منوعات علمية > ألعاب رياضية

فنون القتال والدفاع عن النفس - الجزء الأول

تعريف فنون القتال والدفاع عن النفس "Martial Arts"

هي مجموعة من التمارين الرياضية القتالية والدفاعية التي تهدف إلى تنمية شاملة للجسم والعقل، وعلى الرغم من وجود أصناف عديدة لها واختلاف ممارساتها من بلدٍ إلى آخر؛ فهي تشترك في هدفٍ واحدٍ وهو هزيمة الشخص المنافس جسدياً أو القدرة على مواجهته والدفاع عن النفس امامه.

إنَّ مصطلح "Martial" مشتق من مارس "Mars" إله الحرب الروماني، وتَعني فنون مارس أو فنون المريخ، وقد انتشر هذا المصطلح بين الأوروبيين في القرن الخامس عشر.

وقد ترتبط بعض فنون الدفاع عن النفس بالفلسفات الروحية والمعتقدات الدينية مثل البوذية والطاوية والشِنتو*، وعادةً ما تُنسَبُ إلى شرق آسيا ولكنها كانت منتشرة على نحوٍ واسعٍ في معظم أنحاء أوروبا، وسُمِّيت بفنون الدفاع عن النفس الأوروبية التاريخية وأهمها سافات Savate**، أمَّا في أمريكا فقد كان الأمريكيون الأصليون يمارسون الرياضات القتالية الحُرَّة مثل المصارعة وبعض الحركات الرياضية مثل كابويرا Capoeira.***

تاريخ فنون القتال:

في شرق آسيا:

يعود الفضل في تأسيس الفلسفة التأملية البوذية والتأثير في الفنون القتالية غير المسلحة إلى الراهب الهندي داروما "Daruma" الذي تحدثت عنه أسطورةٌ قديمةٌ بأنَّه عاش قرابةَ 550 سنة ميلادية، وكانت فنون القتال الآسيوية في القرن السادس قبل الميلاد مزيجاً من الفنون الصينية والهندية؛ إذ حدثت تجارات عديدة بين هذه الدول.

تدَّرب الرهبان قديماً على رياضة الكونفو في الصين في معبد شاولين "Shaolin"، وفي القرن السادس بعد الميلاد انتشرت الكونفو شاولين في أنحاء آسيا كافة، وتأثرت أوكيناوا Okinawa (مجموعة جزر ما بين الصين واليابان) بالكونفو، وأَوجَدت فناً قتالياً خاصاً بها، سُمِّي تود Tode؛  إذ تُقرأ "To" كارا "Kara" في لغة الكانجي.

ومع بدايات القرن العشرين بدأ تعليم الكاراتيه في المدراس عامةً، وكان هناك إقبال كبير عليها من سكان أوكيناوا، وانتشر تعليمها في اليابان؛ إذ أنشؤوا أندية يابانية للكاراتيه التقليدية وسرعان ما وصلت إلى جزر هاواي.

ظهرت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رياضةُ الجودو اليابانية التي اكتسبت شعبيةً أوسع من شعبية الكاراتيه، ولكن مع حلول ستينيات القرن العشرين بدأ مدرب الكاراتيه فوميو ديمورا Fumoi Demura  بتقديم أساليب الكاراتيه وعرضها في أمريكا والعالم، وذلك عن طريق أفلامه القوية مثل مسلسل كاراتيه كيد The Karate Kid، إضافةً إلى جهوده في تعليم الكاراتيه بأسلوبه المميز، فعادت شعبية الكاراتيه إلى سابق عهدها.

شهدت فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ازدياداً واضحاً في اهتمام وسائل الإعلام والسينما بفنون القتال؛ ويعود الفضل في ذلك إلى الأفلام الآسيوية مثل أفلام البطل بروس لي Bruce Lee الذي أبدى اهتمامه على نحوٍ واسعٍ بفنون القتال، وكذلك ظهر لاحقاً الفنانان جاكي شان Jackie Chan وجيت لي Jet Lee في فلمٍ نجح في إلهام العالم الفنون القتالية الصينية عدَّةَ سنوات.

