المعلوماتية > الذكاء الصنعي

تعليم الحواسيب خداع البصر البشري

هل هذه الدائرة خضراء أم رمادية؟ هل خطوط المركز مستقيمة أم مائلة؟

يمكن للأوهام البصرية أن تكون ممتعة؛ لكنَّ إدراك كيفية فهم الأدمغة البشرية لهذه الظواهر المختلفة يُعدُّ مجالًا نشطًا للبحث العلمي.

للأوهام البصرية فئات عديدة منها الظواهر السياقية، وتكون فيها التصورات معتمِدةً على السياق. يعتمد اللون الذي تراه في مركز الدائرة (في مثالنا) على لون الحلقة المحيطة به. أحيانًا يجعل اللونُ الخارجي اللونَ الداخلي يبدو شبيهًا به؛ مثل حلقةٍ خضراء مجاورة تجعل الحلقة الزرقاء تظهر باللون الفيروزي، وفي أحيانٍ أخرى يجعل اللون الخارجيُّ اللون الداخلي أقلَّ شبهًا؛ كحلقةٍ وردية اللون تجعل الدائرة الرمادية تبدو خضراء.

عاد فريقٌ من خبراء الرؤية الحاسوبية Computer Vision في (جامعة براون) Brown University إلى الأساسيات من أجل فهم الآليات العصبية لهذه الظاهرة السياقية. بدأ فريق البحث برئاسة (توماس سيري) Thomas Serre -الأستاذ المشارك في العلوم المعرفية واللغوية والنفسية في (جامعة براون)، وكاتب الورقة الرئيسي- بأنموذجٍ حاسوبيٍّ مقيد بالبيانات التشريحية والعصبية للقشرة البصرية. يهدف الأنموذج إلى التعرُّفِ إلى كيفية إرسال الخلايا العصبية القشرية المجاورة رسائلَ بعضها إلى بعض، وضبط استجابات بعضها بعضًا عند وجود محفزاتٍ معقدةٍ؛ مثل الأوهام البصرية السياقية.

وقال Serre: "إنَّ أحد الابتكارات التي أدرجها الفريق في الأنموذج الخاص به هو نمطٌ محدد من الاتصالات يُعبِّر عن ردود الأفعال المفترَضة بين العصبونات؛ إذ تزيد اتصالات ردود الفعل أو تنقص من استجابة الخلايا العصبية المركزية اعتمادًا على السياق البصري".

إنَّ هذه الاتصالات غير موجودة في معظم خوارزميات التعلُّم العميق. والتعلم العميق هو نوعٌ من أنواع الذكاء الصنعي القادر على تعلُّم الأنماط المعقدة من البيانات؛ مثل تعرُّف الصور، ومعالجة اللغات الطبيعية، ويعتمد على طبقاتٍ متعددة من الشبكات العصبونية الصنعية التي تعمل معًا؛ إذ تتكون كل طبقة من عدة عصبونات يُضبط أداؤها عن طريق ضبطِ أوزان الوصلات بين الطبقات، لذا فإنِّ معظم خوارزميات التعلُّم العميق لا تتضمن سوى الوصلات التي تربط بين الطبقات، وليس اتصالات ردود الفعل التي ابتكرها Serre بين عصبونات الطبقة الواحدة.

قدَّم الفريق مجموعةً متنوعة من الأوهام البصرية المعتمدة على السياق بعد إنشاء الأنموذج. ضبط الباحثون قوةَ التفاعلات المسببة لزيادة أو تثبيط ردود الفعل؛ إذ تستجيب العصبونات الأنموذجية بطريقةٍ تتسقُ مع بيانات علم الأعصاب الواردة من القشرة البصرية الدماغية، ثم اختبروا الأنموذج على مجموعةٍ متنوعة من الأوهام السياقية، ووجدوا مرَّةً أخرى أنَّ الأنموذج يدرك هذه الأوهام مثل البشر.

ومن أجل اختبار ما إذا كان الأنموذج معقدًا أكثر مما يجب أزالوا بعض التوصيلات على نحوٍ انتقائي، مما أدَّى إلى عدم تطابق البيانات مع بيانات الإدراك البشري على نحو دقيق.

وقال Serre: "أنموذجنا هو أبسط أنموذجٍ ضروريٍ وكافٍ لشرح سلوك القشرة البصرية فيما يتعلق بالأوهام السياقية، وقد كان هذا بالفعل عمل علم الأعصاب الحاسوبي Computational Neuroscience، إذ بدأنا بأنموذجٍ لشرح بيانات علم الأعصاب، وانتهينا بتوقعاتٍ للبيانات النفسية الفيزيائية البشرية".

يطورُ Serre هذا الأنموذج بهدف تحسين الرؤية الصنعية، بالإضافة إلى تقديم تفسيرٍ موحد لكيفية رؤية البشر الأوهامَ البصرية. وأشار إلى أنَّ أحدث خوارزميات الرؤية الصنعية؛ مثل تلك المستخدمة لتوقُّع الوجوه الموجودة في صورة نشرتها لأصدقائك على فيسبوك، تواجه صعوبة في رؤية السياق. وعن طريق تضمين الاتصالات الأفقية التي ضُبطت بواسطة أوهامٍ بصرية تعتمد على السياق؛ فإنَّه يأمل في معالجة هذا الضعف.

المصادر:

هنا

هنا