيصال المعلومة بدقة.

أما فيما يخص متابعي الأخبار الطبية وقارئيها في وسائل الإعلام عمومًا، فهناك عدّة أسئلة يجب طرحها عن أيّ موقع للتحقُّق من مصداقية مصادر المعلومات التي يقدمها:

1) هل هذا المصدر موثوق؟

احرص على فحص بيانات المصدر لتحديد ما إذا كان يمتلك المؤلف أو المؤسسة الخبرةَ والتدريبَ اللازمين لتوفير المعلومات.

وفي حال كانت المعلومات طبية فتُعزَّز المصداقية عمومًا إذا وفّرتها مؤسسة طبية، وهي كيان يجمع المهنيين ذوي المعرفة الطبية أو وكالة صحة حكوميةـ إضافةً إلى ذلك، تُعدّ المنشورات الخاضعة ل "مراجعة الأقران" peer review -أي مراجعة متخصصين في مجال الدراسة- مؤشّرًا جيدًا على مصداقية المعلومة.

2) هل هذه المعلومات حديثة؟

يتطوّر الطب والمعلومات الطبية بسرعة فائقة؛ فما كان صحيحًا البارحة قد توجد فيه بعض الاختلافات اليوم، لذا يجب أن تكون المعلومات الطبية التي نقرؤها مواكبةً لتطور الأبحاث الطبية التي تقدّم باستمرار معلومات جديدة عن الحالات الطبية وأفضل السبُل لعلاجها أو الوقاية منها؛ مما يحتّم على الخبراء مراجعة المواد وتحديثها على مواقع الويب بانتظام.

ويجب أن تنشر مواقع الويب تاريخَ آخر تحديث أو مراجعة بوضوح، حتى إذا لم تتغير المعلومات منذ فترة طويلة. ويجب أن يشير مالك الموقع إلى أن هذه المعلومات لا تزال صالحة بناءً على مراجعة شخص ما مؤخرًا.

3) هل هذه المعلومات دقيقة؟

المعلومات الدقيقة هي المعلومات المدعَّمَة بدليل علمي مُثبَت، والدليل الأقوى هو الدليل الذي تعطيه التجارب العشوائية المضبوطة randomised controlled trials.

4) هل هذه المعلومات أولية أم ثانوية؟

تُعدّ معظم المعلومات المنتشرة على الإنترنت معلومات ثانوية؛ أي إنّها معلومات عالجها شخصٌ ما (قد يكون غير متخصص)، فهل من الممكن الاعتماد على معالجة الآخرين للمعلومات وكيفية فهمهم لها؟ وماذا لو فهمَ الكاتب المعلومة على نحو خاطئ ونشرَها حسب فهمه لها دون رقابة؟

إذًا من المهم أن نعتمدَ على المعلومات الأولية؛ أي المصادر التي تنشر المعلومة الأساسية، وأن نتحققَ من مصادر معلوماتنا الثانوية وخضوعها للرقابة ومراجعة الأقران.

نتمنّى لكم في نهاية مقالنا هذا تصفُّحًا رشيدًا مليئًا بالمعلومات الصحيحة وخاليًا من التضليل.

المصادر:

هنا

هنا

هنا