في أوروبا:

وُجِدت الفنون القتالية في الحضارة الأوروبية الكلاسيكية خاصةً في اليونان؛ إذ كانت الرياضة جزءاً لا يتجزأ من حياتهم.

تُعدُّ الملاكمة والمصارعة من الألعاب الأولمبية القديمة، فقد درس الأوربيون أساليب القتال التي ظهرت من عام 1400م إلى عام 1900م متضمنة الأساليب المستخدمة عملياً في المبارزات مثل الرماية والقتال بالسيف والدرع والمشاجرات الجسدية وغيرها.

ولكن انخفض اهتمام الأوروبيين بالفنون الدفاعية مع ظهور الأسلحة النارية، وكان ذلك السبب الرئيس في اختفاء الفنون القتالية التقليدية ذات الجذور التاريخية في أوروبا، فإمَّا أنَّها تلاشت وإما تطورت إلى نمط من أنماط الرياضات الحديثة غير القتالية، مثل رياضات الجمباز للرجال التي كانت تُدرَّب قديماً لِتمكينهم من تغيير مواقعهم على الخيول بسرعة وإنقاذ رفاقهم الذين قد يسقطون عن خيولهم ومن أجل أداء أكثر فعالية على أرض المعركة.

في الأمريكيتين:

كانت الشعوب الأصلية في الأمريكتين تخضع للتدريبات العسكرية منذ مراحل الطفولة، وشملت التدريبات الرماية واستخدام الرمح والقوس والسكاكين وغيرها، وكانوا ينتسبون إلى النوادي الحربية في سن المراهقة ثم يَحصلُ العديد من الرجال وبعض النساء على لقب المحارب وذلك بعد إثبات أساليب قتالهم في المعارك.

طَوَّر البرازيلي كارلوس جريسي Carlos Gracie رياضةَ الجيو جيتسو Jiu Jitsu البرازيلية، التي كانت مزيجاً من رياضة الجودو والجوجوتسو Jujutsu وهو الذي أصبح أحد أهم الفنون القتالية الشعبية، واشتهرت في البرازيل أيضاً رياضة كابويرا القتالية التي كانت بدورها تحتاج إلى درجة عالية من المرونة لممارستها، وتضمنت تقنيات الركل واللكمات   وضربات الكوع والرأس.

وفي عام 2003م كان هناك أكثر من مليون ونصف مواطن أمريكي يمارسون فنون القتال والدفاع عن النفس.

في أفريقيا:

اشتهر الأفريقيون برمي السكاكين ضمن حلقات دائرية (حلبات المبارزة)، وكذلك انتشرت بعض أساليب المصارعة في غرب أفريقيا، أما القتال بالعِصيّ فهو أسلوب يعود إلى ثقافة قبائل الزولو في جنوب أفريقيا.

إنَّ معظمَ الفنون القتالية التي نصادفها في يومنا هذا جاءت من اليابان ودول آسيا المجاورة لها، وطُوِّرت إلى أن أصبحت من الرياضات العالمية مثل الجودو والكاراتيه والأيكيدو وغيرها من فنون الدفاع عن النفس. سنتحدث في مقالنا القادم عن قواعد بعض الفنون القتالية الحديثة وأشكالها؛ تابعونا.

هوامش

*الشنتو: ديانة قديمة وُجِدت في اليابان، ويَعتقدُ مُتبنِّي هذه الديانة بأنَّ الروح الإلهية التي يدعوها كامي Kami تكمن في الطبيعة داخل الأشجار القديمة والجبال العالية والشلالات الطويلة، إضافةً إلى وجود بعض الطقوس الأخرى ولكنها تفتقر إلى الكتب الدينية.

**سافات "Savate": وهو أسلوب من أساليب الركل الفرنسية طوره بعضُ مُقاتلي الشوارع.

***كابويرا "Capoeira": وهي فن قتالي أوجده العبيد في البرازيل الذين جاؤوا بتلك المهارات من أفريقيا.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا